إن ما يثير الحسرة والأسف ما أضحت عليه الرياضة بالمنطقة الشرقية من أوضاع مزرية جعلت المتتبعين والمهتمين الرياضيين الحاليين يدقون ناقوس الخطر معلنين عصر اندحارها وانحطاطها كليا..ويتنبئون بزوال هذه الممارسة بالمنطقة من وقع الفوضى العارمة التي يعرفها هذا القطاع الحيوي منذ أمد طويل..مما جعلها بمثابة مضيعة للأموال و هدر للطاقات الشابة والمتجددة بعدما بات يسيطر على المنخرطين والمستثمرين على سواء حالة من التشاؤم بعدما أصبحت هذه المنطقة غائبة عن الخريطة الرياضية الوطنية وخفتان بريقها كأنها أضحت عاقرا في إنجاب النجوم والأبطال الذين يمثلونها في المحافل الوطنية والعالمية كما كانت في الأمس القريب. فأصبحنا نعيش سنة أسوأ من مثيلاتها فيما يخص النتائج واندحار جل الفرق المعروفة إلى الأقسام المخزية والدونية، فعايشنا لمرات عدة سقوطها كأوراق الخريف كفريق المولودية إلى القسم الثاني وفريق النهضة والنجم إلى أقسام الظلمات المفجع رغم المجهودات المحتشمة والمبذولة. فكان من بين الأسباب المباشرة ذو الصبغة التسييرية المحضة والتي كانت و مازالت تنخر جسد هذا القطاع بشكل مطرد و متزايد. وخاصة بعدما أصبحت الفرق المحلية تستولي عليها عقليات متحجرة ونفوس مريضة تتلذذ لآلامها و تمارس عليها ساديتها، مما جعلها في موقع الاندثار والزوال لا مفر منه بسبب جهل وتعنت مسؤوليها والذين اتخذوها مطية للشهرة وتحقيق مآربهم في الاغتناء الفاحش. و خير دليل على ذلك ما يحدث في جميع أنحاء المدينة من تلاعبات في تسخير المال العام في أمور بعيدة عن الرياضة، واستغلال هذه الأخيرة ومبادئها الشريفة في جمع الأموال والاغتناء الفاحش وذلك بتنظيم دوريات شكلية وصورية تلتهم الأخضر واليابس من الميزانيات المخصصة لدعم هذا القطاع الحيوي بمساهمة أهم الفاعلين الاقتصاديين كشركة كوكاكولا- كوليمو -سنطرال-..و مسؤولين عن التدبير الجماعي المحلي (الجماعة المحلية - الشبيبة والرياضة..) بطرق ملتوية وبعيدة كل البعد عن الشعارات المستهلكة التي يعملون بكل جهد وتفنن على تسويقها. فمثلا نظم خلال شهر رمضان الأخير دوري كأس المدينة بعد أن غاب منذ سنوات، حيث عاد هذه السنة بحلة جديدة والتي ميزه توكيل أمور تسييره و تنظيمه إلى مندوبية الشبيبة والرياضة بوجدة بعد أن غابت عن تنظيمه منذ زمن طويل هذا الدوري الذي حسب ما راج وأعلِن ساهمت فيه ولاية وجدة والجماعة الحضرية وعدة فاعلين اقتصاديين، حيث اتفق على مشاركات جميع الفئات من مواليد 1989 إلى مواليد 1999، كما جرت أطواره الإقصائية الأولى بالملعب الشرفي وملحقه والملعب البلدي بالنسبة للكبار والقاعة المغطاة بالنسبة للصغار. وقد كانت الاجتماعات التمهيدية بمقر مندوبية الشبيبة والرياضة بحضور ممثلين عن جميع القطاعات المساهمة والفرق المشاركة تحت رئاسة السيد المندوب الولائي للشبيبة والرياضة بمثابة أحد الدوافع والعلامات الإيجابية التي جعلت عدة فرق وجمعيات محلية تنظم إلى هذا المهرجان الرياضي، كما وضعت اللمسات الأخيرة خلال هذه الاجتماعات المكثفة، حيث وعدت الفرق المشاركة بإمدادها بجميع الإمكانيات من أجل إنجاحه وخاصة الأدوات الرياضية وعدة وعود مشجعة . وكانت البداية على العموم بداية اتضح من خلالها وجود فارق شاسع ما بين ما يقال في الكواليس و الاجتماعات وما بين الواقع