الذهب يهبط لأدنى مستوى    المنتزه الوطني للحسيمة .. الذئب الذهبي الإفريقي مفترس يضبط التوازن البيئي    مصيبة.. اغتصاب قاصر من طرف "أجودان شاف" في المستشفى العسكري    المعارضة تدعو لتشكيل لجنة لتقصي الحقائق بشأن دعم استيراد المواشي والأبقار بمليارات الدراهم    النيابة العامة بابتدائية الرباط: منع المعطي منجب من السفر يدخل ضمن مسطرة قضائية جارية بشأن شبهة غسل أموال    سعر النفط يواصل الهبوط بسبب تصاعد النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين ومخاوف الركود    بنك المغرب: ركود الإنتاج وارتفاع المبيعات الصناعية في فبراير 2025    إسقاط الجزائر لطائرة مسيرة مالية يكشف المستور: هل تحمي المخابرات الجزائرية إياد أغ غالي؟    بعد طردها من مايكروسوفت…ابتهال المغربية تتوصل بعرض عمل من ملياردير كويتي    ابتداء من ماي المقبل.. معاش الشيخوخة يشمل فئات جديدة واسترجاع الاشتراكات ممكن بشروط    ولد الرشيد يؤكد أن الأمم المتحدة "الإطار الشرعي الوحيد" لمعالجة النزاع حول الصحراء المغربية    اليوم العالمي للصحة .. إطلاق الحملة الوطنية للتحسيس بأهمية زيارات تتبع الحمل    الفرحة تعود لمنزل سلطان الطرب جورج وسوف (صور)    الدكتورة غزلان توضح ل "رسالة 24": الفرق بين الحساسية الموسمية والحساسية المزمنة    الرسوم الجمركية الأمريكية والإجراءات الصينية تلقي بظلالها على بورصة الدار البيضاء    عصبة الأبطال.. الجيش الملكي يخوض أخر حصة تدريبة مساء اليوم تأهبا لمواجهة بيراميدز غدا الثلاثاء    الاستفادة من معاش الشيخوخة ابتداء من فاتح ماي 2025 (الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي)    أوزود تستعد لإطلاق النسخة الأولى من "الترايل الدولي" الأحد المقبل    علوم اجتماعية تحت الطلب    تعزيز الشراكة العسكرية بين المغرب والناتو: زيارة وفد بحري رفيع المستوى إلى المملكة    تراجع طفيف في سعر الغازوال والإبقاء على ثمن البنزين في 13,05 درهما    انهيار في مداولات البورصات الأوروبية بعد تراجع كبير في البورصات الآسيوية والخليجية الأحد    كأس إفريقيا للأمم لأقل من 17 سنة: المنتخب الوطني يتأهل لدور الربع بتغلبه على نظيره التنزاني    أمن إنزكان يوقف شاباً ألحق خسائر بممتلكات الغير    النيابة العامة تتحدث عن مسطرة قضائية جديدة في مواجهة المعطي منجب أدت إلى منعه من السفر    مزراوي يحظى بإشادة جماهير مانشستر يونايتد    مبابي: "أفضل الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا على أن الكرة الذهبية"    أغنية "تماسيح" جديد الشاب بلال تحتل المرتبة العاشرة في "الطوندونس" المغربي    بدء مناورات جوية بين الفلبين والولايات المتحدة لتعزيز التعاون العسكري    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    مهمّة حاسمة للركراكي.. جولة أوروبية لتفقد مواهب المهجر استعداداً لتعزيز صفوف المنتخب    انتقادات تلاحق وزارة الفلاحة بسبب تنظيمها لبرنامج تكويني بسوس بمشاركة مؤسسة إسرائيلية    المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية يقلب بعض المسلمات رأسا على عقب    "الاثنين الأسود".. حرب