هيمنت التطورات في مصر، فضلاً عن الأوضاع في العراق وليبيا وسورية، على زيارة وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، إلى مصر، للمرة الأولى منذ انتخاب الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وذلك في مستهل زيارة إلى الشرق الأوسط ستقوده، على الأرجح، إلى العراق أيضاً. وبدت محاور المباحثات والرسائل التي أوصلتها الإدارة الأميركية إلى النظام المصري واضحة، إنْ من خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده كيري مع نظيره المصري، سامح شكري، أو من خلال ما أكدته مصادر في السفارة الأميركية في القاهرة عن شروط وضعتها الإدارة الأميركية للحفاظ على علاقات استراتجية مع مصر. وحرص وزير الخارجية الأميركي على الاعلان أنه أتى إلى القاهرة "للتأكيد على متانة الشراكة التاريخية بين الولاياتالمتحدة ومصر وللتشاور حول الأوضاع المهمة التي نواجهها في المنطقة، ولا سيما في العراق وليبيا". وأوضح أنه أكد خلال لقائه بالسيسي وشكري، على ضرورة تمسك مصر بحقوق التعبير عن الرأي والتجمع السلمي، فضلاً عن الدور المحوري الذي يقوم به المجتمع المدني النشط الذي يهدف إلى سيادة القانون. كما أشار إلى أنه تحدث مع السيسي عن أحكام الإعدام، قبل أن يضيف "أعطاني حسّاً بأنه ملتزم بإعادة تقييم تشريع حقوق الإنسان". وأضاف كيري "ناقشت مع السيسي التحديات الاقتصادية التي تواجه الدولة المصرية"، معتبراً أن "المجتمع المصري سيصبح أكثر قوة عندما يساهم كل أفراده فى بنائه". وأشار كيري إلى أن مروحيات آباتشي أميركية ستصل "قريباً" إلى مصر، بعد استئناف المساعدات العسكرية الأميركية. وأضاف: "هناك أسباب وجيهة لكي نقوم بذلك، فهذه الطائرات هدفها مواجهة الإرهاب، إذ تعمل مصر وإسرائيل معاً لمواجهة الإرهاب وبذلك نضمن أن أموال دافعي الضرائب الأميركيين تذهب إلى المسار الصحيح". وأكد الوزير على أن بلاده ستقوم بحل أزمة المساعدات لمصر مع الكونغرس قائلاً:"سنقوم بحل هذه الأمور وسنحصل على كامل المبلغ الخاص بالمساعدات". وإلى جانب الملف المصري، تطرق كيري إلى الوضع الأمني فى العراق وليبيا، محاولاً رفع المسؤولية عن الولاياتالمتحدة في ما يتعلق بالانفلات الأمني في البلدين. وفي السياق، قال كيري في المؤتمر الصحافي: "لسنا مسؤولين عما يحدث في العراق وليبيا اليوم". وفي ما يتعلق بالعراق تحديداً، قال كيري: "لن نرسل جنوداً إلى الأراضي العراقية"، موجهاً دعوة إلى القادة العراقيين لتجاوز الانقسامات الطائفية. وأضاف "نمر بلحظة حرجة يجب أن نعمل فيها سوياً، وعلى القادة العراقيين تشكيل حكومة وحدة تعبر عن مطالب الشعب العراقي"، مشيراً إلى أن "الولاياتالمتحدة تريد أن يجد الشعب العراقي قيادة مستعدة لتمثيل كل العراقيين، لكن واشنطن لن تنتقي أو تختار القيادة في بغداد". " حثّ كيري الدول العربية على العمل معاً من أجل هزيمة "داعش" كما اعتبر أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" يمثل "أيديولوجيا العنف والاضطهاد وهو خطر لا يهدد العراق فحسب، بل المنطقة بأسرها". وحثّ كيري الدول العربية، بحسب وكالة "أسوشيتد برس" على العمل معاً من أجل هزيمة التنظيم، داعياً إياها إلى عدم إرسال مساعدات مالية لدعم جماعات المعارضة في سورية حتى المعتدلة منها. وقال كيري إنه نقل تلك الرسالة إلى السيسي، مشيراً إلى أنه يعتزم القيام بالأمر نفسه مع قادة الدول العربية الأخرى على مدار الأيام المقبلة. في هذه الأثناء، أوضحت مصادر في السفارة الأميركية في القاهرة، أن وزير الخارجية الأميركي تناول خلال لقائه بالسيسي قضايا عدة، في مقدمتها ضرورة تطبيق ما أسمته المصادر ب"الديمقراطية الكاملة التي لا تستثني أحداً من المشاركة في الحياة السياسية". " كيري شدد على ضرورة تطبيق "الديمقراطية الكاملة" في مصر التي لا تستثني أحداً من المشاركة في الحياة السياسية " وأضافت المصادر الدبلوماسية أن "الجانب الأميركي تواصل مع أطراف إسلامية أبدت استعدادها المشاركة في الحياة السياسية، وتحديداً الانتخابات البرلمانية القادمة". كما أوضحت المصادر أن "أبرز القضايا التي ناقشها كيري، ملف حقوق الإنسان في مصر، وبالتحديد إعادة النظر في قانون تنظيم التظاهر". وكشفت المصادر أن كيري تناول خلال لقائه السيسي مسألة تخفيض المعونة الأميركية لمصر، موضحةً أن نسبة التخفيض المقدرة حتى الآن بنحو 400 مليون دولار، 300 منها من المعونة العسكرية و100 أخرى من الجانب الاقتصادي في المعونة. وكان وزير الخارجية المصري أكد أن المباحثات مع كيري هدفت إلى زيادة دفع العلاقات الاستراتيجية بين البلدين بشكل يتناسب مع تاريخها طوال ثلاثة عقود ماضية، مؤكداً أنهم اتفقوا على دعم العلاقات الثنائية بين القاهرةوواشنطن. واعتبر أن العلاقات "لا بد أن تقوم على الاحترام المشترك والمتبادل بين قوة عالمية في حجم الولاياتالمتحدة، وأخرى إقليمية بحجم مصر، والدفع لوضع العلاقات المصرية الأميركية على أسس واضحة وثابتة".