أجل حزب العدالة والتنمية عقد الدورة الاستثنائية لمجلسه الوطني والتي دعا إليها رئيسه سعد الدين العثماني كما تنص على ذلك اللائحة الداخلية للمجلس، حيث ينعقد المجلس في دورة استثنائية بقرار من الأمانة العامة أو بدعوة من مكتبه أو بناء على طلب ثلث أعضائه، وتنص المادة السابعة من اللائحة الداخلية على أن ينعقد المجلس الوطني بحضور أغلبية أعضائه، وإذا لم يكتمل النصاب يؤجل الاجتماع لمدة ساعة ثم ينعقد بمن حضر. وستخصص الدورة الاستثنائية المؤجلة للمصادقة على مسطرة اختيار مرشحي الحزب للمناصب السياسية وعلى ميثاق النائب البرلماني للحزب وميثاق المعينين في المناصب السياسية، كما دعا رئيس المجلس الوطني أعضاء لجنة الأنظمة والمساطر واللجنة السياسية للقاء مشترك للجنتين لمناقشة مشاريع الوثائق المعروضة على الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني. وتم تأجيل دورة المجلس الوطني في انتظار أن يتم حسم تكوين الأغلبية وقرارات الأحزاب السياسية من خلال هياكلها التنظيمية. ومن خلال الاطلاع على اللائحة الداخلية للمجلس الوطني يبدو أن حزب العدالة والتنمية يعيش ديمقراطية داخلية لا يضاهيه فيها حزب من الأحزاب المغربية، وما دام اليوم هو الحزب الذي يتولى أمينه العام رئاسة الحكومة بعد حصوله على 107 من مقاعد مجلس النواب فلابد من الاطلاع على منسوب الديمقراطية داخل أجهزته. فيما يحاول الحزب السياسي المولود من رحم حركة الإصلاح والتجديد (حاتم) التدرب على ممارسة الديمقراطية، تتسرب الممارسات اللاديمقراطية التي عاشتها الحركة الإسلامية المغربية وتربى عليها أبناؤها، وواضح أن ديمقراطية اللائحة الداخلية لم تستثن الإلحاق كوسيلة من وسائل غرس الأوفياء داخل الجسم التنظيمي، ويبدأ الإلحاق من الإعداد للمؤتمر حيث تتوفر الأمانة العامة على نسبة مائة عضو تلحقهم كمؤتمرين بعد أن تكون الجموع العامة إقليميا وجهويا، قد أفرزت لائحة المؤتمرين وهو رقم ليس بالسهل خصوصا وأنها تختار عناصر لها حضورا إعلاميا وجمعويا مؤثرا مما يسهل لها مهمة ضبط المؤتمر وتوجيهه. ويعتبر الإلحاق كوسيلة من وسائل العضوية في الهياكل الحزبية ولازمة من لوازم حزب العدالة والتنمية، حيث ألحقت السنة الماضية عبد العزيز أفتاتي المستقيل بعد فضيحة الاستقواء بالسفارة الفرنسية في قضية المحامي نورالدين بوبكري، وأحمد الشقيري الديني، أحد الوجوه السلفية المكشوفة، رغبة في استقطاب أصوات الناخبين، وذلك بعد تزكيتهم من المجلس الوطني. لكن عملية الإلحاق الخطيرة هي التي تمت مع جعفر حسون، القاضي المعزول بقرار من المجلس الأعلى، الذي تمت ترقيته قبل أن يكون عضوا في الحزب إلى الأمانة العامة بتبرير ساذج كونه مورس عليه الظلم والحزب يريد تعويضه. أما عن مداولات المجلس الوطني فهي لا تخرج عن سياق الكولسة وتتحكم فيها حركة التوحيد والإصلاح وأساسا مكون حاتم داخلها، حيث تلتقي قيادة المجموعة المذكورة مع قيادي بارز كل جمعة بعد الصلاة لتدارس الوضع التنظيمي وضمانا لاستمرار هيمنة الحركة على الحزب، وليس في شيء ذلك الادعاء بالفصل بينهما، فعقب الجمع العام الرابع للحركة المنعقد بالمحمدية الذي أفرز قيادة منتخبة لكن تم بقوة القانون إلحاق عضوين من حاتم بالمكتب التنفيذي هما عبد الله باها نائب الأمين العام للحزب وظله ومحمد يتيم بقيادة الحركة، وذلك من أجل استمرار حاتم كقوة داخل التوحيد والإصلاح واستمرار سيطرة الحركة على الحزب. وخير من تحدث عن الكولسة التي تعرفها الحركة هو المرحوم فريد الأنصاري أحد قادتها ومؤسسيها، في الظاهر يوجد ما يوحي بأن الأمور تسلك على التداول والديمقراطية. لكن في الحقيقة نحن أمام خليط متنوع من الحساسيات، يجعل الوضع لا يسمح بممارسة تفردية مباشرة. لكن عبر التكتيك، تقوم مجموعة حاتم داخل هذا الكيان بمناورات تجعلها في نهاية المطاف ولو بالاستقواء بعوامل موضوعية خارج استحقاقات التنافس على قيادة الحزب أو الحركة، في وضع مريح جدا للهيمنة. أما ما يتعلق بالرتوش الشكلانية التي تخفي الكثير من فصول اللعبة، فذلك القصد منه الاستهلاك والبروباغندا الفارغة من المضمون. هذا فضلا عن أن قدر هذه المجموعة أن تأخذ بأسباب التداول على التسيير وإن لم نجد له مصداقا حينما تم التجديد للقيادة نفسها، لأن المجموعة ليس لديها قيادة كاريزمية مهيمنة على الباقي. وعودة إلى تاريخ التوحيد والإصلاح نجد أنه انطلق بالمؤامرة والكولسة وليس بالديمقراطية أو الشورى حسب المدعى الإخواني، ففي الليلة التي كان من المفترض أن يعقد اجتماع الوحدة، سارعت قيادة حاتم وفي سباق مع الزمن لإعلان اتفاق الاندماج في حزب الخطيب من جانبها فقط دون أن تشرك الرابطة أو تشاورها في القرار النهائي. كانت تلك أولى تدابير حاتم لطعن الرابطة من الخلف وفرض الأمر الواقع عليها. فهناك سباق محموم حول المكاسب والمناصب والأدوار. وهنا هيمنت الحسابات السياسية على الاعتبارات الدينية والدعوية عند الكثير منهم. الشيء الذي لفت انتباه الريسوني حينما نعى ظاهرة غلبة التّسيس على أعضاء الحزب والحركة، وعبر عن ذلك بشيء من الأسى. وهذا ما جعل بعض أعضاء الحركة يعزفون عن السياسة ولم يقبلوا بالانضمام إلى الحزب، إما تموقفا من قيادات حاتم في الحزب أو خوفا على دينهم من سياسة العدالة والتنمية. هناك قسم كبير من هؤلاء يعتبر نفسه رهينة لهذا الوضع. قد ينجح المجلس الوطني في امتحان إسناد المناصب السياسية، لكنه لن يستمر في التغطية على تمرير القرارات المتخذة في الخفاء والتي تميز هيمنة بنكيران على كل مناشط الحزب والحركة.