عام 2020 المشرف على نهايته، هو عام الانتصارات الميدانية والدبلوماسية على مستوى قضية الصحراء المغربية؛ بدءا من قرار الأممالمتحدة الأخير الذي وصفته وزارة الشؤون الخارجية ب"الواضح والحازم والثابت"، ثم بتوالي فتح تمثيليات دبلوماسية لدول عربية وإفريقية ومن أمريكا الشمالية، وانتهاء باعتراف الولاياتالمتحدة بالسيادة الكاملة للمغرب على صحرائه. في هذا الحوار الذي خص به 2m.ma، يقدم عبد الفتاح الفاتحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية، قراءته لهذه المنعطفات التي شهدتها القضية الوطنية ومستقبل هذا النزاع المفتعل في ظل هذه المستجدات. ماهي قراءتك لهذه الانتصارات التي حققتها القضية الوطنية الأولى؟ مما لاشك فيه أن قرار الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، فيه إسناد قانوني ودبلوماسي وأمني للمملكة المغربية، مما يجعلها لاعبا قويا في المنطقة، وأن المغرب ربح من هذا الاعتراف تأمين صداقة تاريخية وتعاونا ناجحا، مما كرس تقديرا للمغرب كحليف استراتيجي موثوق فيه أمريكيا. إن أهمية الاعتراف الأمريكي تتجاوز مسألة النزاع حول الصحراء إلى إشهاد على الثقة والمصداقية التي تحظى بها المملكة المغربية على الصعيد الدولي؛ لأنه يتضمن أيضا إقرارا أمريكيا بمصداقية الشراكة مع المغرب في استراتيجية محاربة الإرهاب وفعالية التعاون الاقتصادي عبر اتفاقية التبادل الحر. أما من الناحية الدبلوماسية، فإن المملكة المغربية كسبت حليفا وفيا في مجلس الأمن، فبعد الإسناد الفرنسي، فإن الولاياتالمتحدة ستصبح داعما علنيا للمملكة المغربية عند أي بحث عن تسوية سياسية على مستوى مجلس الأمن الدولي. كما أن الموقف الأمريكي الراهن ستترتب عنه العديد من التداعيات والتحولات الكبرى والتي ستكون أكبر من أن يتحملها خصوم الوحدة الترابية، حيث تم إقبار أي تصور للحل خارج الحكم الذاتي، وأن أي تدبير للنزاع يتجاوز جبهة البوليساريو التي أصبحت لحظة تاريخية وانتهت. هناك قنصليات افتتحت في مدينتي الداخلةوالعيون بالأقاليم الصحراوية، بالإضافة طبعا إلى عزم الولاياتالمتحدة إنشاء قنصلية لها بالداخلة. ما هي أهمية ودلالات إحداث هذه القنصليات الأجنبية في أقاليمنا الجنوبية؟ إن عزم الولاياتالمتحدةالأمريكية افتتاح قنصلية لها بمدينة الداخلة، سيزيد حتما من جلب الاستثمارات الأمريكية والأجنبية، وهو ما سيعزز التنمية الاقتصادية والاجتماعية للأقاليم الجنوبية وسيسرع رهان المملكة المغربية جعل منطقة الصحراء نموذجا تنمويا للقارة الإفريقية وصلة وصل استراتيجي بين أوروبا والقارة الإفريقية. إن مهمة البعثات الدبلوماسية والقنصلية بحسب اتفاقيات فينيا حول العمل الدبلوماسي والقنصلية تتجاوز العمل الإداري، إلى ابتكار واكتشاف مجالات للتعاون الاقتصادي والاجتماعي بين الدول، وتبعا لذلك، فإنه يتوقع أن تتعزز المشاريع الاستثمارية الدولية بشكل ملحوظ. ذلك لأن تجاوز أي عقوبات يمكن أن يتخوف منها المستثمر الدولي تجوزت بالاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء وبوجود قنصلية عامة لها بالداخلة، وعليه سنشهد مزيدا من الاستثمارات بل وسنشهد منافسة كبيرة مع الدول الكبرى، ولا سيما تلك التي في حاجة لجسور مهيأة للبلوغ إلى الإمكانيات الاقتصادية المتاحة بإفريقيا. ماهي التداعيات التي ستكون لاعتراف أمريكا بسيادة المغرب على صحرائه؟ أعتقد بأن مسار المغرب الاقتصادي والتنموي في الأقاليم الجنوبية سيتزايد بوتيرة كبيرة جدا سيما وأنها ستعزز باستثمارات أمريكية كبيرة. ذلك أن اتفاق التبادل الحر مع الولاياتالمتحدةالأمريكية والذي لم يكن يشمل الأقاليم الجنوبية لاعتبار النزاع سيغطي اليوم بشكل أوتوماتيكي كامل خريطة المملكة المعترف بها أمريكيا بعد الاعتراف. إننا سنكون أما حتمية وجود تداعيات كبيرا على مستوى التنمية الاقتصاديةوالاجتماعية بالأقاليم الجنوبية، تتجاوز التداعيات القانونية والسياسية لملف نزاع الصحراء؛ أي أن وماقع ما بعد الاعتراف الأمريكي سيكون حاسما في الرفع من شهية الشركات الدولية والعابرة للحدود للاستثمار في هذه الأقاليم،الأمر الذي سيؤثر على مواقف بلدانها سياسيا، وهو ما سيدفعها إلى الاسراع بالاعتراف أو فتح قنصليات لها بالأقاليم الجنوبية. سيتلقى المغرب في القريب سيلا من طلبات فتح قنصليات في العيون أو الداخلة، وبذلك ستزداد عزلة الجزائر إقليميا ودوليا، وقد لا تقاوم أكثر من سنة في موقفها المتصلب حتى تقبل بالعودة إلى طاولة المفاوضات بوزن أقل مما كانت ستحظى به لو قبلت مناشدات الملك محمد السادس لها بضرورة العمل على التطبيع البيني والعمل على تهيئة الأجواء من أجل إحياء المغرب العربي الكبير. وحيث إن دعوة البيت الأبيض إلى الدخول في مفاوضات لإنهاء النزاع على أساس الحكم الذاتي باعتباره الحل الأنسب والواقعي فإن في الأمر حسم موضوعي لنزاع الصحراء وأن في ذلك توافق لما سبق وخلص إليه مجلس الأمن الدولي من حل النزاع يجب أن يكون حلا واقعيا وعمليا ومستداما. كيف تتوقع إذن مستقبل هذا النزاع المفتعل، خصوصا بعد هذه الخطوة الأمريكية الغاية في الأهمية؟ يبدو أن إنهاء قضية نزاع الصحراء بات قاب قوسين أو أدني بالنظر إلى أهمية وقوة الموقف الأمريكي وتشابك علاقاته الاقتصادية والسياسية، فإنهيرتقب أن نعيش اعترافات دولية أخرى. أعتقد بأننا سنشهد تحولا كبيرا في المواقف السياسي للعديد من الدول، والتي بكل تجعل العديد من الدول ترجح مبدأ المقاربة الواقعية والبرغماتية وهي خلاصة ما توصل إليه مجلس الأمن في قراره الأخير رقم 2548 حول الصحراء. وعليه، فإن غالبية الدول ستترجم هذا القرار في إرادتها السياسية بترجيح البرغماتية في أي تصور للتعاطي مع المغرب فيما يتعلق بملف وحدته الترابية وسنشهد سباقا نحو الأقاليم الجنوبية للاعتراف أو إحداث قنصليات عامة لها توفر لها ظروفا أنسب للاستفادة مما تزخر بهذه الأقاليم من ثروات طبيعية وإمكانيات اقتصادية ضخمة.