دخلت حكومة عبد الإله بنكيران في جزئها الملتحي أساسا في حرب ضروس مع الأحزاب السياسية، سواء تلك التي في المعارضة أو حتى التي في الأغلبية، ومع منظمات المجتمع المدني شمالا وجنوبا، ولم يبق جزء من النسيج الجمعوي العامل في مختلف المجالات، الاجتماعية والثقافية والرياضية، إلا وعبر عن استيائه من الطريقة التي يتعامل بها حزب العدالة والتنمية مع الفرقاء السياسيين والاجتماعيين، وهي طريقة تعود إلى زمن إدريس البصري، الأب الروحي للحزب الإسلامي. واستغرب عبد اللطيف وهبي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، أن يكون عبد العالي حامي الدين هو مقرر اللجنة الوطنية للحوار حول المجتمع المدني التابعة للشوباني، في الوقت الذي تقرر جمعيته منتدى الكرامة مقاطعة أنشطتها، وشن وهبي انتقادات لاذعة للوزير الشوباني بقوله إن هذا الأخير :"انفرد بتصوره حول المجتمع المدني وعمل على استدعاء أسماء بصفتها الشخصية وليس كمؤسسات، قبل أن يقدم على تعيين رئيسها من حزب سياسي ولا يمثل أي جمعية. ودعا وهبي، رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران إلى إعادة النظر في تسمية وزارة الشوباني وحذف اسم المجتمع المدني عنها، لأن هذا الأخير أفضل شيء له تركه لوحده لكونه ليس في حاجة للوصاية وله قدرة على إدارة مشاكله وقضاياه. ويذكر أنه في كل الدول الديمقراطية لا توجد وزارة للمجتمع المدني لأن الهدف منها هو الهيمنة عليه. وقال وهبي إن المجتمع المدني لم يتم "السيطرة والهيمنة عليه من طرف الدولة في سنوات الرصاص فبالأحرى في زمن اللحي". وفي السياق ذاته، قرر الاتحاد الاشتراكي الانسحاب من هذه اللجن التي شكلتها حكومة بنكيران وقال بيان للمكتب السياسي بيان المكتب السياسي إن هذا القرار يأتي بعد "أن تدارسنا بقلق عميق ما آل إليه الحوار في مجموعة من القضايا الأساسية من قبل العدالة، والمجتمع المدني والإعلام والمناصفة والأسرة، والحوار الاجتماعي مع النقابات.." وقد تم تبخيس العمل الحزبي، والسياسي، والمدني، يضيف البيان، وذلك "بالانفراد في اختيار الأسماء، مع تغييب الفعل التشاركي لصالح ممارسة الزبونية والمحسوبية، ضمن منظومة ضبابية وملتوية تفتقر إلى المنهجية والحكامة والمسؤولية". إن حزب العدالة والتنمية وكما قلنا وكررنا لا تقنعه رئاسة الحكومة وهم يؤمن أنها زائلة، وبالتالي فإن عينه على ما بعد الحكومة، ووسيلته هي قانون التعيين في المناصب العليا، حيث بدأوا في زرع عناصره في بعض المناصب وخصوصا عناصر تربت بالمباشر لدى مؤسسة الدعوة الوهابية بالمشرق، بالإضافة إلى اللجان التي شرع في تشكيلها تحت مسميات عديدة. وبما أن الطور الذي دخله الحزب لا يسمح لها بالهيمنة المطلقة فإنه عمد إلى "تلبيس إبليس" حيث وضع شخصيات وطنية على رأس بعض اللجان لكن لَغَمها بالعناصر الوهابية، وهي ألغام يريد من خلالها تحقيق هدفين؛ الأول هو التغلغل من خلالها وسط المؤسسات واستعمال أدوات الدولة والحكومة في الأغراض الدعائية والتأطيرية، والثاني هو تفجير تلك اللجان من الداخل إذا خرجت عن السكة المرسومة. فبعد التحدي السافر بتعيين عبد العالي حامي الدين، نائب رئيس المجلس الوطني للحزب ورئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان الذي ورثه عن الرميد، مقررا عاما للجنة الحوار الوطني حول المجتمع المدني، تم تعيين شخصيات محسوبة على التيار الوهابي، مع إقصاء المجتمع المدني الفاعل والحقيقي. إن الطريقة التي تعامل بها حزب العدالة والتنمية مع المجتمع المدني هي نفسها الطريقة التي تعامل بها أوفقير والبصري مع جمعيات الوديان والسهول وسحق الجمعيات التي تمثل المواطن.