لم يكن الجانب الاقتصادي، الذي يعتبر من الدعامات الأساسية لأية علاقة مبنية على الثقة والتفاهم، خارج إطار إرادة وعزم المغرب وإسبانيا على إعطاء بعد استراتيجي أكبر لعلاقاتهما الثنائية. فإذا كانت العلاقات السياسية بين المغرب وإسبانيا تمر بأفضل لحظاتها وتتطور باستمرار، فإن المبادلات الاقتصادية والتجارية بين المملكتين، وبرأي العديد من المراقبين، تسير نحو بلوغ سرعتها القصوى، وذلك بفضل تعاون رابح-رابح، واستكشاف مجالات أرحب وأفضل للشراكة الثنائية. وفي هذا السياق، وجب التذكير بأن إسبانيا أضحت الشريك التجاري الأول للمملكة، بفضل التعاون الاقتصادي بين البلدين الذي عرف دينامية إيجابية وتطورا مهما، ترجم الإرادة المشتركة القوية لبناء شراكة مربحة بينهما ، انتقلت معها مدريد من المرتبة الثانية في مجال الشراكة التجارية مع الرباط إلى الشريك الأول، متقدمة على فرنسا. كما أصبح المغرب، الذي يتيح فرصا عديدة للاستثمارات في كافة المجالات، ويتوفر على مناخ أعمال محفز، يستقطب 52 بالمائة من الاستثمارات الإسبانية الموجهة للقارة الإفريقية، ما يؤكد أنه يحتل موقع الصدارة في اختيارات المستثمرين الإسبان، وهو ما أكده، أيضا، نقل بعض الشركات الإسبانية ذات الصيت العالمي جل أعمالها باتجاه المغرب، بوتيرة سريعة. وأضحى المغرب بذلك ثاني أكبر زبون للجارة إسبانيا من خارج الاتحاد الأوروبي، بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية. وقد تعزز هذا المنحى خلال السنة التي تشرف على نهايتها، إذ بلغ إجمالي صادرات إسبانيا نحو المغرب، إلى غاية متم شتنبر الماضي، أزيد من 4,396 مليار أورو، أي بزيادة قدرها 6,5 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من 2013. وبذلك عزز المغرب مكانته كأول وجهة للصادرات الإسبانية نحو إفريقيا بما قدره 2,4 في المائة من إجمالي هذه السلع، فضلا عن أن نحو 800 إلى 1000 مقاولة إسبانية، معظمها مقاولات صغرى ومتوسطة تنشط في جميع القطاعات، اختارت الاستقرار بالمغرب، بموقعه الاستراتيجي على مشارف أوروبا والإصلاحات التي باشرها في العشرية الأخيرة.