لم يستطع وزراء العدالة والتنمية أن يلعبوا دور المسؤول الذي بمقدوره تدبير الملفات الشائكة التي وجدوها على مكاتبهم، فعملوا على ممارسة شعبوية مقيتة تجلت معالمها منذ اليوم الأول لتعيين حكومة اعتبرها كثير من الناس وبالا عليهم، بالنظر إلى الإجراءات التي اتخذتها والتي اعتبرت سابقة في خلق أجواء التوثر والفتنة بين الشعب. بل إن شعبوية بنكيران وصحبه أدخلت البلاد عالما سورياليا، سرعان ما ظهرت غرائبه وعجائبه، وبعدما أعيتهم كل مظاهر الدروشة التي مارسوها، واستغلالهم بعض الأمور التي لا تعدو أن تكون جزء من ممارسة ألفوها تحولوا إلى تدجين الشعب المغرب، فبنكيران الذي صلى صلاة الإستسقاء بمفرده ذات جمعة، وذرف الدموع لاستدرار المطر الذي تمنعت السماء في سقوطه، وبعدما كشف الرباح عن لائحة المستفيذين من كريمات الحافلات، ليخلق أزمة بين المغاربة، وبعد الذي كان من وزير العدل والحريات الذي تبرع بأعضاءه أمام الملئ، عاد بنكيران هذه المرة ليلعب على وثر آخر عبر إدخال زوجته في سيناريو محبوك روجت له جرائد تعودت على تسويق صورة بنكيران وصحبه بالطريقة التي تظهره أمام الناس وكأنه ملاك نزل من السماء. بنكيران ظل مع زوجنه خلال حفل تكريم النساء بمسرح محمد الخامس، وقيل إنه كان متواضعا وكذلك الشأن بالنسبة لزوجته التي ظلت دائما تفضل عدم الظهور أمام العلن، لكن صراحة لا نعرف ماذا سيفيد المغاربة أن تظهر زوجة رئيس الحكومة أو لا تظهر، كما أنه لم يسبق لوزير أول سابق أم استغل مثل هذه العلاقات العائلية لتسويق صورته، ليظهر تواضعه أمام المغاربة الذدين يختاجون اليوم إلى ما هو أكثر من التواضع، يختاجون إلى الشغل وإلى السكن اللائق، وإلى محاربة الفقر والهشاشة، أما أن يظهر بنكيران مع زوجته المتواضعة والتي يعيش بنكيران في ممتلكاتها منذ عقود من الزمن، ويسلم بحرارة على المحتفى بهن فذلك شأنه هو ولا علاقة للمغاربة به. أما أكثر ممارسات العدالة والتنمية غرابة، فهو موقف مصطفى الرميد الذي انفجرت على عهده محاكم المملكة، واندلعت الحروب بين القضاة والمحامين، بل أكثر من ذلك فالوزير تدخل في شؤون العدالة حين أمر باعتقال قاض، في ضرب صارخ لاستقلالية القضاء التي جاء بها الدستور الجديد، فوزير العدل أراد أن يقول لنا إنه يصل ساعات العمل بعضها ببعض لدرجة أنه يتناول الغذاء في مكتبه، وليوصل لنا الصورة، قال لنا إنه يمول وجبات الغذاء الخاصة بأعوان الخدمة، بمبلغ 200 درهم يوميا، وحين أعياه الأمر طلب بتوفير وجبات غذاء من نفس الأكل الذي يتناولبه رفقة المسؤولين داخل الوزارة، على أن يتكلف هؤلاء بتمويل هذه الوجبات، وصراحة لا نعرف محل هذه الأخبار من الإعراب، ولا الهدف من ورائها، إلا إذا كانت تدخل في سياق الحملات الإنتخابية السابقة لأوانها التي ينظمها حزب العدالة والتنمية، وكان أولى أن يقول لنا من يسعى إلى تسويق صورة الرميد على النحو الذي ظهر، أين وصلت الملفات الشائكة التي تمور بها محاكم المغرب، ماذا يعنينا نحن إن كان الرميد يقضي يومه في مكتبه، مادامت كثير من الملفات لم تجد طريقها إلى الحل. إن ما يريده المغاربة، هو الإنكباب على حل مشاكلهم، أما الحفلات الخاصة لرئيس الحكومة، وطريقة تدبير شؤون وزارة العدالة أو أي وزارة أخرى، فالأمر لا يعنينا في شيء، وحبذا لو أن رئيس الحكومة قال لنا : كيف سيحل مشاكل العشوائيات غبر هدم منازل المواطنين، وكيف سيدبر ملف العاطجلين، ومشاكل الفلاحين التي لا تنتهي، وكيف وكيف.