العنف بالمؤسسات التعليمية .. 32 ألف حالة خلال الموسم الدراسي 2013-2012 أزيد من نصفها بجهة مراكش تنسيفت الحوز نظمت السبت بسلا، أشغال المناظرة الوطنية الأولى حول ''العنف المجتمعي والوساطة الجمعوية''، بمشاركة فاعلين حكوميين وتربويين وجمعويين وباحثين جامعيين. وتهدف المناظرة، التي تنظمها جمعية "سلا المستقبل" بشراكة وتنسيق مع عدد من القطاعات والمؤسسات الحكومية وعمالة سلا، أساسا إلى إعداد مرجعية تقدم أجوبة حول مكافحة العنف المجتمعي، وتقترح استراتيجية كفيلة بالوقاية منه ومكافحته، للمساهمة في توفير الوسائل وإيجاد البدائل لتنمية السلوك المدني، وتفعيل الوعي بالواجبات والحقوق، وتعزيز أسس التربية على المواطنة وممارسة الديمقراطية والتشبع بروح الحوار والتسامح وقبول الاختلاف. وأكد الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، الشرقي الضريس، في كلمة تلاها نيابة عنه، محمد أوزكان، العامل مدير التنظيم والحريات العامة، أنه في مقابل تسجيل مستويات مرتفعة من عدم الإحسان بالأمن مقارنة بالنسبة المتدنية للجرائم بالمغرب، تبقى المملكة، كما تدل على ذلك الإحصائيات، من أكثر الدول أمنا في العالم. وأوضح أن أرقام الجريمة بالمغرب تبقى متدنية جدا بالمقارنة مع المعدلات العالمية، ففي حين سجلت نسبة الجريمة خلال السنة الماضية21 جريمة لكل ألف مواطن، بلغت هذه النسبة 50 جريمة في فرنسا مثلا، مضيفا أن نسبة القتل العمد تبقى في حدود 1,9 جريمة لكل مائة ألف مواطن، بينما تصل في عدد من البلدان إلى 50 جريمة لكل مائة ألف مواطن. وأفاد الضريس بأن الحجم الإجمالي للجريمة تطور خلال السنوات الماضية بسرعة تجاوزت النمو الديمغرافي حوالي 6 في المائة سنويا، مبرزا أن هذا التطور يرجع بالأساس إلى التطور المهم الذي تعرفه الجريمة الصغرى، فيما سجلت الجرائم الخطيرة ارتفاعا عاديا لا يتجاوز 2 في المائة سنويا. وذكر بأن وزارة الداخلية تبنت منذ شهر أبريل الماضي خطة عمل جديدة لمواجهة الظاهرة الإجرامية وأسبابها المباشرة، تتمحور حول التنسيق الكامل بين كل السلطات في ما يخص تبادل المعلومات حول بؤر الجريمة وأماكن وجود المنحرفين والمطلوبين للعدالة، ومأسسة عمل المصالح المختصة من خلال تكثيف لجان إقليمية خاصة بمحاربة هذه الآفة عبر برامج عمل دورية، والتركيز على محاربة بعض مظاهر الجريمة التي أصبحت تؤرق بال الرأي العام والتي تؤثر سلبا على الإحساس بالأمن من قبيل حمل الأسلحة البيضاء والاتجار بالمواد المهلوسة والنشل بالشارع العام، والانفتاح على كل مكونات المجتمع المدني. من جانبه، لاحظ وزير العدل والحريات، المصطفى الرميد، ارتفاع القضايا المتعلقة بظاهرة العنف والمعروضة على المحاكم خلال السنوات الماضية، مبرزا أن عدد القضايا الزجرية التي عرضت على العدالة ما بين سنة 2000 و2010 بلغت 15 مليون واقعة، بمعدل مليون ونصف مليون واقعة في السنة. وأكد، في كلمة مماثلة، أن المقاربة الزجرية بالرغم من الإيجابيات التي يمكن أن تضطلع بها في ردع مرتكبي العنف، تبقى غير كافية لأنها بطبيعتها بعدية. وأشار السيد الرميد إلى أن الوزارة، ومن خلال السياسة الجنائية التي تتبناها، منكبة على التفكير في سبل التعاطي مع الظواهر المجتمعية وفي مقدمتها محاصرة ظاهرة العنف، مشيرا في هذا الصدد إلى أن الوزارة بصدد مراجعة قانون المسطرة الجنائية وستشرع قريبا في مراجعة القانون الجنائي. وبخصوص انتشار ظاهرة العنف بالمؤسسات التعليمية، أبرز وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، رشيد بلمختار، في كلمة مماثلة، أنه تم تسجيل 32 ألف حالة خلال الموسم الدراسي 2013-2012، 65 في المائة منها وقعت داخل المؤسسات. وأفاد بأن الإحصائيات التي تتوفر عليها الوزارة تشير إلى تسجيل أزيد من نصف حالات العنف بجهة مراكش تنسيفت الحوز، وحوالي 14 في المائة في جهة دكالة عبدة، وعدم تجاوزها نسبة 1 في المائة في جهة الدارالبيضاء الكبرى ذات الكثافة السكانية العالية. وشدد السيد بلمختار على الحاجة الملحة لإجراء دراسات سوسيولوجية حول ظاهرة العنف، لاسيما بالوسط التربوي، للتعرف بشكل دقيق على العوامل المتسببة فيها، مؤكدا على ضرورة توجيه اهتمام أكبر لحسر الهوة التي تفصل بين القيم التي تدعو إليها البرامج والمقررات الدراسية وبين السلوكات التي يكرسها من يفترض بهم تشكيل قدوة للأطفال، من قبيل الآباء والمعلمين. من جهتها، أكدت وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، السيدة بسيمة الحقاوي، أن انتشار السلوك العنيف وتطوره من حالات فردية معزولة إلى ثقافة أضحى يشكل "تهديدا حقيقيا" للمجتمع وللقيم الدينية والحضارية التي بني عليها المجتمع المغربي. وأكدت على ضرورة انتهاج مقاربة تشاركية من أجل بلورة إستراتيجية مندمجة لمواجهة ظاهرة العنف، مؤكدة أن تكريس السلوك الديمقراطي في المجتمع ودعم السلم الاجتماعي مدخلان كفيلان بالتصدي لهذه الظاهرة. وأبرزت السيدة الحقاوي المجهودات التي تبذها الوزارة لمكافحة هذه الظاهرة، مشيرة بالخصوص إلى إنجازها لمشروع قانون متعلق بمحاربة العنف ضد النساء، واشتغالها حاليا على بلورة سياسة عمومية مندمجة من أجل حماية الأطفال من كافة ظواهر العنف التي يمكن أن يتعرضوا لها. ومن جهته أوضح رئيس جمعية سلا- المستقبل، إسماعيل العلوي، أن تنظيم هذا الحدث حول العنف المجتمعي ينبع من "استفحال" هذه الظاهرة سواء داخل المؤسسات التعليمية والملاعب الرياضية والساحات العمومية ومراكز التجمعات السكنية، مبرزا أن الجمعية تطمح إلى المساهمة في تقديم مقترحات عملية كفيلة بحل هذه الظاهرة. وأكد أن حل إشكالات هذه الظاهرة ممكن إذا توفرت الإرادة الجماعية والعمل المشترك للتصدي لها، مبرزا عزم الجمعية على التنسيق مع جمعيات المجتمع المدني بمدينة سلا لمواجهة ظاهرة العنف بالمدينة. وتطرح المناظرة، التي يؤطرها عدد من الخبراء والمختصين في قضايا الشباب والمجتمع، مجموعة من التساؤلات التي تتمحور حول تعريف العنف، وتحديد مفهوم العنف المجتمعي، والعنف المدرسي، والعنف الرياضي، والعنف ضد المرأة، وآليات الرصد والتتبع، واستراتيجيات الوقاية من العنف، ودور المجتمع المدني والوساطة.