تُمنّيتُ لو كان بإمكاني الحصول في المعرض على كتب مخصصة للمكفوفين بتقنية "برايل"، حتى لا أضطر لإزعاج آخرين لمساعدتي على القراءة. هكذا تحدثت سميرة الطالبة المكفوفة ل"أندلس بريس"، عن معاناتها مع غياب كتب مخصصة للمكفوفين، خلال تجولها داخل أروقة المعرض الدولي للكتاب والنشر في دورته الثانية والعشرين، بالدارالبيضاء. سميرة شابة في العشرينيات، نموذج للعديد من المكفوفين الذين لم يكن لهم حظ في المعرض هذه السنة ولا في السنوات السابقة، حيث تغيب الكتب المسموعة أو المرقونة بتقنية برايل، الموجهة لهذه الفئة، التي يضطرها فقدانها لنعمة البصر الى عدم المغامرة بشراء كتب عادية، أو البحث عن أشخاص لمساعدتها عل القراءة. تقول سميرة " أنا أدرس شعبة القانون بجامعة محمد الخامس بالرباط ، وبحثتُ في المعرض على كتب في هذا التخصص موّجهة للمكفوفين لكن للأسف لم أجد ولا كتاباً واحداً". مشاريع معطلة من جهتها دعت عفاف الزاوك، كفيفة موظفة بالتعاون الوطني، إلى توسيع دائرة النشر بطريقة برايل، مُنَاشِدةَ الجهات الحكومية والمدنية إلى دعم مشاريع طبع وتوزيع الكتب الموجهة لفئة المكفوفين. وكشفت عفاف في حديثها ل"أندلس بريس" داخل أروقة المعرض الدولي للكتاب والنشر، أن إحدى الجمعيات التي تشتغل معها والمهتمة بالمكفوفين، أَصدرت سبع سلسلات، ، تتوفر كل واحدة على مجموعة قصص بطريقة برايل بالفرنسية والعربية. مضيفة "استطعنا تصنيفها من المستوى الأول إلى السادس. إضافة إلى أننا أنجزنا كتابا بالطريقة برايل وأيضا بالكتابة العادية حتى يتمكن الآباء من مساعدة طفلهم الكفيف على القراءة والتعلم، لكن للأسف لم نستطع طبعه لأن تكلفته باهظة". برايل غير كافية أما ليلى أيت باسو، الموظفة بوزارة التنمية الاجتماعية، فتقول إن معاناتها مع القراءة أكبر من أولئك الذين يتقنون تقنية برايل، لأنها لم تفقد نعمة البصر إلا مؤخرا، وليس بإمكانها تعلم هذه التقنية والتعود على القراءة بها، بعد أن اقتربت من عقدها الخامس. تقول ليلى، بحسرة واضحة، لدي شغف كبير للقراءة لكني لا أستطيع ذلك إلا بمساعدة شخص آخر، وهذا فيه إحراج كبير، وحتى صوت الآخر في القراءة ليس كمتعة تقليب الكتاب. مقترحة أن تأخذ دور النشر حاجة هذه الفئة بعين الاعتبار، وتقوم بتسجيل الكتب مقروءة على أقراص المدمجة، مرفوقة للكتاب الأصلي حتى يتسنى للمكفوفين الاستفادة منها. لا بدّ من تلبيات الحاجات الفكرية للمكفوفين من جهته يرى جواد الشفدي، رجل الإعلام ومدير نشر يومية التجديد المغربية، في تصريح ل"أندلس بريس" أن الملاحَظ بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصة، ضعف الكتب الموجّهة إليهم. مضيفاً "هناك حملة لتوفير ممرات خاصة بذوي الاحتياجات الحركية الخاصة، لكن بالموازاة مع هذا لا بدّ من تلبية بعض الحاجيات الفكرية، بتخصيص كتب في جميع المجالات بطريقة برايل أو مسموعة". وقال "لا يمكن أن نترك المكفوف دائما في حاجة لمن يقرأ له، وبالتالي من اللازم الاستثمار في هذا النوع من الكتب حتى نلبي حاجيات فئة كبيرة من إخواننا المكفوفين". تحديات دور النشر في مقابل ذلك أوضح محمد سيد، مدير مكتب الشرق الأوسط لشركة التسنيم الماليزية، ل"أندلس بريس" أن دور النشر غير مقبلة على إنتاج كتب للمكفوفين لأن هذا مكلف نسبيا، بالإضافة إلى أن إمكانيات المكفوفين المادية ضعيفة لا تسمح لهم بتحمّل تكلفة كتب بطريقة برايل. وبالتالي يمكن القول أن التحدي مشترك من كلا الجانبين(المكفوفون ودور النشر). وأضاف "نحن كشركة في ماليزيا لدينا تقنية حديثة في إنتاج كتب مسموعة، ولقد وزعنا في معرض الدارالبيضاء هذه السنة، عدد مهم من نسخ المصحف المسموع باستخدام طريقة برايل".