أجمع المشاركون خلال الندوة الثامنة من جولة الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة على أنّ استقلالية القضاء شرط أساسي لتحقيق العدالة. وأشارت إحدى المداخلات إلى أن دستور سنة 2011 كرّس بشكل كبير هذه الاستقلالية من خلال مجموعة من النصوص، خاصة الفصل ال67، الذي منع تشكيل لجن استطلاع برلمانية في ملفات معروضة أمام القضاء، وهو ما يؤشر بكل واضح على استقلالية السلطة القضائية عن السلطة التشريعية، بل جعل الأولى سابقة عن الثانية. كما أن الدستور الأخير ارتقى بالقضاء إلى سلطة عندما نصّ على أن السلطة القضائية. كما أشارت المداخلة إلى استقلالية السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية، فرغم أن الملك هو الذي يرأس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، فإن الفصل ال114 من الدستور ينصّ على الحق في الطعن في الوضعيات الفردية للقضاة.. كما أن الأحكام أصبحت تصدر وتنفذ باسم الملك وطبقا للقانون. وأضاف المتدخل ذاته أن الفصل ال107 نصّ على أن الملك هو الضامن لاستقلالية القضاء والدين والوطن، وخلص في ختام المداخلة الأولى إلى أن «الدستور الجديد ارتقى بالقضاء إلى سلطة لكنْ يبقى السؤال: هل سيضمن المجلس الأعلى للسلطة القضائية استقلالية القاضي؟».. من جهته، شدّد عبد اللطيف الحاتمي، خلال الندوة الثامنة التي شهدتها مدينة أكادير على مدى يومين وبحضور وزير العدل، على أن «استقلالية القضاء تحتاج إلى العديد من المستلزمات، بدءا باعتبار القضاء سلطة حقيقية، حيث لا يكفي التنصيص الدستوري على ذلك، بل يجب تكريس الاستقلالية من خلال القوانين التنظيمية وتجريم التدخل في القضاء والتأثير عليه بطريقة غير مشروعة واعتبار الإخلال بالواجب المهنيّ خطأ مهنيا». كما سجل الحاتمي مجموعة من الملاحظات التي من شأنها تحجيم هذه الاستقلالية، والمتمثلة في حذف حق القضاة في تأسيس الجمعيات غير المهنية والاقتصار على الانخراط دون التأسيس، وكذا حصر الحصانة ضد العزل في قضاة الأحكام دون قضاة النيابة العامة. كما أن تخفيض دورات المجلس الأعلى من أربع دورات إلى دورتين قد يؤثر سلبا على السير العادي للبتّ في الملفات المهنية للقضاة وغيرها. كما طالب الحاتمي بتغيير قسم المهنة، الذي يقتصر على قيّم الوفاء والإخلاص إلى أن يشمل الإخلال بالاستقلالية والواجب المهنيّ والشرف والسر المهني. أما المداخلة الثالثة، والتي تناولت موضوع استقلال القضاء من خلال القانون المواثيق الدولية، فقد نصّت كلها على اعتبار القضاء سلطة مستقلة، حيث «نصّت هذ ه المواثيق الحقوقية الدولية على حق الفرد في أن يحاكم أمام محكمة مستقلة، كما نصت هذه المواثيق على حرية الرأي والتعبير وحرية تأسيس الجمعيات بالنسبة إلى القضاة».