البام… انتهى الحزب؟ أم انتهت قيادته؟ انطلق بلال التليدي من هذه الأطروحة ليعطي سيناريو للأحداث التي يمر منها حزب الأصالة والمعاصرة منذ 6 أشهر خلت، ويذكر التليدي أن المؤشرات المتوفرة تعطي اتجاهين لمستقبل حزب البام، أولهما الاستمرارية في المشهد السياسي، والثاني ينبئ بنهاية دوره، ليدعم التليدي الاتجاه الثاني وأن تحقيقه مسألة وقت لا غير. فقد صرح التليدي في تدوينة له نشرها اليوم على صفحته على موقع التواصل الإجتماعي "فايسبوك" أنه "تواترت في الست الأشهر الأخيرة عدد من المؤشرات عن مستقبل حزب البام، بعضها يسير في اتجاه استمرار دوره في المشهد السياسي، وبعضها الآخر يشير إلى احتمال نهاية دوره، فيما تتعزز المؤشرات التي تفيد بأن قيادته صارت قاب قوسين أو أدنى من مغادرة الحزب وأن القضية هي مسألة وقت وتصريف قرار ليس إلا." ووضح التليدي في ذات التدوين أن هناك "مؤشرات استمرار الدور كثيرة منها الواقع القانوني لفريقيه داخل المؤسسة التشريعية، والإكراه الذي يفرضه قانون الأحزاب بمنع الترحال السياسي، ومنها أيضا الحاجة إلى معارضة عددية من خارج توليفة الحكومة لاسيما وأن حزب الاستقلال لم يغير موقفه بعد من المساندة النقدية لحكومة سعد الدين العثماني، ومنها أيضا توفير احتياط سياسي يعوض فشل الرهانات الجارية اليوم." وتابع التليدي كاشفا أن هناك "مؤشرات نهاية الدور أيضا موجودة، فالحاجة لتقليص شعبية العدالة التنمية تفرض إزالة العنوان السياسي الذي ظل يخوض باسمه الاستحقاقات الانتخابية، إذ ما فتئ هذا الحزب في استحقاق 2011 و 2015 و 2016 يرفع شعار مواجهة التحكم وتعبيره السياسي المتمثل في حزب البام، ونجح في إحراز تقدم كبير بفضل هذا العنوان، كما أن الحرج الذي تسبب فيه السلوك السياسي لهذا الحزب وخاصة قيادته شكلت عاملا إضافيا في الرفع من شعبية العدالة والتنمية وتحصين قاعدته الانتخابية ومدها بأوسع الشرائح بما في ذلك التي تخالفه المعتقد السياسي والفكري." ويؤكد التليدي في ذات التدوينة قائلا "أما مؤشرات نهاية قيادته السياسية، فهي الأكثر حظا، ليس لأن الأمر يتعلق فقط باستنفاذ أغراضه وفشله في تحقيق رهان، ولكن، لأنه تحول من أداة لتنفيذ دور، إلى باحث عن أدوات ضغط وابتزاز لتبرير صلاحيته وكونه الأجدر بهذا الدور من غيره." وأردف ذات المتحدث قائلا "تدوينات إلياس العماري التي ذهبت حد الكشف عن مضمون جلسات خاصة، وسلوكه السياسي الملغز في حراك الحسيمة، وتسريب معلومات من هنا وهناك عن نهاية النفوذ الذي كان يتمتع به يفيد بوجود توتر في علاقته ببعض مراكز القوة داخل الدولة، وأن الدولة غير مرتاحة البتة لردود فعله وابتزازه، وأن القرار حسم بنهاية دوره." وفسر التليدي أن "الأمر يتعلق فقط بترتيبه بشكل حكيم من دون مضاعفات مكلفة، ربما بتسوية أوقتل رمزي بطيء، أو ضغوط متتالية تنتهي بنهاية العناد والممانعة…" ويواصل التليدي قائلا أن "هذه المؤشرات المتقابلة، تبدو في الظاهر متعارضة، لكنها ليست كذلك عندما يتعلق بجدلها وتفاعلها داخل الدينامية السياسية الموجودة: فحزب الأصالة والمعاصرة سيستمر دوره لكن في زاوية الاحتياط، على أساس أن يتم البحث عن قيادة جديدة في الوقت ذاته الذي يتم فيه تدبير التخلص من قيادته الحالية، وأن خيار إنهاء الدور واستمراره يبقيان دائما خيارين مفتوحين بحكم أن المنطق الذي يحكم القرار اليوم يمزج بين استحضار الاستراتيجي وتحكيم اليومي." ويغوص التليدي في الشرح بقوله "الاستراتيجي هو البحث عن التوازن السياسي الذي يعني إضعاف العدالة والتنمية أو تقوية الإرادات المعاكسة له، واليومي هو الجواب عن ما العمل يوما بيوم: قد يكون دور البام اليوم ملحا، وقد يكون غذا غير ملح، قد يتم الرهان عليه في هذه المحطة، وقد يتم التخلي عنه في المحطة الموالية، لكن في النهاية والمحصلة، المحدد هو التقييم الدائم لما يحصل من أثر في القرار اليومي وترتيب الموقف بناء على ذلك." وشدد التليدي أيضا على أن "مسؤولية القوى الديمقراطية اليوم، هي أن تدفع في اتجاه إنهاء دور البام بشكل مطلق، وألا تتورط في أي عملية تطبيع معه، وأن تساهم في فضح سلوكه السياسي اتجاه الدولة والقوى السياسية والمجتمع، فكلما نجحت القوى السياسية في التخلص بشكل ديمقراطي من الأحزاب المصنوعة كلما حققت تقدما في المسار الديمقراطي…اللحظة تاريخية." ويردف قائلا "واستثمار التوتر الحاصل لتوجيه النصح للدولة من تداعيات تدخلها في المشهد السياسي والأثر المعكوس الذي ينتج عن ذلك هذا جزء لا يتجزأ من مسؤولية القوى الديمقراطية…" وختم التليدي تدوينته بقوله أن "والتطبيع مع هذا الحزب وإعطائه فرص الانتعاش وتقويته اليوم يخلق شروط تفاوضه مع الدولة من أجل استمرار دوره أو استمرار قيادته في أداء هذا الدور."