الرسوم الجمركية تُفقد بورصة وول ستريت 5 تريليونات دولار    الرئيس البرازيلي السابق "بولسونارو" يتظاهر في الشارع    طقس الإثنين .. أجواء قليلة السحب مع تشكل كتل ضبابية    القاهرة ترفع ستار مهرجان الفضاءات المسرحية المتعددة    مقابل 120 ألف يورو.. عناصر أمنية إسبانية سهلت عبور أطنان من الحشيش    ابتهال أبو السعد.. مهندسة مغربية تهز العالم بشجاعتها وتنتصر لفلسطين    المغرب.. قوة معدنية صاعدة تفتح شهية المستثمرين الأجانب    ماراثون مكناس الدولي "الأبواب العتيقة" ينعقد في ماي المقبل    الولايات المتحدة الأمريكية تحظر منتوج ملاحة في كوريا    النظام الجزائري.. تحولات السياسة الروسية من حليف إلى خصم في مواجهة الساحل الإفريقي    روعة مركب الامير مولاي عبد الله بالرباط …    تفاعلا مع الورش الملكي لإصلاح المنظومة الصحية.. مهنيو الصحة 'الأحرار' يناقشون مواكبتهم لإصلاح القطاع    رولينغ ستونز إفريقيا في قلب صحراء امحاميد الغزلان    وزان تحتضن الدورة الأولي لمهرجان ربيع وزان السينمائي الدولي    الجسد في الثقافة الغربية 11- الجسد: لغة تتحدثنا    لاف دياز: حكومات الجنوب تستبعد القضايا الثقافية من قائمة الأولويات    سجل عشاق الراكليت يحطم رقمًا قياسيًا في مدينة مارتيني السويسرية    دش الأنف يخفف أعراض التهاب الأنف التحسسي ويعزز التنفس    "قافلة أعصاب" تحل بالقصر الكبير    توضيحات تنفي ادعاءات فرنسا وبلجيكا الموجهة للمغرب..    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أساتذة مع وقف التنفيذ
بقلم: محمد باباحيدة

كلما دخلت عليهم الغرفة أو التقيت أحدهم في طريقي نحو المطبخ المشترك، تكون التحية بيننا دائما"السلام عليكم أستاذ" و يكون الرد أيضا حاملا للقب "أستاذّ"، رغم أن بيني وبين الأستاذية ما جعل الله بين السماء و الأرض،و لم أحلم يوما أن أكون أستاذا، لكن ربما ذلك يرجع لحسن أخلاقهم و لباقتهم في الحديث، و في انتظار إعداد العشاء الذي غالبا ما تكون البطاطس أو "البيصارة"هي الطبق الرئيسي فيه، نجتمع على نقاشات بعضها علمي وآخر سياسي، لكن الموضوع الدسم كثيرا ما يكون موضوع "التشغيل".
هم شباب قدموا من مدن و مداشر مختلفة، حاملين معهم شواهدهم العليا التي حصلوا عليها من الجامعات المغربية بعد سنين من الكد و الجد، تختلف لهجاتهم وتخصصاتهم و انتماءاتهم الفكرية والسياسية، و بعضهم لا انتماء له، يجمعهم الحلم الوحيد المشترك، حلم الحصول على عمل يضمن لهم الاستقرار و لأسرهم، فاختاروا في سبيل ذلك القدوم إلى الرباط لإسماع صوتهم لمن "يهمهم الأمر" حاملين معهم أمل مجيء يوم تغيب فيه ظلمة البؤس و الحرمان لتشرق فيه شمس الكرامة، رغم كون هذه الأخيرة غير محفوظة حتى لمن أفنى عمره في خدمة الدولة.
عندما يتحدث عنهم مسؤول حكومي فهو يستعمل مصطلح "العاطلين" و هو استعمال غير بريء للغة، لأن "العاطل" على وزن "فاعل" معناه أن هؤلاء الأطر هم من اختاروا العطالة عن وعي وقناعة ! و هذا تزييف للواقع. في حين هم يعتبرون أنفسهم "معطلين"، لا ذنب لهم فيما هم عليه من بطالة، سوى كونهم ضحايا سياسيات تعليمية فاشلة و سياسات تشغيل عشوائية و ارتجالية.
