إذا كانت العلاقات السياسية بين المغرب وإسبانيا في تطور مطرد، فإن الجانب الاقتصادي لم يتخلف عن المنحى السياسي، وعن رغبة البلدين واستعدادهما لإعطاء بعد استراتيجي للعلاقات بينهما. فبفضل الإرادة والعزيمة المشتركتين أضحت إسبانيا في سنة 2012 ، وللمرة الأولى ، أول شريك تجاري للمملكة، جاعلة بذلك المغرب ثاني أكبر زبون لإسبانيا من خارج الاتحاد الأوروبي، بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية. وتعزز هذا المنحى في سنة 2013 ، إذ بلغ إجمالي صادرات إسبانيا للمغرب أزيد من 4,12 مليار أورو إلى غاية متم شتنبر الماضي، بزيادة قدرها 7,1 بالمائة مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2012 ، ليبقى المغرب بذلك الوجهة الأولى لصادرات هذا البلد الإيبيري إلى إفريقيا. وقد اختارت ما بين 800 و1000 مقاولة إسبانية في جميع المجالات، ومعظمها مقاولات صغيرة ومتوسطة، الاستقرار بالمغرب، الذي يتطور بفضل موقعه الاستراتيجي على أبواب أوروبا والإصلاحات التي باشرها، وتوفيره فرصة لهذه المقاولات للتطور والتوسع دوليا، لاسيما في وضع يتسم بالركود. وفضلا عن الدينامية والإصلاحات الاقتصادية التي باشرها المغرب لجذب مزيد من المستثمرين، فإن قرار الحكومة الإسبانية وضع خط ائتمان بقيمة نحو 400 مليون أورو رهن إشارة المقاولات الايبيرية الراغبة في الاستثمار بالمغرب لتمويل مشاريعها والمشاركة في المناقصات، وذلك إلى غاية سنة 2014، أعطى زخما جديدا لوجود المقاولات الإسبانية بالمملكة. وتعتبر الصناعة والسياحة والعقار والخدمات البنكية والطاقات المتجددة والفلاحة والخدمات من بين المجالات التي تجذب مزيدا من المستثمرين الإيبيريين الراغبين في تدويل أنشطتهم والاستثمار في سوق آمن ومزدهر كالمغرب، لاسيما وأن المملكة باتت وجهة أزيد من 52 بالمائة من الاستثمارات الإسبانية في إفريقيا. كما يتعين، في هذا السياق، عدم إغفال دور التعاون الجهوي اللامركزي بين البلدين الذي أعطى، لاسيما في السنوات الأخيرة، دفعة قوية، كما ونوعا، للمبادلات التجارية الثنائية، وذلك بفضل عدد من البعثات التجارية المنظمة من قبل الأقاليم الاسبانية المستقلة إلى المغرب أو الزيارات التي يقوم بها المسؤولون المغاربة لمناطق مختلفة من إسبانيا، خاصة الأندلس وبلنسية وكتالونيا.