المر. حيث أبانت الانطلاقة الأولية على عدة نواقص ونقص الجدية الموعودة حيث غياب كامل لمسيرين أكفاء بحيث اختلطت العشوائية والنخبوية وعدة تجاوزات همت على الخصوص البرنامج المسطر والكامل للدورة حيث لم تجر عدة مقابلات بالملعب البلدي بحيث أجرى المؤهلين عنه مقابلات وهمية على الورق بسبب التلاعب ومباركة فاضحة من ممثلي القطاع المنظم، كما أن عدة فرق تأهلت إلى الأدوار النهائية في فئة 94-95 بطرق ملتوية وبسبب تغييبها المتعمد، و انعدام التنسيق ما بينها و بين المنظمين ليفتح المجال لفرق نخبوية تنتمي إلى مدرسة الشبيبة والرياضة المنتمية للجهاز المنظم الذي لم يكن محايدا بل امتدت هذه المحسوبية المعيبة إلى الفئات الصغرى التي أجريت مقابلاتها بالقاعة المغطاة، بحيث اتضح للعيان تواجد عدة فرق منتمية لمدرسة الجهاز المشرف عن الدورة والمحتلة طيلة السنة لهذا القاعة الرياضية، بحيث أصبح منخرطوها النخبويين يدمرون أرضيتها الخشبية بأحذيتهم الحديدية كأنها ملك لهم وحدهم دون غيرهم..ناهيك عن التعصب المفرط لمسيري ومدربي فرقها المشاركة بأسماء مستعارة بطريقة جعلت المشاركين يتساءلون عن هذه الدورة الرياضية التي تحمل إسم المدينة منظمة من أجل عيون منخرطي هذه المدرسة النخبوية ؟؟. وقد خلقت خلال هذه الدورة الفاشلة عدة عراقيل من طرف مسيريها و منظميها أنفسهم و خاصة في البرنامج المسطر، وبالتالي انسحبت عدة جمعيات فاعلة بسبب عدم إجراء مقابلات حاسمة (الجسور-الكوثر- أمل المحرشي..( كما كانت الارتجالية والعشوائية في إبلاغ الفرق على مقابلاتها أهم ما طبع هذه الدورة، حيث بشكل سافر إقصاء جمعيات وفرق نشيطة بشكل جعل الدورة الرياضية تفقد وميضها أهدافها الرياضية وبالتالي أبانت أن دورة كأس المدينة أو "الغبينة" كما سماها البعض هذه السنة فاشلة لأسباب معروفة تبقى في مجملها ذات صبغة تسييرية محضة.. ويمكن تلخيص الأسباب الحقيقية لهذا الإخفاق الشنيع فيما يلي : - توكيل أمور تسيير هذه الدورة الرياضية لأشخاص بعيدين كل البعد عن الشأن الجمعوي والرياضي في حين كان من الأجدر اختيار مسييرين و أطر الجمعيات المشاركة لما يتوفرون عليه من حنكة وتجربة وحماس في هذا الميدان و كذا لمصداقيتهم المعروفة من طرف المتتبعين والمشاركين على سواء . - وجود أهداف غامضة و غير إنسانية و خاصة استعمال فرق الأحياء والجمعيات التي تهتم حقا بأبناء الأحياء كوسيلة لسد التلاعبات والتجاوزات في الميزانيات المسخرة لمثل هذه الدوريات الرياضية الكبيرة و التي تحمل إسم المدينة، و كذا تقزيم دورهم و ضرب مصداقيتهم أمام ممارسيهم و أوليائهم عرض الحائط، مما جعل الفرق المشاركة حاليا تعاني لرد اعتبارها أمامهم بعد الوعود الكاذبة و فشل الدورة ككل . - انسحاب وإقصاء عدة فرق بسبب انعدام التنسيق المسبق وعدم توزيع البرنامج الكامل للدورة لها في الوقت المناسب بمثابة أهم الملامح البارزة التي أبانت عن الارتجالية والاستبداد الذي طبع التنظيم و كذا عدة أمور مما طبخ في الكواليس وخاصة ما جرى بالملعب البلدي من مقابلات صورية وعدة تجاوزات كان ضحيتها فرق لم تستدع لإجراء مقابلاتها وأخرى أقصيت عن طريق الغش والتدليس و عدة أمور مصاحبة كضعف التحكيم وانعدامه بشكل عام بالإضافة إلى فرض إتاوات على بعض الفرق من أجل المشاركة أو التأهل . إن دوري كأس المدينة المنظم هذه السنة كان وسيكون دائما وصمة عار على المساهمين فيه و عملا مشينا يجسد الهوة الواسعة الموجودة بين الأهداف النبيلة للجمعيات والفرق الشريفة و الصادقة. وهؤلاء المسؤولين على تنظيم الشأن الرياضي الذي كان دائما شفافا بأعمالهم هاته يحاولون تعكير صفوه..