ألغى المغرب العمل بقانون التجنيد الإجباري سنة 2006، ولكن هذا لم يمنع من تعالي بعض الأصوات المطالبة بإعادته، تارة من أجل تقوية روح الوطنية و الإنتماء، وتارة أخرى من أجل "إسترجال" الشباب المغربي على حد تعبير العرائض الإلكترونية المطالبة بذلك عبر الأنترنت والشبكات الإجتماعية. ومؤخرا، عاد الحديث بقوة حول إلزامية التجنيد، خصوصا بعد صعود ظاهرة "التشرميل" للواجهة الإعلامية بل وأصبحت حديث الجميع على الشبكات الإجتماعية، حيث وحسب إستطلاع رأي قامت به شبكة أندلس الإخبارية، فالعديد من القراء والمتتبعين مالوا لضرورة العمل بالتجنيد مجددا كحل لتأهيل هؤلاء "المتشرملين" و تعديل سلوكهم حسب التعليقات والآراء المستطلعة. وفي هذا الإطار، يرى محمد الزهاري رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، أنه "لا يمكن بأي حال من الأحوال الحديث عن التجنيد كحل لظاهرة التشرميل، وأن الإجرام موجود بالمغرب منذ زمن بعيد، وأنه ليس وليد اللحظة، الفرق أن الان أصبحت له تسمية أخرى، وما هو في الحقيقة الا ما كان يسمى "الكريساج"، والسؤال الواجب طرحه كيف يمكن لنا كدولة ومجتمع الحد من الإجرام، وكعصبة حقوقية، طبيعيا يهمنا أمن المواطنين ولكن لا يجب أن يكون ذلك على حساب خرق حقوق الإنسان، كظاهرة "التقراع" التي تحدث الإعلام عن حالات تعرض فيها هؤلاء الأشخاص لحلاقة قسرية من طرف السلطات، لأن المسار الطبيعي في رأينا هو الإعتقال بدون مس الكرامة و تقديم المتهم للعدالة". وفي إتصال لشبكة أندلس الاخبارية مع ضابط عسكري متقاعد فضل عدم ذكر إسمه، أكد أن التجنيد يمكن أن تكون له نتائج عكسية تماما، حيث أن المجند سيستفيد من تكوين عسكري صارم و سيخرج منه أكثر صلابة والأخطر انه سيكون متمكنا من إستعمال السلاح، خصوصا أننا نعيش على إيقاع مد فكري تكفيري متطرف و هذه الأنواع غالبا ما تكون ذات مستوى تعليمي محدود ومن السهل إستقطابها، لتسقط الدولة في مشكل أكبر ربما تكون نتائجه أسوء بكثير من التششرميل أو المتشرميلين. أما رضوان الطير، المحامي بهيئة طنجة، فيرى أن التجنيد أيضا ليس حلا على الإطلاق، رغم أنه يؤكد على ما يمكن أن يعطي من نتائج طيبة في الإرتباط بالوطن و الوطنية، إلا أنه يرى، أن أغلب هؤلاء المتشرملين ليسوا بقاصرين أو في سن يمكن للتجنيد أن يعيد تأهيلهم إلا أنها تبقى لحظية ورهينة بفترة التجنيد ، ووجب التفكير في مقاربة تشمل التعليم، الإعلام و الإجتماعي، أي الرجوع لمنبع المشكل، لأن المقاربة الأمنية ضرورية يقينا لكنها ليست كافية، وبخصوص "التقراع" فيرى المحامي الطير أنه أمر يذكر بعصر السيبة حين كانت تتم تعرية المجرمين والطواف بهم في شوارع وأزقة المدن أي اللجوء لسياسة التشويه، وهذا أمر مرفوض وغير قانوني لأن المتهم مكانه الحراسة النظرية و تقديمه للنيابة العامة دون المساس به سواءا جسديا أو لفظيا و القانون الجنائي واضح في هذه الأمور. و عموما يظل المواطن هو الحلقة الضائعة وسط كل هذه المقاربات، لأنه سواء تم تجنيد المتشرملين أو تمت محاكمتهم وسجنهم، فالأوضاع الإجتماعية و المنظومات المتبعة ستنتج المزيد منهم كل يوم.