ربطت دراسة إسبانية حديثة بين تعرض الأم لتلوث الهواء أثناء الحمل وجعل الأجنّة أكثر عرضة للإصابة بتشوهات في الدماغ، مع ضعف في الوظائف المعرفية في سن المدرسة. الدراسة أجراها باحثون بمعهد برشلونة للصحة العالمية إسبانيا، ونشروا نتائجها في دورية “Biological Psychiatry” العلمية. وتأتي نتائج الدارسة استكمالا لأبحاث سابقة أجريت في هذا الشأن، كان آخرها دراسة أمريكية نشرت في دجنبر 2017، كشفت أن تعرض النساء الحوامل لتلوث الهواء قبل الحمل مباشرة أو خلال الأشهر الأولى من الحمل، يهدد أطفالهن بالعيوب الخلقية. وفي الدراسة الجديدة، راقب الباحثون مستويات تلوث الهواء في المنزل، الناجمة عن عوادم السيارات، وتدخين السجائر، إضافة إلى الجسيمات الدقيقة المحمولة جوًا التي تستنشقها الأم. وتتبع الباحثون الحالة الصحية ل783 طفلاً، عاشت أمهاتهم في تلك المنازل بهولندا، حيث راقب الباحثون الأجنة حتى وصلت أعمارهم إلى سن المدرسة. وأظهرت تقنيات التصوير الدماغي بالرنين المغناطيسي، التي أجريت للأطفال المشاركين، عندما وصلت أعمارهم من 6 إلى 10 سنوات، أن الجسيمات الدقيقة المحمولة جوا تحدث تشوهات في الطبقة الخارجية الرقيقة من الدماغ تسمى القشرة الدماغية. ووجد الباحثون أن تعرض الأم لتلوث الهواء في المنزل أثناء الحمل، ارتبط مع زيادة خطر إصابة الأطفال بتشوهات في الدماغ، وضعف في الوظائف المعرفية. وأظهرت الدراسة أن هذه التشوهات الدماغية تسهم جزئيًا في صعوبة القدرة على تنظيم ضبط النفس والسلوك المتهور، الأمر الذي يترتب عليه إصابة الأطفال بمشاكل الصحة العقلية مثل السلوك الإدماني واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. وقال الباحثون إن “تلوث الهواء تظهر آثاره الضارة بشكل واضح على الرئتين والقلب والأعضاء الأخرى، لكن الدراسة كشفت أن الآثار تمتد إلى الدماغ”. وأضافوا أن “نتائج الدراسة تشير إلى أن التعرض لتلوث الهواء، حتى بمستويات قليلة، قد يسبب تلفًا دائمًا في المخ لدى الأطفال”. ويعتبر تلوث الهواء عامل خطر مساهم لعدد من اﻷمراض، بما فيها مرض القلب التاجي، وأمراض الرئة، والسرطان، والسكري. وكشفت منظمة الأممالمتحدة للطفولة “يونسيف”، أن نحو 17 مليون رضيع في شتى أنحاء العالم يتنفسون هواءً سامًا، بما قد يضر بتطور أدمغتهم. وبحسب تقرير صدر عن البنك الدولي في 2016، يتسبب تلوث الهواء في وفاة شخص من بين كل 10 أشخاص حول العالم، ما يجعلها رابع أكبر عامل خطر دوليًا، واﻷكبر في الدول الفقيرة حيث يتسبب في 93% من الوفيات أو اﻷمراض غير المميتة.