بل إن هذه الدورة الرياضية الفاشلة أبانت كذالك مدى التهميش واللامبالاة التي تعاني منها فرق الأحياء والجمعيات الرياضية التي تنشط الأحياء الهامشية و أنه رغم انخراط عدة مساهمين من الطراز الرفيع والوزن الثقيل في تنظيمها فقد كتب لها منذ أول وهلة الفشل الدريع بسبب تداخل المصالح والنية المبيتة والسيئة. وكذا الغموض الذي اكتنف جميع مراحل الدورة و خاصة لوحظ اهتماما غير مسبق بالتقاط الصور من جميع الفاعلين و ذالك لتوظيفها في استهلاك الميزانيات المرصودة لمثل هذه الدورات الرمضانية الكبرى و لاستغلالها في أهداف غير رياضية و لا إنسانية معروفة . فلهذا فلقد كان توكيل أمر تنظيم هذه الدورة التي تحمل إسم المدينة إلى مندوبية الشبيبة والرياضة بمثابة حجرة عثرة التي أفقدتها بريقها على عكس السنوات الفارطة والمنظمة من طرف الجماعة الحضرية وعدة غيورين مثل الإطار الرياضي الكبير مصطفى الراضي.. ويمكن أن نعتبر أن افتقاد الجهاز المشرف على التنظيم لأطر متحمسة للعمل التطوعي كما كانت في السابق سببا في هذا الفشل الدريع الذي لا محال له سيخلق نوعا من عدم الثقة في برامجها المستقبلية وخاصة أنها تزمع تنظيم بطولة سنوية للجمعيات و فرق الأحياء فما بالك فشلها في دورة قصيرة الأمد و الفضيحة الكبرى ولحد كتابة هذه السطور مازالت لم توزع جوائز الفرق الفائزة والمشاركة على سواء بل تعرضت للنهب و السرقة وفقدانها لرمزيتها الزمنكانية. و حاليا نسمع عن دوري سينظم يوم 07 نونبر 2010 بالملعب الشرفي اختير له إسم ذكرى المسيرة الخضراء أحد الملاحم الوطنية التي يعتز بها كل مغربي غيور و فخور بوطنه..هذا الدوري الذي يجرنا إلى الحديث عن دوري المستعمرين الجدد و الذي فرضته علينا عنوة عقليات مستوردة من الخارج كامتداد للاستعمار الجديد الذي أصبحت تعرفه المنطقة بعد الاستعمار الاقتصادي والفكري فأصبحنا نعاين نوعا آخر منه امتد إلى الرياضة الأكثر شعبية بالمدينة..هذا الدوري الذي سيمول بسخاء وغباء من طرف عدة فاعلين اقتصاديين محليين سلبيين وتدفع تكاليفه الباهظة جماعتنا الحضرية من الميزانيات المرصودة لمساعدة الجمعيات الرياضية للمدينة، مما يفسر للعيان أوجه التدبير (التبذير) الجماعي الذي أصبحنا نعايشه في الفترة الأخيرة والذي سيخصص مجمله في مصاريف إيواء واستجمام الفرق المشاركة و المحظوظة التي كلها من المنطقة وهذه قمة التبذير، بحيث كان من الواجب تفادي هذا الإسراف المخطط والذي يدل على جهل أصحاب الفكرة أو أن هناك تلاعبات لا يعرفها إلا أصحابها بحيث بما أن الفرق جلها من مدينة وجدة فلماذا المبيت و الإيواء أو كما يقال أن بيت القصيد و الحكمة في هذه المصاريف وما خفي كان أعظم وأقبح يستدعي التمعن والافتحاص الشامل. إن هذا الدوري الذي نظم بمباركة مسؤولينا وإشراف أحد رموز عائلة رياضية معروفة والتي أصبحت تعيث تبذيرا و فسادا رياضيا بعدما أصبحت تتفنن في تنظيم موائد وولائم فاخرة على شكل محاضرات تافهة لا تسمن و لا تغني من جوع بل مجرد