زار عشرات الأئمة مساء الاثنين النصب التذكاري لمحرقة اليهود في درانسي بالضاحية الباريسية. وأقيم النصب التذكاري أمام "مخيم درانسي" الذي كان نقطة لترحيل 70 ألف يهودي نحو ألمانيا بين العامين 1941 و1944. وقال وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس إن هذه الزيارة ترمز إلى "التسامح" و"الحوار بين الأديان" وأن "الاطلاع على التاريخ ضروري لمكافحة ظاهرة معاداة السامية ومختلف أشكال التعصب الديني سواء كان ناجما عن منكري المحرقة أو عن من أرادوا تدمير تمبكتو" في إشارة إلى سيطرة الإسلاميين على مدن عديدة في مالي قبل تدخل الجيش الفرنسي مؤخرا. واعتقلت الشرطة الفرنسية صباح الثلاثاء إسلاميين محسوبين على التيار المتشدد في ضواحي باريس. وترتبط هذه العملية، حسب فالس، برجل تم اعتقاله قبل أشهر في منطقة الساحل. وكان فالس قد أشاد أمس "بقوة الصورة" التي بعثت بها زيارة الأئمة إلى درانسي. وأظهر استطلاع للرأي أجراه معهد "إيبسوس" لصالح جريدة "لوموند" الفرنسية ونشر في يناير/كانون الثاني أن صورة الإسلام تشهد تدهورا في فرنسا، إذ اعتبر 74 بالمئة من المستجوبين أن هذه الديانة لا تتوافق مع مبادىء وقيم الجمهورية العلمانية. وكان إمام درانسي حسن شلغومي والكاتب اليهودي الفرنسي مارك هالتر من مطلقي مبادرة زيارة درانسي. وأكد حسن الشلغومي الذي يرأس منتدى أئمة فرنسا على ضرورة أن يسمع ممثلو الإسلام حتى لا يخلط بينه وبين الإرهاب وقال لفرانس 24 خلال زيارة نصب المحرقة "الجالية المسلمة خائفة من الخلط بين المفاهيم. لذا فإن خطوة الوزير تطمئننا وتعطينا دفعا إيجابيا. وندرك في نفس الوقت أن النضال هو نفسه: لا خلط بين الإسلام والإرهاب". وحضر مساء الاثنين ممثلون عن الجالية اليهودية وعن الديانات الأخرى، وتم وضع الزهور أمام النصب ثم تناول الجميع عشاء بمناسبة مولد النبي محمد. ويحظى شلغومي الملقب ب "إمام اليهود" بحراسة خاصة بسبب التهديدات التي تلقاها لعمله من أجل التقارب بين اليهود والمسلمين. وأثارت مبادراته ومواقفه، فهو يؤيد مثلا حظر البرقع، الجدل في فرنسا. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2012، قام وفد من أئمة ومسؤولين عن جمعيات مسلمة في فرنسا بزيارة إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية في سابقة من نوعها بحسب المنظمين. وقال آنذاك حسن شلغومي "هدفنا هو أن نقول إن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي سياسي وليس دينيا. بهذا التحرك، الأول من نوعه، نريد أن نزيل التوتر الذي يشوب العيش المشترك هنا في فرنسا من خلال رفض انتقال النزاع بأي شكل إلى بلدنا". وزار الوفد في نوفمبر/تشرين الثاني مدافن ضحايا مجزرة تولوز جنوبفرنسا في مارس/آذار والذين دفنوا في إسرائيل، فأكد شلغومي أنه يجب دعم صورة فرنسا المتنوعة فهي "ليست صورة محمد مراح أو ثلاثة او أربعة متعصبين بلهاء" في إشارة إلى محمد مراح الذي قتل ثلاثة عسكريين من أصول مغاربية وثلاثة أطفال ورجل في مدرسة يهودية بمدينة تولوز. كما زار شلغومي القدس في يونيو/حزيران 2012 وبعد أن صلى في المسجد الأقصى، زار الإمام النصب التذكاري لمحرقة اليهود "ياد فاشيم" وكانت من الفرص التي أتاحت له التعبير عن نظرته للمحرقة التي تتجاوز النزاعات الطائفية وتأخذ بعين الاعتبار البعد الإنساني لما حل باليهود، مؤكدا على أنه يريد محاربة الأفكار المسبقة لدى كل من المسلمين واليهود التي تشكلت حسب ما قال نتيجة الجهل لدى الطرفين. وكان مانويل فالس قد أعلن في آخر يناير/كانون الثاني 2013 عن طرد عدد من الدعاة والأئمة المتشددين الأجانب "في الأيام المقبلة"، وذلك في مؤتمر دولي في بروكسل حول مكافحة التشدد العنيف فأوضح "أنا لا اخلط هذا النوع من الإسلام المتشدد مع الإسلام في فرنسا، لكن هناك بيئة دينية وهناك مجموعات تعلن سلفيتها وتنخرط في آلية سياسية وترمي ببساطة الى السيطرة على عالم الجمعيات والآليات المدرسية والتحكم بضمائر عدد من العائلات".