تعرف الأيام الأخيرة نقاشا مستفيضا داخل الأروقة العسكرية المغربية ،حول الجدوى من بقاء الثكنات العسكرية داخل المدن المغربية ،حيث تتضارب نظريتين ذات بعد أمني بالأساس ،لكن الأرجح و حسب المعلومات التي استقتها شبكة أندلس الإخبارية ،أن الأمور تسير في اتجاه إبعاد الثكنات العسكرية عن المدن و عن محيطها ،خصوصا في ظل الخطر الكبير التي تشكله هذه الثكنات على الأمن القومي المغربي من جهة ،و من جهة أخرى في ظل التطور العسكري المريب للجارة الجزائر...فما هي الخطورة التي تشكلها الثكنات العسكرية المتواجدة بالمدن على الأمن القومي المغربي؟و لماذا يجب إبعاد الثكنات العسكرية عن الساكنة؟ ترحيل الثكنات العسكرية و التخلي عن إرث ليوطي و فوبون لقد طفى من جديد ملف ترحيل الثكنات العسكرية المغربية إلى خارج المدن والقطع مع الهندسة العسكرية العمرانية التي تركها لنا الجنرال اليوطي والمعماري فوبون،والذين ركزوا على فكرة القلعة العسكرية في داخل المدينة للسيطرة عليها كما هو الحال مع ثكنات الدارالبيضاء عبر تطويق المنطقة الساحلية المجاورة للميناء بالقاعدة البحرية العسكرية وتطويقها بريا،عبر بناء ثكنة في الزاوية المؤدية إلى أنفا العليا وأولاد حدو، وهي الثكنة التي كانت معروف بثكنة هود سابقا، بساحة نيفادا بشارع الحسن الثاني ،أو حالة مجموعة ثكنات ظهر المهراز بفاس التي وجدت بمرتفع لمراقبة المدينة القديمة من جهة وفاس المدينةالجديدة في الجهة المقابلة مع ملاصقتها المباشرة للجامعة . أهداف أخرى لزرع الثكنات العسكرية وسط المدن كما كانت هناك أهداف أخرى لتموقع الثكنات العسكرية وسط المدن المغربية، تمثلت في حماية خطوط الإمداد ومحاصرة البوادي ،كما هو الحال بالنسبة لثكنات أهرمومو ومكناس والحاجب وغيرها،خصوصا في ظل مقاومة المدن و البوادي للمد الإستعماري من جهة ، و من جهة أخرى و إلى حدود الثمانينات كان اليسار الجذري قويا ،و كان يشكل خطرا حقيقيا على نظام الحسن الثاني آنذاك ،الأمر الذي كان يتطلب ضبطا للحركات الإحتجاجية المغربية الطلابية و الإجتماعية ،التي كانت أغلبها تنطلق من الأحياء و الكليات الجامعية و كذا البوادي. انتفاء أسباب تواجد الثكنات العسكرية بالمدن و المشاكل المصاحبة لها هذا الوضع الأن أصبح غير مقبول وغير عملي، باعتبار أولا أهمية الوعاء العقاري الذي تشغله هذه الثكنات والذي يصل في الدارالبيضاء وحدها إلى أزيد من 1650 هكتار ،والذي يكبل التنمية في المدن ،وهناك أيضا مشاكل كبرى في تحريك العتاد من وإلى داخل الثكنات ،مما يجعل كل قافلة عسكرية واقعة في مجال الرصد التلقائي لكل سكان المدينة ،ويضرب بالتالي عامل السرية عرض الحائط،بالإضافة للمشاكل التي تقف في وجه تحريك حاملات الدبابات العملاقة على سلاسة المرور،وحتى التحرك بحرية حول الثكنات أو تصويرها قد يسبب للأشخاص بعض المشاكل،خصوصا بعد ظهور تقنيات متطورة للتصوير وإمكانية النشر عبر الأنترنيت،وحتى بنايات تلك الثكنات تقادمت ووجب إنشاء أخرى مسايرة لتطورات العصر. .تواجد الثكنات بالمدن يعرضها للتدمير السريع إن بقاء تلك البنايات المتهالكة يعتبر هدية معنوية للعدو في حالة تعرض المغرب للقصف في أية حرب قادمة ،وسيكون الحديث عن تمكن العدو من تدمير عدد كبير من الثكنات العسكرية في وقت وجيز أمرا واقعيا ،خصوصا وأننا نعلم قدرات كثافة النيران الجوية للجزائر، التي بمقدورها الآن إسقاط ما يقارب 141 طن من القنابل كل ساعة،حسب آخر الإحصائيات بدون حساب القدرات الصاروخية ،لأنها تمتلك لحدود الساعة أزيد من 617 طائرة عسكرية منها أزيد من 242 مدمرة ،وطبعا منها مقاتلات السوخوي والميغ ، وفي غياب توفر المغرب على مضادات دفاع جوي قادرة على حماية الرباطوالدارالبيضاء وطنجة بإستثناء بعض المضادات مثل سلاح التانكوسكا أو نظام البانتسير Pantsir s1 / SA-،الذي راج حديث عن احتمال كبير أن روسيا قد تزود المغرب به ،أي وبعبارة أوضح أن تواجد الثكنات العسكرية داخل المدن وفي قلبها خطر جسيم على الثكنات ،وعلى سكان الثكنات من المدنيين ،وخطر حتى على المدن ذاتها. رد على المشككين في هذا الطرح و تنامي القدرات العسكرية الجزائرية قد يجادل البعض ويقول لقد تواجدت هذه الثكنات منذ عقود ولا مشكل فلماذا فتحت الأفواه الآن ؟