لم يكن انتخاب عبد الإله بنكيران أمينا عاما للحزب الإسلامي المفاجأة الوحيدة في المؤتمر السادس لحزب العدالة والتنمية، فبعد انعقاد أول لقاء للمجلس الوطني الجديد، والذي خصص لانتخاب رئيس «برلمان الحزب» وأعضاء مكتبه، إلى جانب المصادقة على أعضاء الأمانة العامة الذين يقترحهم الأمين العام، بدا أن جليد الخلافات بين عدد من التوجهات داخل صفوف الحزب لم يصمد أمام حرارة الاقتراحات والتوافقات الجديدة التي أفرزها ظهور حركة الهمة وهجومها على الحزب الإسلامي. فقد حملت لائحة الأمانة العامة الجديدة ثلاثة أسماء جديدة (عبد العزيز أفتاتي، عبد العالي حامي الدين، جميلة مصلي) يعرف اثنان منها بمواقفهما التي تركز على تعديلات دستورية تخول مزيدا من الصلاحيات للأجهزة الحكومية والبرلمان، وتدعو إلى مواجهة السلطة وعناصرها المتورطين في الفساد مهما بلغ موقعهم في هرم السلطة. وإضافة إلى هؤلاء الأعضاء الجدد فقد احتفظت التشكيلة التي اقترحها بنكيران بالعناصر القديمة التي عرفت بمواقفها المخالفة لقناعات الأمين العام الجديد وقربها من غريمه الرميد. ويبدو أن الخوف على تماسك الحزب الذي عبر عنه لحسن الداودي، في حالة انتخاب بنكيران الذي وصفه ب«الجنرال» و«الرجل القوي أكثر من اللازم» قد أخذ بعين الاعتبار من طرف هذا الأخير.. الذي اقترح أسماء محسوبة على كل التيارات لعضوية الأمانة العامة للحزب. وبهذا الخصوص، يوضح مصطفى الخلفي – عضو المجلس الوطني للحزب وأحد أبرز المقربين من بنكيران – أن التشكيلة الجديدة للأمانة العامة تؤكد منطق القيادة الجماعية، وتكشف عن صيانة التعددية داخل العدالة والتنمية وتقويتها بشكل يتم معه استثمارها لفائدة الحزب. أما بخصوص تعميق التمايز بين الحزب وحركة التوحيد والإصلاح، فيكشف الخلفي أن التمايز الوظيفي ظل قائما، حيث لم تتم إضافة أي اسم جديد من قياديي الحركة إلى الأمانة العامة، باستثناء القدامى. وبهذا الصدد يشرح الخلفي أن عزيزة البقالي مثلا لم يتم ترشيحها لعضوية الأمانة العامة بسبب كونها عضوا في المكتب التنفيذي للتوحيد والإصلاح. من جهته، نفى خالد الرحموني، عضو المجلس الوطني، والذي يتقاسم مع عضو الأمانة العامة الجديد أفتاتي نفس القناعات والتوجهات، أن يكون حزبه يشتغل بمنطق الاصطفافات الجامدة، وقال إن المرحلة الحالية يحكمها العمل المؤسساتي من خلال وثيقة «النضال الديمقراطي» التي اعتمدها المؤتمر السادس. وأضاف الرحموني أن بنكيران قد وعى بضرورة الانفتاح على مختلف وجهات النظر، حتى يتمكن من الحفاظ على حزب موحد ومتماسك يحكم أداءه السياسي ما ورد في أطروحة المؤتمر. وكان المجلس الوطني الجديد قد انتخب سعد الدين العثماني – الأمين العام السابق – رئيسا له، بعد حصة من التداول في المرشحين الثلاثة الذين أفرزتهم المرحلة الأولى من التصويت (العثماني، الرميد، بها).