وقع المغرب وإسبانيا اتفاقًا ماليًا يهدف إلى تحديث وتطوير قطاع السكك الحديدية بالمغرب. يأتي هذا الاتفاق في إطار التحضيرات لاستضافة كأس العالم 2030، حيث تسعى المملكة إلى تعزيز شبكة النقل الداخلي وتحسين الربط بين المدن الرئيسية. شهدت العاصمة المغربية توقيع بروتوكول مالي بين وزارة الاقتصاد والتجارة الإسبانية ووزارة الاقتصاد والمالية المغربية، يهدف إلى تمويل شراء 40 قطارًا حديثًا لتعزيز شبكة السكك الحديدية الوطنية. تبلغ قيمة هذا التمويل أكثر من 750 مليون يورو، سيتم توفيره من خلال صندوق دعم تدويل الشركات الإسبانية (FIEM)، وهو ما يعكس رغبة مدريد في تعزيز وجود شركاتها في السوق المغربية. ولتفعيل هذا التمويل، تم توقيع اتفاقية قرض بين المعهد الرسمي للائتمان الإسباني (ICO) من الجانب الإسباني والمكتب الوطني للسكك الحديدية (ONCF) من الجانب المغربي، مع ضمان سيادي من الحكومة المغربية. في إطار مناقصة تنافسية، حصلت شركة "CAF" الإسبانية على عقد تصنيع وتوريد القطارات التي ستعزز النقل بين المدن المغربية. هذه القطارات الحديثة ستتميز بمستويات عالية من الراحة والأداء، مع سرعة تصل إلى 200 كيلومتر في الساعة، مما يتيح تقليص زمن الرحلات بين المدن الكبرى وتعزيز التنقل السريع داخل المملكة. هذا المشروع لا يقتصر على تطوير شبكة السكك الحديدية المغربية فحسب، بل يحمل أيضًا انعكاسات اقتصادية مهمة في إسبانيا، حيث من المتوقع أن يساهم في خلق 1000 وظيفة مباشرة سنويًا، إضافة إلى 3000 وظيفة غير مباشرة، مما يعزز النشاط الصناعي لقطاع السكك الحديدية الإسباني. يعد هذا المشروع جزءًا من الجهود المغربية لتحسين بنيتها التحتية استعدادًا لاستضافة كأس العالم 2030، التي ستنظمها بشكل مشترك مع إسبانيا والبرتغال. ومن المتوقع أن يسهم تحديث قطاع السكك الحديدية في تحسين الربط بين المدن الكبرى، مما يسهل تنقل الجماهير والسياح خلال الحدث الرياضي العالمي. يأتي هذا الاتفاق في سياق العلاقات الاقتصادية القوية بين البلدين، حيث تعد إسبانيا الشريك التجاري الأول للمغرب، بحجم تبادل تجاري يفوق 22.5 مليار يورو سنويًا. كما أن المغرب هو الوجهة الأولى للاستثمارات الإسبانية في إفريقيا، بإجمالي استثمارات تقارب 2 مليار يورو، مما يوفر أكثر من 27,600 وظيفة داخل المملكة. وتنشط الشركات الإسبانية في عدة قطاعات حيوية بالمغرب، مثل الطاقة، البنية التحتية، قطاع السيارات، الخدمات المصرفية والتكنولوجيا. حاليًا، هناك أكثر من 350 شركة إسبانية تعمل في المغرب، ما يعكس الثقة المتبادلة بين البلدين في مجالات الاستثمار والتعاون الاقتصادي. في سياق تعزيز هذا التعاون، قامت أمبارو لوبيث سينوفيّا، كاتبة الدولة الإسبانية المكلفة بالتجارة، بزيارة رسمية إلى المغرب، حيث التقت بمسؤولين مغاربة وشاركت في منتدى اقتصادي يهدف إلى استكشاف فرص الشركات الإسبانية في مشاريع البنية التحتية المرتبطة بمونديال 2030. يعكس هذا الاتفاق الجديد عمق العلاقات بين المغرب وإسبانيا، ليس فقط على المستوى الاقتصادي، ولكن أيضًا في مجال تطوير البنية التحتية الاستراتيجية. ومع استمرار الاستعدادات لاستضافة كأس العالم 2030، تظل إسبانيا شريكًا رئيسيًا في دعم المشاريع الكبرى داخل المملكة، بما يعزز التكامل الاقتصادي واللوجستي بين البلدين.