يعقد حزب النهضة والفضيلة، بزعامة محمد خليدي القيادي السابق في حزب العدالة والتنمية ورفيق الدكتور عبد الكريم الخطيب، مؤتمره العادي يوم 28 من الشهر الجاري، وحسب مصادر مطلعة فإن الحزب سيعرف أثناء المؤتمر تحولات عميقة على مستوى أدبياته وعلى مستوى القيادة، حيث من المنتظر أن يعرف الحزب هجوما كاسحا للسلفية الجهادية ومن غير المستبعد أن يتولى بعض أعضائها مناصب قيادية وعلى رأسهم محمد عبد الوهاب رفيقي أبو حفص وحسن الكتاني، أبرز وجوه السلفية الجهادية بالمغرب، مما سيؤثر في الوثائق المقدمة للمؤتمر التي ستعرف نفسا سلفيا. وتساءلت مصادر من حزب النهضة والفضيلة عن الضمانات التي يمتلكها الخليدي حتى لا يتم السطو على الحزب، محيلة على نموذج حزب العدالة والتنمية، فرغم أن الدكتور الخطيب يتوفر على تجربة سياسية نادرة وقضى عمره في المناورات السياسية وجد نفسه في النهاية معزولا عن الحزب الذي أسسه إثر انشقاق عن الحركة الشعبية التي كان يترأسها محجوبي أحرضان سنة 1967، وتمكنت مجموعة التوحيد والإصلاح وعلى رأسها جماعة بنكيران من الهيمنة المطلقة على الحزب وتجميد أو طرد الأطر الحزبية التي رافقت عبد الكريم الخطيب وعلى رأسهم الخليدي نفسه. وبدأت العلاقات بين حزب النهضة والفضيلة منذ مدة حيث قام الحزب باستضافة شيوخ السلفية الجهادية في محاضرات وندوات وعشاءات، ونقرأ في اللافتة الممهدة لمحاضرة أبو حفص "لأول مرة مدينة وجدة تستضيف الشيخ أبو حفص.. حزب النهضة والفضيلة ينظم محاضرة تحت عنوان "مفهوم الحرية في الإسلام" يلقيها أحد أهم معتقلي السلفية بالمغرب الشيخ أبو حفص". وتمكن شيوخ السلفية الجهادية، خصوصا أبو حفص والكتاني، من تمرير بيان باسم النهضة والفضيلة عن التدخل الفرنسي في شمال مالي، وقال البيان إن الحزب "يرفض التدخل الفرنسي العسكري في بلد يعيش صراعا داخليا يتوجب معه إطلاق المبادرات الحميدة ومساعي التهدئة بين مختلف فرقاء الصراع في هذا البلد، وليس الدفع في اتجاه مفاقمة الوضع والمساهمة في المزيد من التأزم والاضطراب" و"طالب أطراف الصراع في مالي، من جيش وجماعات مسلحة، بالاحتكام إلى الحوار كآلية لفض النزاع الداخلي، وحقن دماء الشعب المالي، وإشاعة السلم والأمان". وكان أبو حفص كتب على جداره بالموقع الاجتماعي الفايسبوك "إن إثم التعاون مع هؤلاء المحتلين لا يقل عن إثم الفرنسيين، فلا يجوز بأي حال من الأحوال مظاهرة ومناصرة هذه القوى الاستعمارية في اعتدائها على بلاد المسلمين"، مهيبا "بعلماء الأمة التصدي لهذا المنكر، وبذل كل الجهود لإيقاف هذه الجريمة". ومن جانبه، أدان الشيخ السلفي حسن الكتاني على صفحته في فيسبوك التدخل العسكري الفرنسي في مالي "باعتباره تدخلا في الشؤون الداخلية للمسلمين وهو أمر لا يمكن لأي مسلم إلا أن يستنكره". ويرى متتبعون لشأن الحركة الإسلامية بالمغرب تناقضات صارخة بين مشروع الورقة المذهبية للحزب ومتبنيات السلفية الجهادية حيث نصت على أن "حزب النهضة والفضيلة، حزب وطني ذو مرجعية إسلامية تستند إلى مشروع رؤية تستدعي أسئلة العصر وتتقيد بموجبات الإجماع. كما تلتقي مع كبرى الأهداف والمبادئ التي اعتبرت مكتسبات الحضارة الإنسانية. وينهض وعي الحزب على تقريب أمثل للمسافة بين خصوصيتنا وخصوصيات الآخر، مما يجعلنا أمة متواصلة مع الآخر ومفتوحة على إمكانات التحولات الحضارية الكبرى بهدف تجاوز آفة التطرف وخطاب الاستئصال الذي يستند إلى العنف والإرهاب وهجاء الحداثة والديمقراطية" وتضيف الورقة "وعلى هذا الأساس ينهض مشروعنا السياسي والاجتماعي والثقافي، في اتجاه إرساء قواعد وقيم التعايش والتواصل والسلم المجتمعي وإرساء استراتيجية للإنماء تسندها أرضية صلبة، هي دولة الحق والقانون. من هذا المنطلق نرفض في حزبنا كل دعوى متطرفة تسعى بطريق أو بآخر لتكفير المجتمع أو فرض الوصاية عليه بالعنف، كما نرفض أي دعوة لإشاعة الكراهية والشطط في تبليغ القناعات إلى الآخرين". مشيرة إلى أن "وعي حزب النهضة والفضيلة يستند على المرجعية الإسلامية وعلى خلفية التبني الحضاري لمبادئ وتعاليم الإسلام بما يستجيب لمتطلبات التقدم والتنمية والتحديث. لقد طغت على الخطاب الإسلامي صورة الإسلام التاريخي المشخص بكل تلوينات النمط المعرفي القديم. مما جعل الإسلام في سجن مفاهيم ومحددات أفهام، لا تنتمي لعصرنا، إننا لما نأخذ الإسلام كتعاليم، فإننا نحرر التعاليم من طريقة أو كيفية أو ذوق في التشخيص التاريخي لهذه التعاليم، حينئذ نعيد بناء علاقة جديدة مع هذه التعاليم بطريقة ما وكيفية ما وذوق ما ينسجم مع لحظتنا التاريخية ومتطلباتنا الحضارية. فهي قيم وتعاليم خالدة من حيث أنها تمنحها إعادة ربط الوشائج والعلائق بها على النحو الأكثر نفعا للناس". وتساءلت مصادر حزبية هل بإمكان الخليدي ردم الهوة بين الورقة المذهبية للحزب التي كان من خلالها يتجه نحو إسلام حداثي وبين توجهات السلفية الجهادية المنغلقة؟