،وما يقال لهؤلاء هو أنه في السابق لم تكن لدى الجزائر صناعة عسكرية ،باستثناء مجمعات لأسلحة كيميائية متجسدة في قاعدة ب ناموس 2 وهي طبعا معلومة رائجة لكنها غير مؤكدة ،خصوصا وأن شركة طمسون أغلقت المجمع،لكن الآن الجزائر أنشئت فعليا صناعة عسكرية ،وتنتج الآن وبشراكة مع ألمانيا عربات الفوكس المدرعة ،وهي ذات سمعة رهيبة والأغلى عالميا في مجال العربات ،وأنتجت قبل أشهر طائرة عسكرية بدون طيار بقدرات محلية ولها شراكات مع الإمارات والروس ودول غربية لنقل التقنية العسكرية ،هذا هو السبب الرئيسي الذي يجعل الباحث يقول بضرورة إخراج الثكنات من المدن وبناء ثكنات بعيدة ونائية ،محصنة و بها تحصينات قادرة على حماية مخازن السلاح والذخيرة ،ولها إمكانية الاحتواء على تصنيع حربي وطني فإلى متى سنظل نعتمد على المساعدات وشراء قطع من هنا وهناك؟ محيط الثكنات العسكرية و تفشي الذعارة و المخدرات. كل هذه المعطيات لا يجب أن تجعلنا نغفل الظواهر التي تنمو حول الثكنات،في أحياء تضر كثيرا بباقي مجالات المدينة ،وبسمعة الجيش ،ظواهر مرتبطة بالخمور والمخدرات والدعارة ،موجودة في محيط أغلب الثكنات الواقعة داخل المدن ،ويمكن مشاهدتها في حي ظهر المهراز القصديري بفاس، أو حي الظلام بالسمارة ذات الصيت الوطني في مجال الدعارة ،وأحياء أخرى بالحاجبوصفرو ومدينة القنيطرة وغيرها كثير ... رغم أن مسؤولية القضاء على هذه الأوكار تقع على الدرك الملكي والأمن الوطني إلا أن هذه الظواهر أصبحت أقوى بكثير من أن يتمكن الدرك الملكي أو الأمن الوطني من اجتثاتها ،وقد لاحظ الكثير من المتتبعين كيف عجزت قوات الدرك الملكي المدججة بالأسلحة والإمكانيات اللوجيستية الكبيرة ،و رغم المجهودات الجبارة التي بدلتها ومعها أجهزة وزارة الداخلية والممثلين المحليين وعشرات من السكان من اجتثات منزل دعارة واحد محيط بإحدى الثكنات العملاقة وذات الصيت الدولى القريبة من مدينة صفرو بحوالى 50 كلم ...وهذا موضوع أخر متعلق بتحصين الجندي خارج الثكنة ،لأنه ما دامت الدولة غير قادرة على تحصين الجندي من الظواهر الاجتماعية السلبية ،فعلى الأقل عليها إبعاده من ذلك المحيط المدمر لحمايته وإخراج الثكنات من المدن هو الحل لهذه المعضلة . ضرورة إخراج الثكنات من المدن حماية للأمن القومي المغربي كل هذه الاعتبارات وغيرها تجعل إخراج الثكنات ليس كلها طبعا من المدن ،الخيار الأكثر رجاحة عسكريا وتنمويا، ويكفي أن نعلم أن الثكنات الناجحة في المغرب هي التي تم إحداثها خارج المدن مثل ثكنة ميسور وإبن جرير واهرمومو وغيرها , من المؤكد ان المخططين العسكريين المغاربة واعون بكل هذه المعطيات وقد تحدثت مصادر إعلامية في ابريل من السنة الماضية أن الإستعدادات جارية على قدم وساق من أجل إخراج ثكنات من الحاجب وغيره نحو اهرمومو، لكن انتقالنا إلى عين المكان نحو الحاجب واهرمومو وغيره في عدة مناسبات ،كشف أن الأمر مجرد إشاعات على الأقل لحد كتابة هذه السطور ،,لكن في المقابل هناك تحركات على أكثر من صعيد لاجتثات ثكنات وإحداث أخرى لكنها مازالت خطوات محتشمة ولا ترتقى إلى مستوى الطموحات العسكرية للمغرب ،ولا إلى حجم التحديات المخيفة والرهيبة التي هي قيد التشكل على مستوى الأمن القومي المغربي.