ستكون مهمة رئيس الحكومة الجديد، عبد الإله بنكيران في حل مشكل عطالة حاملي الشهادات، مثل من ينزع الأشواك من الصوف المبلل، فملف تشغيل المعطلين، من أهم الملفات المعقدة التي تواجه حكومته، لعدة اعتبارات، يجملها سعيد الشعبي الباحث في ظاهرة البطالة، وأحد مؤلفي كتاب "عطالة المجازين رؤية نقدية ومقترحات عملية" " في كون فئة العاطلين، وخاصة المجازين المعطلين تحتل النصيب الأوفر من حيث العدد، ولم تتلق طيلة السنوات الماضية غير الوعود المعسولة"، وما زاد الطينة بلة "عدم مراعاة قوانين المالية في الميزانيات المخصصة لحل مشكل هذه الشريحة الشابة والمهمة في المجتمع ". ويشرح الشعبي، أسباب تنامي ظاهرة الاحتجاجات التي باتت تعرفها شوارع وإدارات العاصمة الإدارية للمملكة، بشكل يومي، قائلا "بعد انطلاق شرارة الربيع العربي وتزايد الحركية الاحتجاجية بشكل قوي في الشارع ظهرت معها هيئات تجمع شتات المجازين المعطلين، رافعة شعار "المُجاز يريد التوظيف المباشر في أسلاك الوظيفة العمومية". ويُتابع " بعدما قررت فيها حكومة عباس الفاسي المصادقة على المرسوم القاضي بإدماج حاملي الشواهد ملف العطالة الجامعية العليا كالماستر والدكتوراه في أسلاك الوظيفة العمومية وشملت العملية قرابة 4304 منصب، تم إشعال فتيل الاحتقان، الذي أججت ناره المقاربة الأمنية التي تعاملت بها حكومة غير مأسوف على رحيلها، ومع تنامي الحركة الاحتجاجية للمعطلين، أوشك ملف العطالة إلى الانتقال من دائرة الاجتماعي الصرف إلى دائرة الحقوقي بعد المأزق والنفق المسدود الذي وصلت إليه قضية المجازين. وفي ضوء هذه المعطيات، يعتبر الشعبي حكومة بنكيران، تقف أمام واقع لاينبغي تجاهله، سيما أن بنكيران يدلى بتصريحات صحفية، يؤكد فيها على استعداده فتح حوار مع هذه الفئة من المواطنين التي قامت بدور مهم في حمله إلى كرسي رئاسة الحكومة. وإذا كان ملف العطالة، إلى جانب ملفات أخرى كالقضاء والتعليم والبطالة والصحة والسكن، تحظى بالأولية في البرنامج الانتخابي لحزب رئيس الحكومة، ومع استحضار ظروف المعيشة الصعبة لحوالي 35 مليون مغربي، ونسبة البطالة بين الشباب بين سني 15 و24 عاما تبلغ 17,6 بالمائة وتصل إلى 27 بالمائة بين خريجي الجامعات، فإن انتظارات المعطلين –يقول الشعبي- وعائلاتهم التي تكتوي بنار متابعة معاناة فلذات أكبادها مع عطالة تحولت إلى مزمن يقتل في صمت . وفي هذا السياق، يؤكد الشعبي بأن "المعطلين لاينتظرون من الحكومة المقبلة تشخيص المعضلة فقط، بقدر ما يتمنون أن يتم طرح ملفهم بشكل فوري على طاولة الحوار، لإيجاد مقاربة شمولية تشاركية بمساهمة جميع المتدخلين". ولتحقيق ذلك، يقترح الشعبي، تشكيل لجنة حكومية تحصي جميع المناصب المالية الشاغرة، والتدقيق في ملف الموظفين الأشباح في مختلف الإدارات العمومية. كما يقترح أيضا، جملة من الحلول التي يقول "إذا ما استحضرتها الحكومة الحالية ضمن أجندتها فيما يتعلق بالشق الاجتماعي، قد تساهم بشكل كبير في إيجاد مخرج لأزمة العطالة"، ومن بينها إلغاء نظام المباراة بالنسبة لبعض المهن الحرة كالمحاماة والعدول والنساخة والمفوضين القضائيين. كما يقترح، إلزام جميع المؤسسات شبه العمومية تخصيص مناصب سنوية لفائدة المجازين المعطلين، ووضع حد لمنطق الجهوية لأن المغرب وطن للجميع، يقول الشعبي، قبل أن يطالب بإعادة النظر في طريقة إجراء المباريات بشكلها الحالي التي يغلب عليها طابع الزبونية والمحسوبية وتنخر بعضها "سوسة" الرشوة.