التزمت الحركات الإسلامية الصمت طوال شهور ولم تصدر أي موقف بخصوص الاعتداءات التي مارستها الجماعات الإرهابية منذ عدة أشهر في شمال مالي، حيث قاموا بعمليات سلب ونهب وهدم للأضرحة والمزارات، تحت مسميات كثيرة وفتاوى لشيوخ الوهابية، ولم يصدر أي موقف عن هذه الحركات بمن فيها حركة التوحيد والإصلاح، التي كانت من أوائل من أصدر بيانات رفض التدخل الفرنسي في شمال مالي بدعوة من الدولة في باماكو، واليوم ينضم إليها حزب التحرير الإسلامي بالمغرب الذي أعلن بدوره رفضه لما أسماه الحرب الصليبية التي تشنها فرنسا ضد الشعب المسلم في مالي. واستغرب الحزب تدخل فرنسا في شمال مالي وعدم تدخلها في سوريا، التي سبق للحزب أن أعلن أن دولة الخلافة الإسلامية التي دعا إليها الشيخ تقي الدين النبهان في الأربعنيات من القرن الماضي، ستنطلق من بلاد الشام وأن سقوط النظام السوري هو بداية للغزو الإسلامي لأوروبا. وقال حزب التحرير بالمغرب في بيانه "أطلقت فرنسا حملتها الصليبية، وصبَّت حمم نيرانها على المسلمين في مالي بحجة منع تقدم المتشددين الإسلاميين للسيطرة على البلاد. وكانت فرنسا قد بدأت منذ شهور حملة تحريض عالمية على الحركات الجهادية بعد أن استطاعت هذه الجماعات فرض سيطرتها على مناطق شاسعة في شمال مالي، ولما لم تجد فرنسا ما تعيبه عليهم، قامت بالتشهير بهم بسبب قيامهم بهدم بعض أضرحة ما يسمى الأولياء، معتبرة ذلك تقويضاً لمآثر تاريخية". فالحزب يريد أن يوهمنا أنه ليس هناك متطرفون ولا متشددون سيطروا على البلاد ولكن مجرد مجاهدين يسعون إلى إقامة شريعة الله، وأن ما قامت به فرنسا هو حملة صليبية ضد الحركات الجهادية، معترفا بأن هذه الحركات سيطرت على شمال مالي وكأن أمر الدول مستباح لمن أراد أن يلعب به. وحزب التحرير الإسلامي لا يؤمن بالديمقراطية ويعتبرها كفرا ويؤمن بالخلافة الإسلامية وبغزو بلدان العالم، وتأسس هذا الحزب في فلسطين لكن لم يطلق رصاصة واحدة على العدو الصهيوني مما يزكي الاتهامات الموجهة إليه بأنه صنيعة لقوى خارجية جعلته كالمسمار تدير به التوازنات. واشتهر حزب التحرير في العالم العربي بأنه من أكثر الداعمين لنظرية المؤامرات، وتشهد على ذلك مطبوعات الحزب وآراؤه في السياسة العالمية والعربية، حيث يعتقد الحزب بأن في العالم صراع يدور بين الدول العظمى في الخفاء، ساحته العالمين العربي والإسلامي، حيث يكون المسلمون ضحاياه. فصار يحلل الحروب التي نزلت بالعالم الإسلامي على أنها صراع مصالح بين الدول العظمى، وصار يتهم الحكومات والأنظمة في العالمين العربي والإسلامي بأنها تعمل لتحقيق أجندة دول أخرى، وصار وصف الأنظمة بالتبعية صفة بارزة في أدبيات الحزب. نظرة الحزب هذه جلبت له الانتقادات من كافة التيارات السياسية المخالفة للحزب، وأدت إلى رفض الحزب ومنعه في معظم الدول العربية والإسلامية التي يعمل فيها.