المشكل اليوم لا يكمن في كون المعطلين يطالبون ب "التوظيف المباشر" في حين الحكومة ترفض ذلك، بل إن المشكل في عمقه هو عدم قدرة الدولة في شخص الحكومة على خلق حلول بديلة لمشكل العطالة، سوى تستّرها خلف شعار "لا توظيف مباشر بعد اليوم"، و كأن لسان الحكومة يقول "يا معشر المعطلين إن الشغل مضمون، فقط اجتازوا المباريات" و رئيس الحكومة لا يمل من ترويج هذا الخطاب في الإعلام و في البرلمان وحتى في حملاته الانتخابية الجزئية، رغم كونه بعيدا عن جادة الصواب و هو أول من يعلم، ساعيا من وراء ذلك إلى تشويه صورة المعطلين و اتهامه لهم "بعديمي الكفاءة" و"المشاغبين" و"المشوشين" و "الدراري"، لأنه يعلم يقينا أن ملف العطالة كان من أبرز الملفات التي أوصلته إلى جانب "صاحب المظلة"، و عدم نجاحه في تسوية هذا الملف هو ما سيكون حتما سببا في إخراجه من تحت "المظلة" و فقدانه متعة العيش في ظلها، لذا فهو يسعى جاهدا لتأخير ذلك ما أمكن مستعملا قدرته الخطابية، و نخشى أن يصل اليوم الذي سيجد نفسه "يعانق طيفا.. فتكون سعادته سرابا" على تعبير الأديب محمد الصباغ، أو كما قال رئيس الحكومة نفسه في أحد تجمعاته الخطابية بمدينة فاس "إن الباب الذي خرج منه بنعلي مازال مفتوحا ..و نسأل الله السلامة"
في إحدى لقاءاته مع الأطر المعطلة خاطب وزير الدولة والذراع اليمنى لرئيس الحكومة عبد الله باها المعطلين قائلا: "مطالبكم مشروعة ونحن نقدّر ذلك، لكنكم ضحايا مرحلة انتقالية وعليكم أن تقبلوا الأمر"، وهنا نطرح السؤال على السيد الوزير، و يجيبنا بالصدق الذي حاضَرنا فيه مرارا، هل ما قاله للمعطلين و هو وزير بدون حقيبة، كان هو نفس ما سيقوله لو أن حزبه بقي في المعارضة؟ !
في انتظار جواب السيد الوزير الذي لن نسمعه يوما، دعونا نرى ما تقوله مؤسسات الدولة في مشكل البطالة.
يشير التقرير الذي أصدره "المجلس الوطني و الاقتصادي" لسنة 2011 بعنوان "تشغيل الشباب" في الصفحة 23، إلى أن حاملي الشهادات هم أكثر الفئات تضررا من البطالة مشيرا إلى أنه "كلما ارتفع مستوى الشهادة المحصل عليها زادت نسبة البطالة" و يعزو ذلك إلى "النقص العام الحاصل في مجال التشغيل .. وأيضا إلى عدم تلاؤم كفاءات الخريجين مع مناصب الشغل المعروضة".
و هذه معطيات تضعنا أمام العديد من علامات الاستفهام حول مستقبل طلبة العديد من المسالك الدراسية بالجامعة؟ ولماذا تُمنح التزكية و يُجدّد الاعتماد لبعض مسالك الماستر التي لا حاجة لسوق الشغل بها؟ و على عاتق من نلقى مسؤولية تحول الجامعة من فضاء لتخريج النخب إلى آلة لصناعة البطالة؟ وإلى متى ستبقى دار لقمان على حالها؟ و ما ذنب من اختار شعبة وفرتها له الدولة بالجامعة دون أن يدري أنه بمجرد انتهاء مشواره الدراسي ستعامله بمنطق "اطلع تاكل الكرموس..." وتحمله مسؤولية "سوء الاختيار"؟ !
في انتظار أجوبة على هذه الأسئلة، التي تزقزق فوق الرأس كعصافير الغيبوبة في أفلام الكرتون، يجتمع الأصدقاء على صحن "البيصارة" مصرّين على مواصلة النضال "إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا" في سبيل الحلم المنشود، و الأمل يحدوهم في أن يكون هذا هو "العشاء الأخير"..و أذهب أنا للنوم مع التحية الواجبة "تصبحون على خير يا أساتذة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.