شبه نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الدكتور أحمد الريسوني، وزارات الأوقاف في معظم الدول العربية، ومنها المغرب، بجماعة "بوكو حرام" النيجيرية المتشددة، وذلك بسبب توسيعها لدائرة المحرمات وتكثيرها فوق ما حرم الله وقيده بنص. وانتقد الريسوني، السياسة التي تنهجها وزارة الأوقاف ل"ضبط" العلماء والقيمين الدينيين، على اعتبار أن "وزارات الأوقاف ذات محرمات خاصة، والتي يتم تحيينها وتوسيعها حسب المناخ السياسي واحتياجاته. وهي محرمات ليست موجهة لعامة الناس، بل لخيرتهم وعلمائهم". وقال الفقيه المقاصدي في مقال بعنوان "وزارات الأوقاف وسياسة بوكو حرام"، إن "بوكو حرام بهذا المعنى، هو ما تتبعه وزارات الأوقاف في معظم الدول العربية، ومنها المغرب، مع العلماء والخطباء والمرشدين الدينيين". وأضاف الريسوني، أن هذه الوزارات لها قوائم مفتوحة من المحظورات والممنوعات التي تحرِّم على العلماء والخطباء والوعاظ الرسميين التطرق إليها والتحدث فيها، مشيرا إلى أن "العلماء المنضوون في مؤسسات حكومية والمطوَّقون برواتب وعلاوات حكومية، أصبحوا ملزمين وملتزمين بالتحدث والتحرك في نطاق "دين الدولة"، وفق ما تحدده لهم وتجدده لهم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية". وأكد في السياق ذاته، أن الشريعة الإسلامية برمتها "إنما أتت بمحرمات محدودة ومعدودة، لا يجوز لأحد أن يضيف إليها ما ليس مضمَّنا فيها أو معدودا من جنسها. مستشهدا بقوله تعالى {قُلْ تَعَالَوا اتْلُ مَاحَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمُ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُواأَوْلَادَكُمْ مِنِ امْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الأنعام: 151]، وأشار أيضاً لقوله سبحانه: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمُ إِلَيْه} [الأنعام: 119]. وقال إن "وزارة الأوقاف عندنا وعند عدد من أشقائنا، لها مذهبها السياسي والتشريعي، الذي يترجم السياسة العامة للدولة، وحدودَ استعمالها وطريقةَ استعمالها للدين وللمؤسسات الدينية المرسَّمة"، لافتا إلى أنه "في نطاق هذه السياسة تفرض الوزارة الوصية على علمائها وخطبائها ومؤسساتها مجموعة من الممنوعات والخطوط الحمراء، التي يتعين عليهم عدم الخوض فيها وعدمُ الاقتراب منها، تحت طائلة التوقيف والحرمان". واعتبر أن هذه السياسة لن تؤدي في النهاية إلا إلى جعل العلماء والخطباء مجرد "قيمين دينيين"، بعضهم مكلفون بفتح المساجد وإغلاقها حسب الأوقات المحددة، وبعضهم مكلفون بفتح أفواههم وإغلاقها حسب الحالات المحددة، كما أنها سياسة تؤدي - بقصد أو بدون قصد - يضيف المتحدث، إلى منع ظهور العلماء والمفكرين والمصلحين والمجتهدين تحت المظلة الرسمية، معتبرا ذلك خسارة عظمى للمجتمع والدولة معا.