لا أدري لما احالتني قصة مريم التراجيدية على قصة السيد هوشكوغن في قصة الحبل القصير للروائي و القاص الفرنسي الشهير غاي ذي موباسون ؛ ربما نفس النهاية المأساوية ؛ الموت :لكن حتما نفس السبب أدى إلى موت مريم الهاسك و هوشكوغن ؛ نعم انه المجتمع ؛فقط قصة هوشكوغن تدور أحداثها في القرن 19 و قصة مريم في القرن 21 ؛ مريم و هوشكوغن ضحيتا مجتمع سادي لا يرحم ؛ ضحيتا مجتمع يدين بدون أدلة ؛ مجتمع هوشكوغن أدانه و ونفذ فيه حكم الإعدام حين رفض أن يصدق براءته مت سرقة حاملة النقود و أنه حين انحنى في السوق فعل ذالك ليلتقط فقط قطعة حبل قصير ؛ و برغم ظهور حاملة النقوذ الضائعة ؛ حيث وجدها شخص آخر و اعادها لصاحبها ؛ قرر المجتمع أن يغمض عينيه عن براءة هوشكوغن ة إرضاء لساديته تابع اتهامه و السخرية منه و هو يحاول إقناع الجميع ببراءته ؛ ليصاب بالسقم و يسلم روحه لخالقه وهو يردد :فقط قطعة حبل قصير .مريم أيضا قتلها المجتمع الذي لا يرحم :لم يغفر لها فقرها ؛ لم يغفر لها سكنها هي و أسرتها الكاريان ؛ و كأنها هي السبب في الفاقة و والعوز التي تعيش فيه ؛ لاحقتها الإهانات و الشتائم و ظلت عبارة بنت الكاريان ؛ السكين الذي ينكأ جرحها ؛ فتقرر أن تريح منها هذا المجتمع المريض وتضع حدا لحياتها كما فعلت انتغون ابنة اوديب في التراجيديا الإغريقية ؛ كما انتغون شنقت مريم نفسها ؛انتغون اختارت الموت لتنقد روح أخيها بولنيس المعذبة ؛ و مريم شنقت نفسها لتنقد أسرتها من الضياع ؛ لعل موتها يوقظ ضمير مسؤول مستتر .للأسف لا ندس رؤوسنا في الرمال ؛ نعيش في مجتمع يكره نفسه ؛ مجتمع لا يرحم السمين ؛ لا يرحم أسود اللون ؛ لا يرحم ذوي الاحتياجات الخاصة ؛ يدين المرأة إذا تأخرت في الزواج ؛ اذا تزوجت أصبحت مضطرة أن تتقبل سا دية زوجها لكي لا يعيرونها بالمطلقة .مجتمع سادي اقصائي .مجتمع لا يغفر للفقير فقره ؛ و لا للانسان شكله ؛ مجتمع يدفع ذوي الشخصيات المرهفة لكي لا أقول الضعيفة اما إلى الانتحار او الى ارتكاب الجرائم ؛ فكم من مراهق احترف السرقة فقط لأن زملاءه في المدرسة استهزؤوا من ملابسه العادية و حذاءه الرياضي العادي و هم يتبححون بملابسهم ذات الماركات العالمية ؛ انا هنا لا ابرر للممنتحر انتحاره و لا للمجرم اجرامه ؛ و لا اجعل من نفسي محامي الشيطان ؛ بل اكتفي فقط بتسليط الضوء على آفة تنخر مجتمعنا و تهدم كل القيم و المعاني الإسلامية الجميلة التي تحث على التازر و التآخي و عدم التنابز بالألقاب ؛ و عدم نهش لحم الإنسان ؛ ايحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا؟ قيم تنبذ السخرية و والاستهزاء من بعضنا البعض ؛ لنجعل الإسلام وتعاليمه نبراسا ينير لنا مجتمعنا .