أثارت عطلة عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، وصلاح الدين مزوار، رئيس التجمع الوطني للأحرار والحليف المفترض في الأغلبية الجديدة، استغراب النخبة السياسية، حيث اعتكف الزعيم الإسلامي في بيته يستقبل زواره وقادة الحزب وحركة التوحيد والإصلاح تحت حراسة الأمن الوطني وذهب الزعيم الليبرالي إلى إسبانيا للاستمتاع بشواطئها، ولن يعودا للمفاوضات إلا في غضون الأسبوع المقبل بعد أن تكون العطلة الصيفية قد شارفت على نهايتها وعاد الموظفون إلى مكاتبهم والتلاميذ إلى مدارسهم في غياب تام لملامح تشكيل الحكومة الجديدة. ومصدر الاستغراب وارد من كون بنكيران ومزوار دخلا في مفاوضات جدية لتشكيل أغلبية حكومية بعد اللقاءات البروتوكولية، وأصبح النقاش حول التفاصيل من قبيل إعادة هيكلة الحكومة والمناصب وحجمها التي يمكن أن يتولاها الحليف الجديد، غير أن الرجلين تركا كل ذلك وذهبا في عطلة شعارهما حسب الفضوليين اليوم في الشارع "لا تسرع يا رئيس الحكومة فنحن لسنا في حاجة إليك" وليس نحن في انتظارك كما تردد اللازمة المرتبطة بحوادث السير. وحسب متابعة للتاريخ السياسي القريب فإنه لا يوجد رئيس حكومة مسؤول وبصلاحيات دستورية واسعة يترك أغلبيته في الحكومة ويخلد للراحة، فكم من رئيس حكومة قطع أسفاره وسفرياته وعطلته في حالة وجود الأزمة أو وقوعها، بل هناك من يقطع أسفاره التي تتعلق بالعمل بمجرد أن يقع شيء مهم في البلد. غير أن بنكيران ليس معنيا بما يقع حوله إقليميا ومحليا، وليس معنيا بما يقع في المغرب بقدر اهتمامه هو وإخوانه بعزل الرئيس المصري محمد مرسي ومتابعة قيادات الإخوان المسلمين بتهم تتعلق بتخريب البلد والإرهاب والتخابر الأجنبي والتحريض على العنف والطائفية والقتل. وليس معنيان حتى باحتفالات المغرب ملكا وشعبا بذكرى ثورة الملك والشعب وعيد الشباب، اللذين هما عيدان وطنيان لهما دلالات رمزية حول استمرار البناء المؤسساتي الديمقراطي. من غير المقبول سياسيا أن يبدأ رئيس الحكومة ورئيس الحزب الذي قبل التحالف معه الأزمة الحكومية والذهاب للراحة، فالمفروض إنهاء الموضوع، سواء بالاتفاق على تشكيل حكومة جديدة ترضي جميع الأطراف المشكلة للتحالف الحكومي أو الإعلان للعموم عن فشل التحالف الجديد والبحث عن صيغ بديلة لمعالجة الأزمة الحكومية. وكان بنكيران قد بدأ مفاوضات مع صلاح الدين مزوار بعد أن أعلن حزب الاستقلال خروجه الرسمي من الحكومة واستقالة وزرائه باستثناء محمد الوفا وزير التربية الوطنية، وقبل مزوار الدخول في التحالف الحكومي رغم الحملة التي شنها ضده "حياحة" العدالة والتنمية واتهموه بأخذ الأموال تحت الطاولة. واعتذر عبد الإله بنكيران في وقت سابق لصلاح الدين مزوار عما صدر في حقه وحق حزبه، وقال بنكيران إنه لم يكن موافقا على الهجمات العنيفة التي شنها بعض القياديين في حزب العدالة والتنمية ضد صلاح الدين مزوار متهمين إياه بالحصول على علاوات أيام ترؤسه لوزارة المالية خارج القانون، وقاموا بتسريب وثائق تهم تعويضات وزير المالية والخازن العام. وشدد بنكيران على أنه لم يكن موافقا على ما يروج له قادة الحزب الإسلامي وأنه يعتبر حزب التجمع الوطني للأحرار حزبا وطنيا، وكان يود لو شارك معه في الحكومة منذ تعيينه رئيسا للحكومة من قبل جلالة الملك محمد السادس، وأبدى رئيس الحكومة تقديره واحترامه للتجمع الوطني للأحرار بتاريخه ورموزه وعطائه ومساهماته في بناء البلاد. بينما يصر قياديون في التجمع على الاعتذار العلني لأن التهم أساءت للحزب ككل.