شهد التعاون الاقتصادي بين المغرب وإسبانيا، خلال السنة الجارية، دينامية إيجابية وتطورا لافتا يترجم الإرادة القوية للبلدين من أجل بناء شراكة مربحة للطرفين. فبفضل النمو القوي والمتنوع للاقتصاد المغربي والأسس السليمة التي يقوم عليها٬ أصبح المغرب سوقا لا غني عنه بالنسبة إلى جارته الشمالية، التي تبدى اهتماما متزايدا بفرص الاستثمار التي يتيحها. بالإضافة إلى ذلك٬ وفي سياق الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية٬ يشكل المغرب٬ البلد الصاعد والواقع على باب أوروبا٬ بالنسبة إلى المقاولات الإسبانية فرصة للتطور والتوسع على الصعيد العالمي بفضل التسهيلات التي يجري تقديمها والإصلاحات التي جرى الانخراط فيها. في هذا الصدد٬ عرفت الصادرات الإسبانية نحو المغرب ارتفاعا مهما بلغت نسبته 20,9 في المائة، خلال النصف الأول من السنة الجارية، مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2011، حيث وصلت قيمتها إلى 2,5 مليار أورو. وفضلا عن ذلك٬ انتقلت إسبانيا من المرتبة الثانية في مجال الشراكة التجارية مع المغرب إلى الشريك التجاري الأول للمملكة٬ متقدمة بذلك على فرنسا. وبات عدد الشركات الإسبانية الموجودة في المغرب يتراوح ما بين 800 وألف مقاولة تنشط في مختلف القطاعات. ويستقطب المغرب٬ الذي يتيح فرصا عديدة للاستثمار في كافة المجالات ويتوفر على مناخ أعمال محفز٬ 52 في المائة من الاستثمارات الإسبانية بالقارة الإفريقية٬ محتلا بذلك موقع الريادة ضمن اختيارات المستثمرين الإسبان. فبالنظر لموقعه الجغرافي٬ وإنجازاته في مجال تحديث بنياته التحتية٬ واستقراره الاقتصادي والسياسي٬ يبرز المغرب كأرضية جذابة للمقاولات الإسبانية الراغبة في الانطلاق في السوق الإفريقية. وأصبحت المملكة٬ التي تبنت سياسة تروم تحرير اقتصادها بغية خلق تنافسية أفضل لمنتوجاتها٬ في السنوات الأخيرة وجهة بارزة بالنسبة إلى المستثمرين الإسبان٬ الذين أبدوا اهتماما متناميا بالاستثمار بالسوق المغربية. وتكمن العوامل الأساسية لهذا الاهتمام المتزايد للمقاولات الإسبانية للاستثمار في المغرب في الدينامية التي يشهدها في مختلف المجالات٬ وانفتاح اقتصاده٬ ونسبة النمو السنوية التي بلغ معدلها 5 في المائة خلال العشرية الأخيرة. ويتجلى التطور٬ الذي تشهده العلاقات الاقتصادية بين الرباطومدريد أساسا في تنوع مجالات التعاون بين البلدين٬ والارتفاع الدائم في حجم المبادلات التجارية٬ لاسيما في القطاعات الاقتصادية الأساسية بالبلدين مثل الصناعة٬ التي تستقطب 33 في المائة من الاستثمارات الإسبانية نحو المغرب٬ والسياحة (24 في المائة)٬ والعقار (24 في المائة)٬ وقطاع البنوك (12 في المائة). وبالتأكيد، فإن هذه الأرقام تؤكد المستوى الذي تم بلوغه في مسار إرساء علاقات اقتصادية مثمرة بين البلدين٬ وكذا إرادتهما في إقامة شراكة استراتيجية تعود بالنفع على الشعبين الجارين.