هاجم عبد الله بوانو، رئيس الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية، ما أسماه إغداق المؤسسات العمومية الأموال على تنظيم المهرجانات الفنية وقال بوانو أثناء اجتماع للجنة المالية بمجلس النواب "كيف يتحدث الكل عن أزمة في الوقت الذي تغدق فيه المؤسسات العمومية على المهرجانات بالطول والعرض وكلها مهرجانات فنية كبرى لا مثيل لها في البلدان النامية؟". يبدو كلام عبد الله بوانو للوهلة الأولى وكأنه كلام صادق من رجل يريد الخير للبلاد وأنه غيور على الأموال العمومية، ولكن لابد من ربط ما قاله بوانو بسياقه، والسياق يفرض قراءة في المواقف الفقهية للحزب الذي لا يريد أن يكون حزبا سياسيا فقط ولكنه يصرف المواقف الفقهية لحركة التوحيد والإصلاح، التي لم تتمكن من الإفصاح عن رؤيتها في تحريم المهرجانات ولكن تحاربها من باب التمويل. وما قاله بوانو هو نفسه ما تردده العامة، وذلك بعد أن تم زرع أسطورة تمويل المهرجانات من المال العمومي، وهي أكذوبة، لأن المهرجانات لو عولت على المنح التي تصرفها المجالس ما انعقدت أصلا، ولكن تعتمد المهرجانات قاعدة الاحتضان "السبونسوريزم" والاستشهار، في حين لا يمثل دعم المجالس المنتخبة، التي تدعم أنشطة الجمعيات كلها، سوى النزر اليسير من ميزانية أي مهرجان حتى لو كان صغيرا. لكن حزب العدالة والتنمية كلما اقترب الصيف حيث تتكثف وتيرة تنظيم المهرجانات، المتنوعة الاختصاص، هاجم المهرجانات، لكن الحقيقة أن هذا الهجوم ليس غيرة على المال العام كما يدعون، ولو كان هذا هو الهدف لتخلوا عن رواتبهم البرلمانية التي تفوق ثلاثة ملايين درهم شهريا مستخلصة من الميزانية العامة، ولما لهفت الجمعيات المرتبطة بهم ملايين الدراهم سنويا كدعم من الدولة ولما حصل الحزب الإسلامي على الدعم المالي العمومي وترك الأمر تطوعا لأعضائه. فالأمر ليس مسألة أموال عمومية، والمهرجانات ونقولها للمرة الألف لا تمول من المال العام لأن منح المجالس لا تمثل من ميزانية المهرجانات سوى الجزء اليسير، ولكن الأمر يتعلق بموقف فقهي يحرم المهرجانات حتى لو لم تصدر فتواهم تحت مسمى التحريم، ولكن تكون دائما مصحوبة بعبارات من قبيل المهرجانات التي تنشر الميوعة والفساد الأخلاقي، وقد اختارت التوحيد والإصلاح شعارا لسنواتها الأربع الحالية "الصراع القيمي". إن ما قاله بوانو سياسيا وبتبرير يتعلق بصرف المال العام هو ما قاله امحمد الهلالي، النائب الثاني لحركة التوحيد والإصلاح، قبل سنتين، حيث دعا الشباب إلى اقتحام منصة موازين، وهو نفسه ما صدر عن فقيه الحركة محمد بولوز من تحريم واضح لهذه المهرجانات.