أجمعت منظمات حقوقية ودولية على ضرورة رفع وزير العدل والحريات يده عن النيابة العامة كشرط أساسي لتحقيق مبدإ استقلالية القضاء كما جاء في الدستور، ودعت المنظمات الحقوقية الدولية إلى تفعيل مضامين الدستور الخاصة بإصلاح منظومة القضاء، في أفق إصدار الميثاق الوطني حول مشروع إصلاح العدالة. وكشفت الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان والشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، واللجنة الدولية للحقوقيين، عن مضامين توصياتها التي ينتظر أن ترفعها إلى وزارة العدل والحريات خلال الأسابيع المقبلة، بتفاعل مع الجمعيات الحقوقية المغربية، خاصة الائتلاف الوطني، وأكدت الجمعيات الثلاث في لقاء صحافي عقدته أمس الخميس بالرباط، عما أسمته استمرار الإجهاز على حقوق المتقاضين، وعدم تمكين سلطة القضاء من استقلاليتها، وهو ما يتناقض مع المواثيق الدولية التي وقع المغرب على بعضها. وتأتي هذه الندوة الصحافية، في وقت قاربت اللجنة العليا للحوار الوطني على إنهاء أشغالها بإصدار الميثاق الوطني، وقال متدخلون في اللقاء الوطني، إن الدستور الجديد فتح المجال لترسيخ سلطة القضاء، موضحين، أن الدستور وضع سقفا في مجال إصلاح القضاء، لكن الإشكالية المطروحة اليوم هي وجود صعوبة في تدبير الدستور، واعتبر المتدخلون أن أهم تحد يواجه إصلاح منظومة القضاء هو التوفر على إرادة سياسية حقيقية لوقف استمرار إشراف السلطة التنفيذية على القضاء، وهو مدخل أساسي لتأسيس نوع من الثقة مع المواطن، مؤكدين أن النيابة العامة مازالت تحت سلطة وزير العدل والحريات، وهو ما انعكس سلبا على مستويات التقاضي والتحقيقات والمتابعات الجنائية. وربط المتدخلون بين استقلالية القضاء وإصلاح الترسانة القانونية، موضحين أن الدستور الحالي فتح الباب لمجموعة من الإصلاحات الجوهرية لكن الإشكال المطروح يتمثل في غياب القوانين التنظيمية، مشددين على أن مشكل القضاء في المغرب أنه مازال خاضعا لوزارة العدل والحريات في إطار علاقة هرمية على رأسها وزير العدل والحريات الذي يملك سلطات واسعة تحد من فعالية القضاة. وأشار المتدخلون إلى ضرورة إلى إعادة هيكلة المجلس الأعلى للقضاء كسلطة ضامنة لاستقلال القضاء، وتمكينه من لعب دوره الأساسي في اختيار القضاة وتدبير مسارهم المهني وكذلك إشرافه على المجلس التأديبي الذي يوجد اليوم تحت إشراف وزير العدل والحريات، مشددين على أنه لا يمكن تحقيق استقلال القضاء دون وجود مؤسسة حقيقية، موضحين أن أكبر عائق أمام المجلس أن وزير العدل بصفته نائبا للمجلس له دور رئيسي في تعيين وترقية وتأديب القضاء، كما أنه رئيس المعهد العالي للقضاء. وشددت المنظمات الحقوقية، على ضرورة تمكين المجلس من سلطة إدارة المسلك القضائي، خاصة ما يتعلق باتخاذ القرارات الخاصة بتوظيف وتعيين القضاة ونقلهم وعزلهم، مع ضرورة تحقيق الاستقلالية المالية والإدارية للمجلس، والحرص على إشراكه في كل القرارات المتعلقة بالميزانية المخصصة للمحاكم، كما شددوا على منحه الصلاحية في تحديد التوجهات الكبرى في مجال تكوين القضاة، ووضع معايير أخلاقية للمهنة، عبر اعتماد مدونة أخلاقيات وسلوك القاضي بما يتوافق مع المعايير الدولية.