كشَّر مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، عن أنيابه تجاه موظفي وأطر الوزارة، وتعيش مقرات وزارة الاتصال حالة غليان غير مسبوق فيما تستعد النقابات لحملة شرسة ضد الوزير، بعدما تبين أن القيادي في حركة التوحيد والإصلاح يخوض حملة ذات وجهين، فهو يمارس حركة انتقامية من الموظفين والأطر الذين رفضوا الخضوع لرغباته ومن جهة أخرى يدق أوتاد حركته في الوزارة حيث يجلب موظفين من الحركة أو من المتعاطفين معها ليشغلوا مناصب المسؤولية، بعد إفراغ الوزارة من أبناء الدار. وكانت آخر تجليات حملة الانتقام التي يقودها وزير الاتصال وزمرته هي إقالة رئيس قسم الشؤون الإدارية والمالية ناجي شكري ورئيس قسم شؤون الموظفين عزيز الشارد، حيث قام الخلفي ببعث رسائل توقيف دون تعليل كما ينص على ذلك القانون، كما طلب منهما إفراغ مكتبيهما ووضع المفاتيح في أسرع وقت ممكن، وتبين من التوقيفات المذكورة أن القضية تكتسي طابعا انتقاميا، إذ أن إدريس الماكودي، الذي تولى مديرية الشؤون المالية والإدارية قدم من وزارة المالية مبعوثا من إدريس الأزمي، الوزير المنتدب في الميزانية، حيث كان يشغل منصب رئيس مصلحة، كما أن ناجي شكري كان من أشد منافسيه على المنصب الجديد حيث يتوفر على خبرة طويلة في الوزارة أي ابن الدار كما يقال. وكشفت مصادر خبيرة بالإدارة أن الهدف من ذلك هو السيطرة على المنابع الحقيقية للوزارة، فبعد استقدام مدراء من التوحيد والإصلاح، والاستعداد لتنصيب كاتب عام من الحركة ذاتها، فإن الخلفي عينه الآن على الأقسام، باعتبار رئيس قسم الشؤون المالية والإدارية هو الذي يؤشر على ميزانيات عديدة ولهذا يرغب الخلفي في السيطرة عليها بوضع عنصر من التوحيد والإصلاح أو من الموالين له في هذا الموقع. وتساءلت مصادر نقابية عن الهدف من إعفاء موظفين واحد منهم قضى 34 سنة في الوزارة والثاني 23 سنة مما يتطلب ترقيتهم لا الاستغناء عن خدماتهم ودون مبررات قانونية. وحسب مصادر من الوزارة فإن جزءا من مبررات حركة الانتقام تعود إلى عدم التأشير على بعض المصاريف العالقة من طرف رئيس قسم الشؤون الإدارية والمالية، خصوصا بعد استنفاد مخصصات بعض البنود بفعل تضخم الأنشطة الصورية والاستعراضية وكذلك الإكثار من تقديم الدعم لبعض الجمعيات غير المعروفة على الساحة أو مهتمة بقضايا خارج اختصاص الوزارة. ورفض رئيس القسم المذكور تحويل المخصصات من بند إلى بند آخر. ومازال الخلفي يتهيأ لتنصيب مدير ديوانه، الذي يتقاضى أجره كمكلف بمهمة برئاسة الحكومة، في تحايل جديد من أبناء التوحيد والإصلاح قصد الحصول على أجور عالية، كاتبا عاما للوزارة. ويقوم حزب العدالة والتنمية بحركة واسعة النطاق داخل الإدارة العمومية، وأصبح التعيين في المناصب العليا يتخذ ثلاث اتجاهات؛ الأول تعيين وتركيز أطر العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح في المراكز المهمة، أي في المديريات المركزية والكتابات العامة، والثاني استمالة أطر مستقلة أو مسيَّسة ولم تعد تمارس العمل السياسي في أفق استقطابهم لحزب العدالة والتنمية، ولاحظ أطر مستقلون حركة واسعة النطاق في هذا الاتجاه حيث تقدم العديد بترشيحاتهم بعد تلقيهم ضمانات مهمة بالفوز بالمنصب، والثالث تعيين بعض الأطر المنتمية لأحزاب المعارضة في أفق تحييدهم وخلق متاعب داخل الأحزاب السياسية. وقد قام الحزب الأغلبي بوضع أشخاص في مواقع حساسة رغم أنه لا صلة لهم بتلك القطاعات، ولا يتوفرون على الخبرة العلمية والعملية لتولي المنصب، وأصبح المعيار الوحيد للتعيين هو القرب أو البعد من حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح.