اعتبر الباحث والخبير في الحركات الإسلامية، منتصر حمادة، في حوار مع "شبكة أندلس الإخبارية" أن "من مصلحة الغرب ترويج نموذج معين من التصوف يخدم مشروعه، تماما كما أنه من مصلحة الغرب توظيف نموذج معين من التدين الإخواني أو السلفي خدمة لمصالح الاستراتيجية". وأكد حمادة أن " كل شيء جائز في اللعبة السياسية، ومتاح من أجل خدمة أصحاب السلطة أو من يريد الوصول إلى السلطة: لنتأمل مثلا، التحالف بين الإدارة الأمريكية والجيل الأول من الأفغان العرب، كان التحالف "حلال" أو "جائزا" و"مشروعا" عند التيار الإخواني والسلفي، ولكن، بمجرد ظهور مستجدات في الساحة العربية (غزو العراق للكويت مثلا)، تطورت الأمور إلى اتجاه معاكس، وهكذا الحال مثلا بين التحالف بين النظام السعودي والتيار الإخواني القادم من مصر، قبل أن ينقلب التحالف اليوم إلى حروب بالوكالة هنا أو هناك". وبخصوص التجاذب الحاصل بين المغرب والجزائر حول الأحقية في احتضان بعض الطرق الصوفية، خاصة الطريقة التيجانية، شدد الخبير المغربي على أن "هناك ما يشبه حالة استقطاب بين البلدين، مع فارق أن المستجد هنا يكمن في دخول الجزائر على الخط، بمعنى أن التصوف في المغرب، بطرقه ورموزه وفعاليته قديم قدم وجوه التدين الصوفي، ولا علاقة له بأحداث عالمية أو إقليمية عجلت أو ساعدت على إعادة النظر في التصوف، وبسبب هذا المستجد الجزائري، يتحدث البعض عن صراع بين البلدين، أو محاولتها توظيف التصوف لأغراض سياسية ومذهبية وغيره". 1- كخيبر مختص في الحركات الإسلامية من له الحق في احتضان المؤتمرات العامة للطريقة التيجانية المغرب أم الجزائر؟ بدهي أنه لجميع الدول الإسلامية الحرق في احتضان المؤتمرات العامة للطريقة التيجانية، لولا أن بعض الدول تعادي التصوف بسبب نهلها وترويجها لتدين سلفي وهابي مثلا، أو تدين مغاير، يقزم من التدين الصوفي، وبالتالي، تنحصر المنافسة، إن صح الحديث عن منافسة في هذا الصدد، عن الدول المسلمة التي تقع في شمال إفريقيا على الخصوص، وتحديدا بين السينغال والمغرب والجزائر، وبلدان أخرى، أي في البلدان التي تضم أكبر عدد من الصوفية من جهة، وضمن هذا العدد الكبير من الصوفية، نجد أتباع الطريقة التيجانية، وهنا تنحصر "المنافسة" بين المغرب والجزائر، لولا أن احتضان المغرب لضريح مؤسس الطريقة، جعل منه المرشح الأكبر لاحتضان المؤتمرات العامة للطريقة، ومن هنا أسباب احتضان المغرب لمجمل هذه المؤتمرات خلال السنين الأخيرة. 2- ما حقيقية الصراع حول استقطاب الطرق الصوفية بين المغرب والجزائر؟ هناك ما يشبه حالة استقطاب بين البلدين، مع فارق أن المستجد هنا يكمن في دخول الجزائر على الخط، بمعنى أن التصوف في المغرب، بطرقه ورموزه وفعاليته قديم قدم وجوه التدين الصوفي، ولا علاقة له بأحداث عالمية أو إقليمية عجلت أو ساعدت على إعادة النظر في التصوف، وبسبب هذا المستجد الجزائري، يتحدث البعض عن صراع بين البلدين، أو محاولتها توظيف التصوف لأغراض سياسية ومذهبية وغيره، بل وصل الأمر إلى صدور انتقادات عن الفاعل الإسلامي الحركي لهذا التوظيف، سواء كان إخوانيا أو سلفيا، إما لاعتبارات عقدية (عند السلفيين عموما، الذين يكرهون التصوف ويعادونه، بل منهم من يكفر التصوف)، أو لاعتبارات سياسية (عند التيار الإخواني المتشبع بإكراهات اللعبة السياسية، والتي جعلته يخشى من دخول أهل التصوف للعمل السياسي). 3- لم يعد للزوايا والطرق الصوفية ذلك التأثير في المجتمع الذي كان لها منذ عصور الانحطاط إلى مرحلة دخول الاستعمار إلى الدول العربية. ما هو الرهان إذن بالنسبة للبلدين؟ أولا، من الصعب الحديث عن تراجع الدور الكبير الذي كان للتصوف وللطرف الصوفية في المجتمع، ويكفي تأمل تعامل الطرق الصوفية مع استحقاقات الحراك العربي ومنه الحراك المغربي، وتأمل مواقف أكبر طريقة صوفية في الساحة، أي الطريقة القادرية البودشيشة. هذه واحدة. بالعودة إلى مواقف المغرب والجزائر من التصوف، فنجدد التأكيد أن الأمر يهم صناع القرار في الجزائر أكثر من صناع القرار في المغرب، لأن المغرب أساسا، وكما أصبح يوصف منذ عقود مضت، يُلقب ب"بلد الأولياء"، وبالتالي، لا يحتاج إلى شهادات حسن سيرة وسلوك توضح هذه الاهتمام بالتصوف، بخلاف الحالة الجزائرية التي مرت بداية من عشرية دموية (بسبب الصراع على السلطة بين المؤسسة العسكرية وبعض الحركات الإسلامية "الجهادية)، وبسبب بعض مقتضيات منعطف اعتداءات نيويورك وواشنطن، وهذا أمر ينطبق أيضا على المغرب، ولكن بدرجة أقل، كما سلف الذكر. 4- هل تستعد برأيكم بعض الأنظمة العربية إلى إحياء الطرق الصوفية لضرب الحركات الإسلامية؟ في اللعبة السياسية، كل شيء جائز متاح من أجل خدمة أصحاب السلطة أو من يريد الوصول إلى السلطة: لنتأمل مثلا، التحالف بين الإدارة الأمريكية والجيل الأول من الأفغان العرب، كان التحالف "حلال" أو "جائزا" و"مشروعا" عند التيار الإخواني والسلفي، ولكن، بمجرد ظهور مستجدات في الساحة العربية (غزو العراق للكويت مثلا)، تطورت الأمور إلى اتجاه معاكس، وهكذا الحال مثلا بين التحالف بين النظام السعودي والتيار الإخواني القادم من مصر، قبل أن ينقلب التحالف اليوم إلى حروب بالوكالة هنا أو هناك. ينطبق نفس المعطى على موقف بعض الانظمة بخصوص التعامل مع الطرق الصوفية في سياق مواجهتها ضد الحركات الإسلامية التي تسعى إلى إحياء دولة الخلافة وأسلمة الدولة والنظام والمجتمع. 5- هل يعتبر الرهان على الخرافية حلا لمواجهة مد الإسلام السياسي؟ لا ندري ما المقصود بالخرافية؟ هل يمكن أن نصف أتباع الطرق الصوفية بأنهم خرافيون؟ الباحثة المصرية هالة فؤاد، حاضرت مؤخرا حول التصوف في الساحة الإسلامية (هنا في المغرب، مراكش تحديدا، يوم السبت الماضين وخلصت مما خلصت إليه (وهي امرأة غير محجبة بالمناسبة) إلى أن "المتصوفة طرحوا مفهوما آخر للعقل، غير العقل الأرسطي، أكثر انفتاحا وأقل سلطوية". صحيح أن هناك بضع الممارسات الخرافية والرجعية التي تصدر عن بعض الفاعلين الصوفيين، ولكن هذا الواقع الذي لا يرتفع لا يفيد التعميم، تماما أنه لا يفيد تعميم ممارسات سلطوية عند الفاعلين الإخوانيين أو السلفيين على جميع الفاعليين الإسلاميين. 6- هل للغرب أي دخل في توجيه سياسات الأنظمة العربية بشأن الرهان على الصوفية [تقرير مؤسسة راند لسنة 2007 نموذجا]؟ أشرتم إلى تقرير راند الشهير، وبالتالي من مصلحة الغرب ترويج نموذج معين من التصوف يخدم مشروعه، تماما كما أنه من مصلحة الغرب توظيف نموذج معين من التدين الإخواني أو السلفي خدمة لمصالح الاستراتيجية. هذا تحصيل حاصل. العقل الغربي عقل براغماتي، وخاصة العقل الأمريكي، نسبة تحديدا إلى الفلسفة البراغماتية للفيلسوف الأمريكي الشهير وليام جيمس، وبالتالي، هذا العقل مستعد لأن يتحالف حتى مع الشيطان من أجل أن يحافظ على مصالح، وليس مهما تفاصيل ومعالم هذا "الشيطان"، من وجهة نظر العقل الأمريكي البراغماتي، كأن يكون نظاما ما، أو حركة إخوانية أو طريقة صوفية أو تيار علماني أو جماعات سلفية.. إلخ، هذه تفاصيل، يتقن حساباتها جيدا الشيطان، لأنه في التفاصيل تكمن الشيطان، بالتعبير الفرنسي الشهير.