إذا ما تأكدت تدوينة السيد الحبيب الشوباني على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، فمضمونها يؤكد صحة ما نشرته الجرائد وتناقلته عدة صحف الكترونية، ومفاده أن السيد الوزير تقدم رفقة زوجته وأمه لخطبة زميلة له في الحكومة، الوزيرة سمية بنخلدون، بعد طلاق هذه الأخيرة من زوجها السابق بعد حوالي 30 سنة من العشرة الزوجية. بعد تثمينه لمهنية ومصداقية الجريدة التي نشرت الخبر، فكل ما نفاه الشوباني في تدوينته هو خبر كون أمه رفضت تقدمه من قبل لخطبة امرأة أخرى، وطالب القائمين على الإعلام الجاد، ولا نعرف من يقصد بهم، بالتمييز المسؤول بين الشأن العام للمجتمع والشأن الخاص للمواطنين والمواطنات مهما كانت مواقعهم ومسؤولياتهم. ونظرا لأهمية مثل هذه الأحداث التي قد تبدو بسيطة وشخصية في مسار تطور المجتمعات والدول، ومساهمة في تحليل ما جرى ويجري باعتباره حادث حكومي وسياسي، وليس بأي حال من الأحوال مجرد حدث عابر أو شأن شخصي خالص، نورد التوضيحات الآتية: أولا، من المهم توضيح كون تناول الخبر وتحليله لا يتعلق بالخوض في حياة الأشخاص، فمن خلال صفتي السيدين المعنيين المباشرين بهذا الحدث الاجتماعي والسياسي والإعلامي، باعتبارهما وزيرين في حكومة المغرب، فالواقعة بكل أبعادها ليست شأنا خاصا يهمهما لوحدهما، خاصة أنها ليست مجرد خطوبة أو عقد قران عادي بين شابين أو عازبين، بل هي خطوبة بين وزيرين، وأكثر من ذلك بين وزير متزوج ووزيرة مطلقة في حكومة يقودها حزب إسلامي. ثانيا، الوزير متزوج من سيدة أخرى لم يذكر اسمها ولو يتم احترامها باعتبارها امرأة أولا وقبل كل شيء، وكأنها مجرد نكرة وحريم في حياة ذكر جمعها به عقد نكاح وإنجاب، وشاء منطق السياسة والجماعة ومكرهما، أن يصير الأستاذ وزيرا والزوجة ضَرّة، إذا بقينا أوفياء للمصطلح المتداول في الحقل الدلالي الاجتماعي المغربي. لكن الأكثر إثارة ودلالة هو اصطحاب الزوجة الأولى زوجها لطلب قران من زوجة ثانية، بل وتوظيف بعض الجرائد لعبارة "زوجة الوزير الشوباني تخطب له الوزيرة بنخلدون"، مما يثير موضوع كرامة المرأة ويطرح سؤال المرجعية والسند الديني والدلالة الاجتماعية لحالة نكران ذات الزوجة وطاعتها في النموذج الاجتماعي الإسلامي الذي يتبناه ويؤسس له الحزب الذي يترأس حكومة المغرب الحالية. ثالثا، فالخطاب العرضي والدلالة التي يصرفها هذا الحادث الاجتماعي والحدث الحكومي، خصوصا في صفوف الفئات العريضة من المجتمع التي تقتدي بفقهائها ووعاظها ومشعوذيها وسياسيها...، هو أن مكانة المرأة وعلاقتها بالرجل وما يمكن أن تقوم عليه من حب وتقدير وكرامة، هي رهينة الوضعية الاجتماعية للرجل ومدخوله المادي ومكانته الرمزية، فبقدر ما يترقي بمنطق النفقة في سلم الثروة والوظيفة أو الحزب أو الجماعة –الترابية وكذا الدينية-، بقدر ما يستطيع أن يمتلك ويحب وينكح أكثر، لأنه ذكر رابعا، السؤال المباشر الأخر الذي يطرحه هذا الحادث الحكومي هو لماذا لا يقدم الشخص الراغب في الاقتران بامرأة ثانية أو ثالثة أو رابعة على فراق سابقاتها، وكيف يقتنع ويقنعهن ببقائهن مجتمعات راضيات مغبونات في مقصورة طاعته الخالدة، فاقدات لكرامتهن الآدمية وعزتهن النسائية! خامسا، فخطوبة الوزير المتزوج وقرينته الجديدة اللذان يربطهما انتمائهما معا لحزب العدالة والتنمية واستوزارهما معا في الحكومة التي يترأسها، والتي يقال بأنها حكومة الانتقال الديمقراطي الثانية ومحاربة الفساد والاستبداد، هذه الخطوبة تثير سؤال الدلالة الدينية والسياسية لهذا القران المبارك. فإضافة إلى الجانب الشخصي من الموضوع وكل ما يمكن أن يعزى إلى علاقة حب وعشق قاهر لم يمهلهما الانتظار لبعض الشهور وربما لبعض الأسابيع، فالدلالة السياسية لا يمكن أن تغيب عن ذهنيهما ولا عن فطنة وتخوف الجماعة ورئيس الحكومة ومراقبته لفريقه ولمريديه، خاصة أنه كان على علم بالعلاقة وخطورة تحولها إلى ورقة سياسية في أيدي المعارضة. وبذلك تصير الرسالة بكل وضوح هي أن الحكومة تجيز تعدد الزوجات، وبمباركة من الزوجة أو الزوجات الصالحات، بل وتمارسه وتعطي النموذج للاقتداء به. سادسا، انطلاقا من هذا الحادث الحكومي يتضح أن تعدد الزوجات وبرضاهن وإقدامهن، أي رضا وإقدام الزوجة الأولى والزوجة الثانية كذلك، هو خيار وزراء يحملون مسؤوليات سياسية ورمزية في حكومة المغرب، مما يعني سياسيا أن هذا السلوك الاجتماعي والقيمي الذي سيثير انتقادات المنظمات الحقوقية والحركة النسائية الديمقراطية، كما سيثير استغراب العديد من الدول والمنظمات والقوى الديمقراطية المتتبعة للحالة المغربية الملتبسة، يعني أنه اختيار سياسي واعي من طرف نخبة المجتمع ومسؤوليه الحكوميين، وبقدر ما سيعملون من أجله عبر إمكانيات وأدوات الدولة وسلطها بما في ذلك السلطتين التشريعية والتنفيذية، بقدر ما يمارسونه تلقائيا في فضاء المجتمع ومن موقع مسؤولياتهم السياسية والعمومية. فتهانينا للزوجين الوزيرين، ومتمنياتنا لهما بالرفه، ومواساتنا لنساء المغرب في هذا المصاب الحكومي وفيما يلحق صورتهن وحلمهن في الكرامة والمساواة من خدش وتبخيس باسم الإسلام والسياسة والحكومة.