كرواتيا تجدد دعمها لمبادرة الحكم الذاتي وتصفها بقاعدة واقعية لحل نهائي لقضية الصحراء المغربية    دي ميستورا تحت المجهر.. إحاطة مثيرة للجدل تعيد بعثة الصحراء إلى دوامة الانحياز والمراوغة    رئيس مجلس المستشارين: التنمية المشتركة والتعاون جنوب-جنوب يشكلان بعدًا محوريًا في علاقات المغرب الخارجية    الدكتور نوفل الناصري يصدر كتابًا جديدًا بعنوان "مستقبل النظام الدولي في ظل التفاعلات الجيواستراتيجية الراهنة"    تسجيل ثالث حالة إصابة بداء الكلب في مليلية خلال أقل من أسبوعين    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء إيجابي    هل هي عزلة أم إقامة إجبارية دولية: هكذا تخلت القوى الكبرى ‮ والدول الصغرى أيضا عن دولة العسكر في الجزائر!    شرطي يُطلق رصاصة تحذيرية لإحباط محاولة فرار سجين من داخل مستشفى    أسعار الذهب تبلغ أعلى مستوى لها على الإطلاق    فرنسا توسع خدماتها القنصلية في الأقاليم الجنوبية: مركز جديد لمعالجة التأشيرات بمدينة العيون    نبيل باها يعتبر بلوغ نهائي كأس إفريقيا للفتيان فخرا كبيرا    بلقشور: إصلاحات "دونور" غير مسبوقة والمركب في أفضل حالاته    المكتب الوطني للمطارات: منطقة مغادرة جديدة بمطاري مراكش- المنارة وأكادير- المسيرة    تساهم في تفشي معدلاته المخدرات، التفكك الأسري، الألعاب الإلكترونية وغيرها .. تلاميذ وأطر إدارية وتربوية تحت رحمة العنف في مؤسسات تعليمية    والدة بودريقة أمام الوكيل العام بتهمة سرقة 700 مليون من خزانة شقيقها المتوفى    جامعة عبد المالك السعدي تُثري فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب ببرنامج ثقافي متنوع في دورته ال30    ملاحظات عامة عن المهرجانات السينمائية المستفيدة من دعم الدورة الأولى لسنة 2025    أنشطة سينمائية بعدد من المدن المغربية خلال ما تبقى من شهر أبريل    «أجساد في ملكوت الفن».. عبد العزيز عبدوس يفتح نوافذ الذاكرة والحلم بطنجة    المتصرفون التربويون يحتجون يومه الخميس ويهددون بالاستقالات الجماعية من جمعية دعم مدرسة النجاح    أوراق مؤتمر "بيجيدي" تتمسك بالمرجعية الإسلامية والصحراء وفلسطين    الأرصاد: رياح قوية وزوابع رملية تجتاح مناطق واسعة من المغرب    طعنة في قلب السياسة : لماذا اعتدى شاب على نائب عمدة سلا؟    الركراكي: "الكان" يحدد مستقبلي    المعهد الوطني للعمل الاجتماعي بطنجة ينظم يومًا مفتوحًا لفائدة تلاميذ وطلبة جهة الشمال    عمال الجماعات المحلية يعلنون إضرابا واحتجاجا أمام البرلمان بسبب تجاهل مطالبهم    حادثة سير خطيرة تودي بحياة شاب بأكادير    هل ما زال للقصائد صوت بيننا؟    المغرب يتسلح ب600 صاروخ أمريكي لمواجهة التحديات الجوية    رئيس مجلس الدولة الصيني يدعو لتعزيز الطلب المحلي في مواجهة التوترات التجارية مع واشنطن    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    بيلينغهام : واثقون من تحقيق ريمونتادا تاريخية أمام أرسنال    حكيمي: "الحقيقة أننا لا نهتم بهوية منافسنا.. لأنه للفوز بدوري أبطال أوروبا عليك أن تواجه الأفضل"    المنتخب الوطني المغربي للمواي طاي يشارك ضمن فعاليات البطولة الإفريقية بطرابلس    شهادة مؤثرة من ابنة مارادونا: "خدعونا .. وكان يمكن إنقاذ والدي"    زلزال بقوة 6.6 درجة يضرب غرب أستراليا    وقفات احتجاجية في مدن مغربية ضد التطبيع واستمرار العدوان الإسرائيلي على غزة    بين وهم الإنجازات وواقع المعاناة: الحكومة أمام امتحان المحاسبة السياسية.    "Prev Invest SA" تنهي مساهمتها في رأسمال CFG Bank ببيع جميع أسهمها    إسرائيل: "لن تدخل غزة أي مساعدات"    كلب مسعور على حدود المغرب .. والسلطات الإسبانية تدق ناقوس الخطر    وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة وشركة "نوكيا" توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز الابتكار المحلي    أسعار المحروقات تواصل الارتفاع رغم تراجع أسعار النفط عالميا    "جيتيكس إفريقيا".. توقيع شراكات بمراكش لإحداث مراكز كفاءات رقمية ومالية    أسعار صرف العملات اليوم الأربعاء    المغرب يعزز درعه الجوي بنظام "سبايدر".. رسالة واضحة بأن أمن الوطن خط أحمر    بطولة إسبانيا: توقيف مبابي لمباراة واحدة    وفاة أكثر من ثلاثة ملايين طفل في 2022 بسبب مقاومة الميكروبات للأدوية    دراسة أمريكية: مواسم الحساسية تطول بسبب تغير المناخ    فايزر توقف تطوير دواء "دانوغلبرون" لعلاج السمنة بعد مضاعفات سلبية    نقل جثمان الكاتب ماريو فارغاس يوسا إلى محرقة الجثث في ليما    قصة الخطاب القرآني    فاس العاشقة المتمنّعة..!    أمسية وفاء وتقدير.. الفنان طهور يُكرَّم في مراكش وسط حضور وازن    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذاك الزين اللي فينا
بقلم: مهدي عامري

يعتبر الفيلم السينمائي خطابا فكريا وثقافيا وإبداعا فنيا متكامل العناصر، يسعى صاحبه من خلال رؤية معينة إلى التأثير على المُشاهد، بامتلاك حسه الشعوري والفكري، لذا تمثل السينما قيمة فنية بكل تمظهراتها الإنسانية. السينما أيضا "نافذة على العالم" ، و الكثير منا سمع مرارا و تكرارا بهذه الاستعارة الكلاسيكية، و بما أن السينما كانت باستمرار تحت رحمة السلطة السياسية خاصة في الشرق و السلطة المالية خاصة في الغرب فلقد عانى الإبداع الفردي كثيرا في القرن العشرين من هاتين السلطتين، و لكن على أعتاب القرن الحادي و العشرين، اختلف الموقف جذريا ، فأصبح السينمائيون بفضل الثورة التكنولوجية المدهشة قادرين أن يتصوروا أنفسهم في أوضاع سينمائية جديدة، سلاحهم في ذلك كاميرات في منتهى خفة الوزن و الصغر بحيث يقترب وزنها و حجمها من العدسات اللاصقة لا سيما أن ثقل الآلات السينمائية، في العقود السابقة، كان يعوق المبدع في العديد من الاختيارات و التنفيذات السينمائية.
كثيرة هي أيضا الكتب التي تتحدث عن الفيلم السينمائي على مستوى الكتابة و التأثير و الإخراج. من ضمن هذه الكتب علامات بارزة في المكتبة السينمائية، مثل كتاب "الإخراج السينمائي لقطة بلقطة - صناعة المشاهد البصرية من الفكرة إلى الشاشة" لمؤلفه ستيفن كيتز، و الذي صدرت طبعته الأولى عام 1991 و كتاب " تقنيات إنتاج الفيلم الوثائقي" لمؤلفه هوغ بادلي و الذي صدرت طبعته الأولى عام 1963. و من الكتب التي صدرت في السنوات الأخيرة كتاب "صناعة الأفلام الوثائقية و أفلام الفيديو الواقعية لمؤلفه هاري بامب.
فيلم "الزين اللي فيك" من جنس الأعمال السينمائية التخييلية رغم أنه ذو نفس وطابع وثائقي صميمي يتكشف من خلال الأضواء التي يسلطها على ظاهرة الدعارة في الواقع اليومي لمدينة مراكش. هذا الفيلم الذي لم يتح لنا مشاهدته بفعل المنع الذي طاله (حيث أعلنت وزارة الاتصال أن السلطات المغربية المختصة قررت عدم السماح بالترخيص لعرضه بالمغرب، نظرا لما تضمنه من إساءة أخلاقية جسيمة للقيم وللمرأة المغربية، ومس صريح بصورة البلاد) أسال الكثير من المداد و هوجم بشراسة في منابر التواصل الاجتماعي و أثار و ما زال يثير الكثير من الجدل بفعل بعض مقاطعه المسربة على اليوتيوب و التي شوهدت من قبل مئات الآلاف من متصفحي الأنترنت.
