حين أدرجت الولايات المتحدة الأمريكية جماعة مختار بالمختار على اللائحة السوداء الخاصة بالمنظمات الإرهابية الأجنبية ، فإن ذلك لم يأت بمحض الصدفة أو بناء على حالة مزاجية ، بل بعد تأكدها من طبيعة مسار الجماعة ونشاطها ، علما أنها كانت تدين بالولاء لتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" قبل أن ينشق بالمختار عنها ويؤسس مجموعته تحت اسم "المرقعون بالدم" سنة 2012. إن إلحاق واشنطن جماعة الجزائري بالمختار إلى لائحة المنظمات الإرهابية معناه توجيه تحذير ،بل أمر يقضي بمنع الشركات والمواطنين الأمريكيين من التعامل أو التعاطي مع الجماعة المذكورة بأي شكل من الأشكال ، كما أن الإجراء الأمريكي رسالة واضحة وليس مشفرة إلى النظام الجزائري تحمل أكثر من معنى وأكثر من مضمون . من المعلوم أن جماعة "المرقعون بالدم" بزعامة بالمختار قامت بأول عملية نوعية لها في قلب التراب الجزائري ، حيث أنها في أقل من سنة على إعلان تأسيسها ستقوم بالتوقيع على عملية من العيار الثقيل بتبنيها الهجوم الدموي ، وما صاحبه من اختطاف وحجز رهائن ،في مجمع عين أميناس لإنتاج الغاز بجنوب الجزائر، حيث خلفت العملية 38 قتيلا بين العاملين في المجمع من بينهم على الخصوص ثلاثة أمريكيين وبريطانيين وفرنسيين ويابانيين، إلى جانب مصرع 21 مهاجما برصاص الجيش الجزائري. ومن المعلوم أيضا أن النظام الجزائري دأب في أوج الأزمة في مالي على الخصوص على التباهي بأن الموقع يوجد تحت حراسة مشددة، وأنه صعب الاختراق،فكيف تمكنت جماعة بالمختار من التسرب إليه واختراقه ، بعدد مهم من عناصرها المدججة بالسلاح، وقتل وحجز مجموعة من العاملين فيه؟ هذا السؤال وحده كاف لإعادة عقارب الساعة شيئا ما إلى الوراء. هنا يلاحظ المراقبون الدوليون أنه في الوقت الذي كان على السلطات الجزائرية التعامل مع الأمر بما يلزم من المرونة إلى جانب الجدية المطلوبة طبعا ومحاولة ربح الوقت بإعلان استعدادها للدخول في مفاوضات مع العناصر الإرهابية بشأن تحرير الرهائن الأجانب من قبضة الخاطفين، فإن السلطات المذكورة اختارت الطريق الصعب ، ولأسباب غير مبررة وغامضة ، بالهجوم على موقع إنتاج الغاز، وتعريض مجموع العاملين والرهائن الأجانب إلى موت محقق ، لتنتهي العملية بالقتل والدم . بل إن التعنت الجزائري اتضح برفض السلطات أي تعاون أو تنسيق على الأقل مع الدول التي ذهب عدد من رعاياها ضحايا التدخل الجزائري العنيف، مما دفع العواصم الغربية إلى اعتبار أن عملية عين أميناس غامضة ومشبوهة وتدور حولها عدة أسئلة . ويرى محللون غربيون أن بالمختار من صنع الجزائر ، ويشيرون في هذا الصدد إلى أنه عميل لجهاز المخابرات الجزائرية بهدف إرهاب دول الجوار. بعد الرسالة الأمريكية الواضحة للجزائر بإلحاق جماعة بالمختار بلائحة الإرهابيين، يتوقع المراقبون انكباب واشنطن على ملف جماعة أخرى لا تقل خطورة عن جماعة بالمختار في تهديد الأمن والإستقراربمنطقة الساحل والصحراء. يتعلق الأمر بجماعة "البوليساريو" أحد الأذرع المسلحة التي يعتمد عليه النظام الجزائري في نشر التوتر بالمنطقة ، خاصة بعد ثبوت "البوليساريو" في المشاركة إلى جانب كتائب ألقذافي لإخماد ثورة الليبيين التي نجحت في النهاية بالإطاحة بنظام الجماهيرية ، وثبوت إدخالها وإخفائها كميات هامة من الأسلحة الليبية ، وقبل ذلك تورطها في عمليات داخل التراب الموريتاني، وانطلاق عملها باختطاف مواطنين مغاربة من الأقاليم والمدن الجنوبية للمملكة في سبعينيات القرن الماضي بغرض ما سمي ب"تأثيث" المخيمات في تندوف ب"شعبها المختار" لدولتها الوهمية بتعاون وتأطير من طرف السلطات والأجهزة الجزائرية ،دون ذكر عمليات اختطاف مواطنين إسبانيين وآخرين من جنسيات مختلفة ، وعملياتها الإرهابية في مالي ، والاعتقال والتعذيب في حق المناضل ولد سلمى والناجم علال وغيرهما ، وعمليات الاغتصاب التي تتعرض لها النساء والفتيات داخل السجن الكبيربتندوف. سيأتي اليوم الذي يتم فيه إدراج جماعة "البوليساريو" بلائحة المنظمات الإرهابية ، لأن طبيعة عملها إرهابي صرف . وما قامت به لحد الآن يعطي الدليل على ذلك.