بعد فشله في الاقتطاع من أجور البرلمانيين المتغيبين عن أشغال مجلس النواب ، قرر رئيس المجلس ،كريم غلاب، الانتقال إلى السرعة القصوى واستبدال تكتيك خاص لضبط حضور البرلمانيين يتمثل في استعمال بطائق ممغنطة. الطريقة الأولى، التي كانت تقضي بالإعلان عن أسماء المتغيبين في الجلسة بغرض إحراجهم ، لم تحرك شعرة واحدة في رؤوسهم ، بل ركبوا رؤوسهم ، وغلبوا غلاب وتحدوه في اقتطاع سنتيم واحد من أجورهم . وفي هذا، حصل إجماع مثير بين السيدات النائبات والسادة النواب لقطع الطريق أمام هذا الإجراء الذي جعل غلاب يبتلع ريقه بصعوبة. ممثلو الأمة رفضوا أن يتعامل معهم رئيسهم تعامل المعلم مع تلاميذه بتلاوة أسماء المتغيبين وملء ورقة الحضور كما كان الشأن في مدارس زمان. أما اليوم فمدارسنا أصبحت في شكل ثان . وكان من الطبيعي أن لا يقدم عنصر واحد من هؤلاء الممثلين، على جلال قدرهم وعلو كعبهم، بالانحناء أمام كاتبة إدارية والتوقيع على حضوره. واتخذوا قرارهم ، بالإجماع، لتذكير رئيسهم أن لهم حصانة تسمح لبعضهم بتجاوزات خارج المؤسسة التشريعية فبالأحرى الخضوع للحضور وتسجيل إثبات على ذلك. الغريب هنا أن من بين ممثلي الأمة ، الذين رفضوا اجتهاد غلاب الأول ، ولا شك أنهم سيرفضون اجتهاده الثاني ، رؤساء ومديري مقاولات يفرضون نفس الاجتهاد على مستخدميهم من أجل ضبط الحضور ، ولا يتسامحون قيد أنملة في مثل هذا الأمر مع كل من تغيب أو تأخر عن الحضور للعمل ، بدليل أنهم يحسبون الساعات والدقائق بل الثواني وجمعها في نهاية الشهر وخصم ما ينبغي خصمه من أجورهم الهزيلة . بعض النواب قال أن "المعلم" غلاب أراد أن يرجع بنا إلى عصر اللوحة والطباشير إلى جانب قطعة من الخبز في المحفظة.لكنهم اليوم يتأبطون حقيبة برلمانية تحمل في طياتها حصانة تشريعية توضع علامتها في مقدمة السيارة الفخمة للنائب والنائبة للسماح له ولها بالمرور حين تقتضي المصلحة ذلك . "المعلم" غلاب لم يدر أنه حمل العصا في وجه ممثلي الأمة الذين عصوا أمره وليكن ما يكون. قالوها وهم يدركون جيدا أن "معلمهم" غلاب مغلوب على أمره، وسيلقون بالبطاقات الممغنطة في سلة المهملات كما ضربوا عرض الحائط قبل ذلك بعملية تسجيل الحضور وإثباته بالإمضاء؛ ويعرفون أن إمضاءهم لا يصلح في مثل هذه الحالات، بل يصلح في...الشيكات. ربما النقاش حول الموضوع يكون خارج الموضوع وبالتالي فهو خارج التغطية .لكن نخاف أن يصبح ممثلو الأمة خارج التغطية حين تفرض عليهم بطاقة غلاب الممغنطة. وحينذاك على النائب المحترم أن يتأبط حقيبته أو محفظته سيان ويخرج بطاقته الممغنطة أمام الجهاز الآلي الذي يقوم بالباقي.