قامت الرسالة الملكية التي بعثها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى القمة الثانية عشر لمنظمة التعاون الإسلامي المنعقدة بالقاهرة، بتوصيف دقيق للحالة الدولية والإسلامية، وبمعاينة شاملة لأزمة المحددات في العالم التي تولّد العنف وإقصاء الآخر. وأكد صاحب الجلالة على أن الأمة الإسلامية تحظى بإمكانيات هامة تمكّنه من التحول إلى قوة اقتراحية حقيقية عن طريق البحث في أصوله وعدم البقاء كمتفرج وأن يلعب دور الفاعل، مشددا على أن منظمة التعاون الإسلامي يجب أن تكون قِبلة لإعطاء الحلول. واقترح صاحب الجلالة أن تتحول المنظمة إلى حركة للمبادرة وأن المغرب مستعد للانخراط في هذا الورش الفكري. وشدد جلالة الملك في الرسالة على أن القضية الفلسطينية ظلت في صلب اهتمامات منظمة التعاون الإسلامي منذ تأسيسها سنة 1969 بالرباط، وكان الملك الراحل الحسن الثاني قد جمع قادة وزعماء العالم الإسلامي في شتنبر من السنة المذكورة وذلك بعد إقدام الصهاينة على إحراق المسجد الأقصى، لاتخاذ الموقف الحازم وفي اجتماع جدة تم الاتفاق على جعل المنظمة دائمة. وحيى صاحب الجلالة مقاومة الشعب الفلسطيني وأشاد بالجهود الحثيثة التي يقوم بها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والتي تكلّلت مؤخرا بتمكين فلسطين من وضع بلد ملاحظ غير عضو بمنظمة الأممالمتحدة. وأكد جلالة الملك على تدخله الفعلي وتفاعله مع تصريح الرباط الهادف إلى رأب الصدع بين مختلف الفصائل الفلسطينية، وكان المغرب قد احتضن اجتماع الحوار الفلسطيني في أواسط يناير الماضي، وركز جلالته على المساعي الملموسة التي قام بها المغرب لفائدة الأزمة الفلسطينية، منها على الخصوص المساعدات الإنسانية للفلسطينيين ودور بيت مال القدس وجهود جلالته الرامية إلى التحذير من محاولة تهويد القدس الشريف ومن الاعتداءات على الهُوية الفلسطينية. وعرجت الرسالة الملكية على الأزمة السورية التي شارفت على إنهاء سنتها الثانية، ومنذ ظهرت بوادر استفحال الأزمة أطلق المغرب صرخة حقيقية أمام خطورة هذه الأزمة، خصوصا لبعدها الإنساني، وأكد جلالة الملك على ضرورة الحفاظ على وحدة الشعب السوري والوصول إلى وقف مباشر للعنف باتفاق مع الممثلين الشرعيين ، وكان المغرب قد احتضن في وقت سابق اجتماع مراكش لأصدقاء الشعب السوري الذي كان يهدف إلى توحيد ممثلي الشعب السوري، وقدم المغرب حزمة من المساعدات الإنسانية للاجئين السوريين وصولا إلى إقامة المستشفى العسكري الميداني بمخيم الزعتري بالأردن، والذي قدم خدمات كبيرة للاجئين، بدءا بالفحوص الطبية وانتهاء بمنح الأدوية مجانا ناهيك عن إجراء عمليات جراحية عديدة. وقال جلالته لقد "أولينا الجانب الإنساني أهمية قصوى٬ إذ بادرنا بإقامة مستشفى ميداني متعدد الاختصاصات بمخيم الزعتري بالمملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة٬ حرصنا على زيارته٬ علاوة على تقديم مساعدات إنسانية في كل من الأردن وتركيا٬ وذلك للتخفيف من معاناة اللاجئين السوريين". وأكد صاحب الجلالة أنه لم يعد من المقبول٬ أمام هذا الوضع المأساوي المتفاقم الذي يهتز له الضمير الإنساني٬ أي تردد أو مماطلة٬ وأصبح على المجتمع الدولي واجب دعم الانتقال السياسي اللازم ينخرط فيه الممثلون الشرعيون للشعب السوري. أما بخصوص الوضع الكارثي في دولة مالي فقد أكدت الرسالة الملكية على أن المغرب سبق له أن أثار، في إبانه، الانتباه إلى الوضعية الأمنية المزرية في منطقة الساحل الصحراوي، كما أن دولة مالي قامت بإبلاغ الهيئات الأممية التي أجازت التدخل في أرضها. وأشار جلالة الملك إلى أن الأمر يتعلق بمشكل شامل ولا يخص مالي وحدها، لأن الإرهاب أصبح قضية أممية تعاني منه جميع الشعوب والدول. وبالنسبة للخروج من الأزمة بدولة مالي فإنه لابد من إعطاء جواب شامل الذي يأخذ بعين الاعتبار الوحدة الترابية لهذا البلد مع الاعتداد بالأبعاد السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية والتنموية لهذا الملف.