كل هذا معروف، فما القيمة المضافة لهذه السطور ؟ نريد أن ندلي بدلونا في النقاش الدائر حول "الزين اللي فيك" لمخرجه المغربي الفرنسي نبيل عيوش. نريد أن نساهم في تأسيس و بلورة تفكير هادئ و عقلاني، بعيدا عن الأحكام الجاهزة و سلطان العاطفة العمياء، حول فيلم أثار زوابع من النقد و مقدارا هائلا من الضجيج. بداية، إن قرار منع عرض الفيلم في القاعات السينمائية يمليه حرص السلطات على صيانة الأخلاق العامة و حماية سمعة المغرب حيث أظهرت اللقطات المسرّبة من الفيلم، كلمات نابية ومشهد رقص ماجن يحمل إيحاءات جنسية واضحة، فضلًا عن مشهد آخر لعاهرة ترقص وتغني بما مفاده أن مواطني بلد خليجي بعينه يحبون ممارسة الجنس مع المغربيات.
لكن توازيا مع هذا لماذا هذا الكم الهائل من الحقد و وابل السباب و القذف و التهديد بالقتل الذي تعرضت له بطلة الفيلم لبنى أبيضار ؟ لماذا يلبس الكثير من المنتقدين عباءة الواعظ الديني و يمارسون الترهيب في حق امرأة، حتى و إن لعبت سينمائيا دورا فيه نوع من الإباحية، إلا أنها تظل إنسانة تندرج أفعالها و حركاتها و اختياراتها في دائرتي الصواب و الخطأ ؟ ككل الناس طبعا... لكل من يحكم على "الزين اللي فيك" بمنطق الحلال و الحرام نريد أن نقول : العين تزني فما كان هناك من داع أصلا لمشاهدة اللقطات المسربة و بها ما بها من صور و إيماءات و إيحاءات تعبق بالجنس و الشبق ! أ ليست الموعظة الحسنة و الإرشاد اللين إلى جادة الصواب أفضل من أن تلعن أو تعنف فلانا أو فلانة ؟ لكل من يعتبر العري و الإثارة المجانية للحواس و الكلمات الخادشة للحياء و ربح الأموال على حساب الأخلاق من صميم حرية الفن و التعبير نريد أن نهتف بأعلى صوت : ما الفرق بين الإنسان و غير الإنسان ؟ ما الفرق بين الفن الراقي الموظف للرموز و الفن الساقط في مهاوي الابتذال ؟
لقد ناضل الفنان منذ فجر التاريخ من أجل إيصال صوته إلى العالم بالكلمة والصورة المعبرة والصوت والأداء المؤثر، و في سبيل ذلك لم يتردد في الهجرة و التضحية بالغالي و النفيس من الجهد و الوقت و المال و امتشاق دروب الحياة، بعيدا عن أسباب الراحة و الطمأنينة، فالعمل الفني الحقيقي هو ما يمنح الاعتراف و المكانة و الاعتبار، و نحن لا نشكك في القيمة الفنية لنبيل عيوش من خلال كثير من أعماله السابقة، لكن أي قيمة لعمل فني لا يخدم الوطن ؟ أي قيمة لعمل فني لا يعمل على ترسيخ حب الوطن ويحافظ على قيم الشعب ويحرك مشاعره باتجاه الدفاع عن هويته وحقوقه والسمو بعواطفه الإنسانية ؟ أي قيمة أيضا لأحكام انفعالية حول شريط سينمائي لم يشاهد أصلا و عرف عن شعبه التشفي بالغير و تنزيه الذات من الوقوع في الزلل و تصيد أقل هفوة للآخر لأجل الفتك به ؟ و أخيرا لم هذه "الجنازة الحامية و الميت فار" ؟ بعبارة أخرى، لماذا هناك طاقات أهدرت و أعصابا أتلفت و أشخاصا شتموا و تهديدات بالقتل أطلقت في حق فيلم لم يعرض بعد في قاعات السينما، بل طاله المنع حتى قبل أن يبرمج عرضه... و الأدهى و الأمر أننا جميعا نملك كامل الحرية في مشاهدة أو عدم مشاهدة لقطاته المسربة، أو نسخته المقرصنة متى توفرت ؟
إن " الزين اللي فيك" سحابة صيف، إنها ظاهرة عابرة لا تستحق منا كل هذه الجلبة و الضوضاء. إن عواصف النقاش الدائرة حول هذا الفيلم و سهام النقد الموجهة له يمينا و يسارا لهي أكبر لعبة تمارس لإلهاء الرأي العام و شغله بتوافه القضايا و المواضيع عوض ما هو حيوي و مستعجل. إن أقصى الذكاء و "الزين اللي فينا" أن نهتم في حاضرنا و مستقبلنا بما هو أنفع و أهم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.