تتواصل التعبئة الشعبية في منطقة الجنوب الجزائري، بخصوص الغاز الصخري، الذي تملك الجزائر منه رابع الاحتياط العالمي. وتتمسك السلطات بهذه الطاقة البديلة، حيث نجحت في ديسمبر الماضي في حفر أول بئر تجريبية في منطقة عين صالح، وذلك رغم اختلاف العلماء والمختصين حول المخاطر البيئية التي قد تنجم عن استخراج هذا الغاز. تحليل سفيان بن دوينة مهندس في الجيولوجيا بجامعة وهران وجيوستاتيك بالمدرسة العليا للمناجم بباريس. لن تتراجع الحكومة عن مشروع الغاز الصخري لأنها "هبة من عند الله" رسالة واضحة أكدها مجددا الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في 24 فبراير الماضي، رغم الاحتجاجات الشعبية التي يعرفها الجنوب الجزائري منذ ديسمبر وانتقلت شرارتها حتى إلى مقاعد البرلمان بالجزائر العاصمة. وتتحضر اللجان والجمعيات المناهضة للغاز الصخري في الجزائر، لتنظيم مسيرة مليونية في مدينتي عين صالح وورقلة السبت 14 مارس، للضغط على حكومة سلال بالتراجع عن هذا المشروع الذي رصدت له الدولة مبلغا ماليا يقدر ب70 مليار دولار. سفيان بن دوينة مهندس في الجيولوجيا بجامعة وهران وجيوستاتيك بالمدرسة العليا للمناجم بباريس يحلل القضية. لماذا يرفض الجزائريون هذا الغاز؟ الأسباب التي دفعت الجزائريين إلى الخروج للتظاهر لا تكمن في رفضهم للغاز الصخري بل في رفضهم للتقنية المستعملة في استخراجه والمتمثلة في تكسير الصخرة باستعمال الماء والمواد الكيماوية. فالتكسير الهيدروليكي يتمثل في كسر أو بالأحرى تشقيق الصخور عن طريق حقن السائل المكون من المياه التي تحتوي على الرمل والمواد المضافة بضغط عال جدا، والأثر البيئي لهذا النوع من النشاط ليس منعدما، حتى وإن كان نسبيا، ويمكن التحكم فيه، وهذا بإدارة المخاطر المحددة في النشاط الصناعي والذي يتطلب ممارسة جيدة وأنظمة صارمة. ويتخوف السكان، وخاصة الفلاحون، من تأثير استغلال الغاز الصخري في المنطقة على البيئة والزراعة وعلى المياه الجوفية، ومن انتشار مرض السرطان، بفعل المواد الكيماوية التي تستعمل عادة في استخراج الغاز الصخري، وهي المواد التي يعتقد المحتجون أنها ستمس المياه الجوفية والأراضي الزراعية والواحات التي تعج بها المنطقة. ما هي مخاطر الغاز الصخري من الناحية العلمية؟ تقدير المخاطر المرتبطة باستغلال الغاز الصخري، غالبا ما يكون مبالغ فيه في الوقت الذي تتوفر فيه الصناعة النفطية على الوسائل التي تمكنها من التحكم في ذلك باتخاذ الاحتياطات اللازمة. فعملية التكسير الهيدروليكية التي تثير حاليا الكثير من المخاوف تستخدم منذ عدة عقود من الشركات النفطية دون أن يتسبب ذلك في أي جدل قبل الحديث مؤخرا عن الغاز الصخري. ومن الناحية العلمية يمكن تحديد ذلك في: 1 - الاستهلاك الكبير لكميات كبيرة من الماء (الملايين من المترات المكعبة) في حين يبرر المدافعون عن هذا الغاز بأن كمية الماء المستعملة في العملية يمكن استرجاعها بنسبة 40 بالمئة و من ثم إعادة تصفيتها، كما يخططون لاستغلال المياه الجوفية المالحة أو مياه البحر لتجنب اللجوء إلى المياه العذبة. 2 - المشكلة الثانية تتعلق بخطر تلوث الطبقات الأرضية بالمواد الكيميائية المستخدمة، والتي غالبا ما تكون قريبة من المياه الجوفية، رغم تأكيد علماء النفط أن هذه الطبقات غالبا ما تكون بعيدة بمئات الأمتار عن الصخور التي يتم استخراج الغاز منها وأن الشقوق الناتجة عن التكسير الهيدروليكي لا يمكن أن تصل إليها. 3- ثالثا، مشكلة الزلازل الناجمة عن التكسير الهيدروليكي والتي يمكن أن تحدث عندما تتلاقى الاهتزازات بالفراغات الطبيعية حيت يمكن للاضطراب أن يولد ضغطا كبيرا. ويعتقد مهندسو الجيولوجيا أن الزلازل وفي حال حدوثها تكون حدتها ضئيلة للغاية، وفي هدا الصدد يستدل خبراء البيئة بمثال أوكلاهوما حيث بلغ عدد الزلازل 1047 في عام 2010 ،بزيادة قدرها 20 مرة نظرا لاستغلال الغاز الصخري. هل يمكن للجزائر الاستفادة من الغاز الصخري باعتبارها تملك رابع احتياط عالمي؟ الجزائر حرة في اتخاذ قراراتها الخاصة بهذه المسألة، فعدة دول شرعت في تطوير مواردها غير التقليدية أو هي بصدد ذلك على غرار المملكة العربية السعودية وبولونيا وأوكرانيا والصين وأستراليا والأرجنتين والمملكة المتحدة. جهود الجزائر في مجال تطوير قدراتها من حيث المحروقات غير التقليدية تحرص على تأمين تموين السوق الوطنية والوفاء بالتزاماتها كممون موثوق للسوق الأوروبية. على الجزائر اتخاذ القرارات السياسية الصحيحة، وإيجاد شراكات ناجعة لسوناطراك إلى جانب تحديد إطار قانوني وتعاقدي محفز وكذا ملائمة سياستها التجارية مع رهانات الغد وما بعد غد. كما أن تنويع الاقتصاد الوطني يعتبر أولوية في الجزائر لدعم التنمية وتعزيز قدراته في مواجهة الصدمات الخارجية في ظل انخفاض أسعار النفط، فالنفط والغاز التقليدي والغاز الصخري والطاقات المتجددة كلها هبة من الله يجب حسن الاستفادة منها.