مهاترات وخطابات بيزنطية القصد منها التشويش وتغذية الصراع الذي أصبحت تعرفه المدينة من أجل الاستيلاء على مفاتيح التحكم بأحد فرق و رموز المنطقة رياضيا من أجل تحطيمها فأصبحت تسخر جميع إمكانياتها وخاصة المنحة السنوية لجمعيتها و التي تتجاوز عشرة ملايين سنتيم للوصول إلى مبتغاها الذي لن يتحقق أبدا لوجود فريق العاصمة الشرقية في أيادي آمنة تعرف نواياهم المبيتة والدفينة وخاصة بعد أن فقدت قوتها التي استمدتها لسنوات من علاقاتها لمسؤولين تم استبعادهم مؤخرا من كواليس الجامعة الملكية لكرة القدم.. إن هذه الأعمال المشينة والتي تشمئز منه الأنفس ويتبرأ منها كل من ضحى من أجل الاستمرار الفعلي للرياضة بالمنطقة لدليل قاطع على ما تعيشه الرياضة بمدينتنا من تداخل الاختصاصات والفوضى التي أصبح يعيشها قطاع الرياضة بالمدينة.. لهذا وجب في هذا الشأن ضرورة إيقاف هذه التلاعبات المشمئزة مع اعتماد و تعزيز آليات المراقبة و الافتحاص والمحاسبة لهذه الجمعيات المحلية والدولية التي تمارس أنشطتها ببلدنا باعتبارها النهج القويم والفعال لوضع حد للتعتيم التي تعرفه ماليتها من تبذير وسوء تدبير وغيرها من الممارسات المخالفة للقانون والروح الرياضية٬ و كذا تهيئة نظام عصري و محلي لتنظيم القطاع الرياضي المحلي و تأهيل الفرق والجمعيات بمختلف أنواع نشاطها الرياضي لدخول عالم الاحترافية و كذا دمقرطة المكاتب المكلفة بتسييرها في إطار يحفظ الركائز الراسخة لدولة الحق والقانون و التدابير الملائمة لمواكبة التطورات المتسارعة التي تشهدها الرياضة الوطنية و العالمية وذلك كله لتجاوز حالة الجمود وغياب النتائج المشرفة للرياضة الشرقية والتي جعلت المواطن المحلي يعيش إحباطا بسبب النكسات التي ألمت بفرق الجهة الشرقية٬ كما حان الوقت اليوم أكثر من مضى أن يقدم مسيرو قطاع الرياضة والجمعيات وكذا النوادي بدون استثناء استقالتهم باعتبارهم المسؤولين الأولين فيما آلت إليه رياضتنا الشرقية التي أصبحت تحتاج إلى أكثر من رؤية و أكثر من مخطط لتقديم الحساب لان كما تجري العادة في الدول الديمقراطية أن عقب كل كبوة يتم تغيير كل مكونات اللعبة دون استثناء و أن يخضع المسؤولين إلى جميع أشكال الإفتحاص المالي و الفكري. كما يقتضي و ضع إستراتيجية محلية موحدة الأهداف و متعددة الأبعاد للنهوض لهذا القطاع الحيوي و تمشيط الحقل الرياضي برمته من الجمعيات الصورية و الانتهازية..لكي تفرز من هو جدير بالبقاء وتحمل المسؤولية ومن هو مطلوب للمحاسبة بعد أن أصبحت جمعيات غير مرغوب فيها وتنقيتها من كل الشوائب و الضرب بيد من حديد على كل من الأصوليين الانتهازيين والمتطفلين على هذا الميدان ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب بعيدا عن النرجسية و الأنانية و نكران الذات. وبات مطلوبا الآن و قبل أي وقت مضى استرجاع ثقة المواطن الشرقي الذي قل اهتمامه بالقطاع الرياضي و ضاق درعا بالخطابات الجوفاء و لم يعد يفرق بين جمعية صالحة و أخرى طالحة في غياب تنظيم رياضي محلي محض و شريف و في غياب رجال محليين يؤمنون بالقضية الرياضية و دورها الفعال في التنمية المحلية و يتميزون عن غيرهم بالتأطير المحكم و توعية الشباب، و يتحلون بالصبر و نكران الذات و الحرص على الموروث الرياضي الشرقي الذي أصبح حاليا عرضة للزوال والاندثار.