عرقلة التشريع عجيب أمر حكومة بنكيران وكلما أتت فعلا منكرا كلما ادعت عكسه. فهاهي تفتخر من خلال الإعلام الملتحي والطبالجية أنها أول حكومة في تاريخ المغرب تضع مخططا تشريعيا لتأسيس حكامة وسلوك جديدين. فهذه الحكومة هي الأولى في المغرب التي لديها الجرأة على ادعاء عكس ما تفعل. فيوم قرر بنكيران الزيادة في أثمان المحروقات، خرج عبر سطوته الإعلامية على ثلاث قنوات مرة واحدة ليعلن أن الزيادة في خدمة الشعب، ولأول مرة في تاريخ المغرب يسمع الشعب أن حكومة تقرر الزيادة في الأسعار خدمة له. ولم يجرؤ على قول ذلك إدريس البصري أقوى وزير داخلية في المغرب، والذي عندما خرج لتبرير الزيادة في أسعار المواد الغذائية سنة 1984 قال "السكين وصلات للعظم"، كان على حق أو على باطل غير أنه لم يكن جريئا على تحدي المغاربة واستبلاد عقول المغاربة مثلما يفعل بنكيران. واليوم جاءتنا حكومة بنكيران بنغمة جديدة تقول بأنها أول حكومة تضع مخططا تشريعيا. وهذا ادعاء ما أكذب منه. وزعم ما أجرأ منه. ومحاولة لاستحمار الناخب المغربي الذي منحهم صوته. وقد صوت عليهم المواطن من أجل تدبير الشأن العام والتدبير يبدأ من التشريع غير أن بنكيران وإخوانه قضوا مدة وجودهم في الحكومة في تبادل الكلمات واللكمات وتبادل العنف اللفظي مع خصومهم السياسيين، ووضعوا سلة التشريع في الثلاجة لمدة نازهت تسعة أشهر ومعها جمدوا عروق الاستثمار والتشغيل وجمدوا المغرب على تاريخ دخولهم للحكومة. حكومة لا تستحيي تزعم أنها أول حكومة في تاريخ المغرب تضع مخططا تشريعيا وهي أول حكومة في تاريخ المغرب تعرقل التشريع. اللهم إن كانت تقصد بالمخطط التشريعي النوايا. والنية أبلغ من العمل. فالحكومة نوت التشريع وكأنها شرعت فعلا. فأي جرأة تمتلكها هذه الحكومة؟ كيف لحكومة لم تخرج للوجود سوى قانونا واحدا وبعد شذ وجذب تدعي أنها متميزة عن غيرها في التشريع؟ كيف لحكومة قتلت دور البرلمان بمجلسيه وعاملته باستهزاء وسخرية أن تزعم بأنها أول حكومة تضع مخططا للتشريع؟ حكومة لم تربط علاقت توازن واستقلالية مع المؤسسة التشريعية أنى لها أن تخرج التشريعات للوجود؟ هذه حكومة اللاتشريع. لأن المشرع الوحيد هو الله حسب السلفيات بما فيها الوهابية السياسية التي يتزعمها حزب العدالة والتنمية. ولأن التشريع مناقض للفوضى كما تدعو له حركة التوحيد والإصلاح على لسان وقلم فقيه "المقاشد" أحمد الريسوني. ولأن التشريع مدعاة لعلاقات متوازنة بين المؤسسات والحزب الإسلامي يريدها عوجا (بفتح وكشر العين). ولأن التشريع ينهي زمن الغموض وهو ما لا يريده حزب العدالة والتنمية بتاتا لأنه ينتعش حيثما حل الضباب. حكومة قضت تسعة أشهر ونيف ولم تخرج سوى قانونا واحدا تستبق به الأحداث حتى تغرس جذورها في المؤسسات العمومية ويتعلق بالتعيين في المناصب العليا، وغضت الطرف عن عشرات القوانين اللازمة لتنزيل الدستور، ورغم ذلك بجرأة زائدة تزعم أنها أول حكومة في المغرب تضع مخططا للتشريع. يقول المغاربة "النهار لمزيان من صبحو يبان". إن الحكومة المغربية الحالية أول حكومة في تاريخ المغرب تعرقل التشريع ومعه تعرقل الحياة الطبيعية للمغاربة.