الخطاب الحزبي هو أدوات الإفصاح عن تفاصيل البرنامج الانتخابي، لكن خلال الأيام الأولى من الحملة الانتخابية تبين أن الأحزاب السياسية لم تستوعب بعد التحولات الجديدة التي يعرفها المغرب، وهي التحولات التي انطلقت مع الدستور الجديد، وكان على الخطاب الحزبي أن يكون منسجما مع الدورة الجديدة من الديمقراطية المغربية، لكن لوحظ تخلف الأحزاب السياسية عن هذه اللحظة التاريخية. فالخطاب وعد، والوعد إما صدق وإما كذب. لقد تحولت خطابات زعماء الأحزاب السياسية وأتباعهم وتابعي تابعيهم بإحسان إلى البرلمان إلى لغة وعود لا نهاية لها، إن الرهان الأسمى للخطاب السياسي ليس، كما يمكن أن يُعتقد، هو حملَ رسالة أو نشرَ أيديولوجية، أو التحريكَ من أجل فعل، بل هو تأكيد هوية خطيب من أجل تسهيل انخراط مستمَع، وفي موضوعنا أن تسهيل مهمة الناخب ليختار المرشح الذي يمنحه صوته. ثمة ضرورة ماسة تقتضي تسليط الضوء على ماهية الخطاب الحزبي الحالي الذي يبتعد كثيراً عن ماهية ومضامين الخطاب.. وذلك من خلال بعض المفاهيم الأساسية التي باتت تشكل هذا النمط من الخطابات.. والذي أضحى بحاجة إلى الدراسة والتحليل. فالخطاب هو إنجاز في الزمان والمكان، وقيامه يقتضي وجود شروط من أهمها المخاطَب والمخاطِب، وتحديد كيان الخطاب. وإذا كانت الظروف هي الانتخابات فإن الخطاب هو توضيح للبرنامج الانتخابي. ولقد جاء مصطلح الخطاب في المعاجم العربية ولم يبتعدوا في تحديد مفهوم الخطاب، عن دلالة الكلام ومعاييره، وهو الضبط الذي يذهب إليه كثير من علماء اللغة قديماً وحديثاً.. وفي هذا الشأن يقول ابن منظور : الخطاب مراجعة الكلام، وقد خاطبه مخاطبة وخطاباً وهما يتخاطبان. أما في اللسانيات فنجد أن الخطاب يساوي الكلام، وبهذا نستطيع القول بأنه عبارة عن نتاج فردي كامل يصدر عن وعي وإرادة، ويتصف بالاختيار الحر، وحرية الفرد الناطق تتجلى في استخدامه أنساقاً للتعبير عن فكره الشخصي. ففي الغالب الأعم لا يعرف الخطباء الحزبيون لمن يوجهون خطابهم. وفي كثير من الأحيان تغيب الفئة المستهدفة عن وعي منتج الخطاب، فيذهب في خطابه يمنة أو يسرة، ويتحدث عما لا يعني الناخب ودون أن يضع نصب عينيه الفئة المستهدفة من خطابه، فتضيع البوصلة.. و"بالتالي يضيع معها المعنى والمراد، حتى لا نصل في النتيجة إلى مؤدى يوصل إلى مردود هذا الخطاب الحزبي.. لكن الخطاب الحزبي العلمي عليه أن يضع أمامه ومنذ البداية الفئة التي يريد أن يستهدفها بخطابه هذا، حتى تكون لغة الخطاب مناسبة وطرق إيصال الأفكار واضحة وآلية الانتشار ممكنة، إذ ليس معقولاً أن تكون الفئة المستهدفة جمهور الناخبين في الدواوير ويتم استعمال لغة الاقتصاد والمال والأعمال. يبدو أن الأحزاب السياسية لم تستوعب اللحظة التي أصبحت محرجة بالنسبة إليها، إذ أن الكرة في ملعبها، أما وزارة الداخلية فهي أصبحت تقوم بدور المتتبع ومتابعة كل من يخرق القوانين الانتخابية.