يعتبر عبد الواحد الجرايفي، مهندس تطوير الشبكات داخل شركة إتصالات المغرب ودكتور باحث في مجال الاتصالات، من أهم الباحثين المغاربة المختصين في مجال تكنولوجيا الاتصالات الحديثة، سواء على المستوى المهني أو البحث الأكاديمي، من خلال إصدار كتب بحثية في هذا المجال. في حواره مع “أندلس برس”، كشف لنا الدكتور عبد الواحد الجرايفي، عن أهم الأفكار التي دبجها في كتابه الجديد باللغة الفرنسية، ” ?quel Maroc très haut débit pour 2022″ أو “أي مغرب للصبيب الجد عالي في أفق 2022″، وعن رأيه كمتخصص في بيئة الاتصالات بالمغرب. وعن عودة المغرب كفاعل أساسي في افريقيا جنوب الصحراء، يقدم الجرايفي وجهة نظره كمتخصص حول اعتبار قطاع الاتصالات بالمغرب نموذجا في افريقيا وعن مدى مساهمة هذا القطاع في التنمية المستدامة بالمملكة. من المرتقب أن تصدر كتابا جديدا بعنوان “?Quel Maroc très haut débit pour 2022“، حدثنا باختصار عن هذا المولود ؟ الكتاب الجديد الذي يحمل عنوان ” أي مغرب للصبيب الجد عالي في أفق 2022″ يتحدث باختصار عن التكنولوجيات الحديثة التي تمكن المستهلكين من الاستفادة من الانترنيت عالي الصبيب المتوفر لدى المتعهدين الوطنيين و صمم الكتاب لتحقيق هدف واضح و هو تقديم عالم تكنولوجيا الصبيب العالي الى كل العاملين أو الذين سوف يعملون في قطاع التكنولوجيا الحديثة كما يستهدف هذا الكتاب ايضا الطلبة الباحثين على المراجع مرتبطة بهذا الموضوع. و المقصود بالصبيب الجد عالي بالمقارنة مع الصبيب المتوفر سابقا، هو الصبيب “débit ” المهم والغير المعتاد في غالب الأحيان، الذي يمكن من نقل البيانات الرقمية من المستهلك و الى المستهلك ” ما يعرف بالمنحى التصاعدي و التنازلي”. ارتباطا بالموضوع، و كمتخصص دكتور الجرايفي كيف ترى بيئة الاتصالات بالمغرب اليوم؟ عرف تطور ميدان الاتصالات المعاصرة بالمغرب عدة مراحل يمكن تلخيصها كالتالي: المرحلة الاولى 1994-2000: و التي اتسمت بتجرير قطاع الاتصالات “قانون 24/96” ونهاية مرحلة احتكار الدولة للقطاع. والمرحلة الثانية 2001-2007: و التي عرفت ب”E – Maroc” الاستراتيجية التي تهدف إلى اقلاع رقمي و النهوض بالمغرب كقطب رقمي جهوي. أما المرحلة الثالثة والتي تمتد ما بين 2008-2013: و التي تعرف بالاستراتيجية الرقمية 2013، التي كان من اهم أهدافها تحقيق التحولات الاجتماعية والاقتصادية و النهوض بصناعات تكنولوجيا المعلومات. ولاعطاء فكرة عن مدى تطور هذا القطاع لابد من الرجوع إلى بعض الارقام التي تقدمها الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات حتى متم شهر دجنبر 2017، فان الحضيرة الإجمالية للمنخرطين في الهاتف المتنقل بلغت 43 مليون منخرط موزعة بين الفاعلين كالتالي شركة اتصالات المغرب 42٪ وميديتيل ب23٪ وإنوي ب35٪، كما عرف الأنترنيت تطورا هاما حيث بلغ عدد المستخدمين أكثر من 22 مليونا، وهو ما يشكل معدل انتشار ما يقرب 64٪ ل”اتصالات المغرب” و٪23 “ميديتيل” و 28 ٪ “إنوي” . وعلى الصعيد الافريقي لابد من التذكير بالترتيب المشرف الذي يحضى به المغرب وذلك اعتمادا على التقرير السنوي للاتحاد العالمي للاتصالات. يعتبر قطاع الاتصالات أحد أهم القطاعات الحيوية بالمملكة، في نظركم هل يمكن اعتبار قطاع الاتصالات ببلادنا نموذجا في افريقيا؟ خلال السنوات الأخيرة عرف المغرب في مجال الاتصالات تحولات كبيرة في عدة ميادين سواء التشريعية و التقنية مما يؤهله إلى أن يصبح نموذجا يحتذى به على الصعيد الافريقي. فالفاعل التاريخي في مجال الاتصالات، أي اتصالات المغرب و بفضل فروعها بموريتانيا وبوركينافاسو والغابون ومالي وبنين وافريقيا الوسطى والطوكو وكوت ديفوار ثم النيجر ، بلغ عدد زبنائها زهاء 57 مليون. وهذا البعد الافريقي للمغرب في مجال الاتصالات هو نتيجة لرؤية استراتيجية لدى المغرب من أجل تصدير التجربة و النموذج المغربي للنهوض اقتصاديا و اجتماعيا بالقطاع افريقيا و في هذا الاطار لابد أن نذكر ببعض الإنجازات. والتي تتمثل في تطوير وعصرنة البنية التحتية، وجودة الخدمات بالإضافة إلى التقدم الملموس الذي شهدته بعض الدول الافريقية من خلال تحسين مؤشر “IDIL” للمنظمة العالمية للاتصالات. من أجل النهوض بالتعاون جنوب جنوب. وأعتقد أن الدولة المغربية مطالبة بإنشاء مراكز ومعاهد عليا للتكوين في مجال التكنولوجيا الحديثة وذلك بهدف أن تكون بمثابة نوافد للتكوين لدولة افريقيا وللمغرب من التراكمات المعرفية و المؤهلات البشرية ما يؤهله للعب هذا الدور . ماذا عن سياسة المملكة المغربية في قطاع تكنولوجيا المعلومات و الاتصال؟ من أجل النهوض بهذا القطاع اعتمد المغرب عدة استراتيجيات: كالمغرب الالكتروني 2005-2010 والمغرب الرقمي 2009-2013 والمغرب الرقمي 2014-2020 بالإضافة إلى مذكرات توجيهية 2012 و2014. مما لا شك فيه فهناك رؤية استراتيجية و ارصادات مالية مهمة خصصتها الحكومات من أجل تمويل الاستراتيجيات، لكن الحصيلة حسب المجلس الاعلى للحسابات كانت دون مستوى الانتظارات و الاهداف المتضمنة في المشاريع و للتذكير فالمغرب الرقمي 2009-2013 كان هدفه تحقيق 4 أولويات: التحول الاجتماعي، الحكومة الالكترونية، تشجيع استعمال المعلوميات داخل المقاولات الصغرى و المتوسطة و صناعات تكنولوجيا المعلومات. وحسب نفس المصدر و النتيجة الهزيلة مردها الى عدة اسباب من بين أهمها : إغفال المقاربة التشاركية بين معظم المتدخلين في الميدان وعدم تقييم الاستراتيجيات السابقة من أجل الاستفادة من الاخفاقات، وضعف على مستوى الحكامة. و من أجل عدم تكرار بعض الاخفاقات و المشاكل في الاستراتيجيات السابقة أظن أن الوقت قد حان للتقييم الجزئي و مواكبة المغرب الرقمي 2020 للتمكن من معرفة العوائق وتجاوزها . قبل أن نضطر الى مغرب رقمي 2030/2040 بنفس الاهداف. و للتذكير فالمغرب الرقمي 2020 يهدف الى تسريع التحول الرقمي بالمغرب وتجاوز بعض العوائق البنيوية و المتعلقة بالحكامة و المؤهلات البشرية، من اجل تقوية مكانة المغرب كقطب جهوي رقمي فقد تم احداث وكالة ” التنمية الرقمية ” بموجب القانون رقم 61.16 الصادر في الجريدة الرسمية بتاريخ 14 شتنبر 2017 . و أتمنى أن تساهم الوكالة في حل المشاكل المتعلقة بالحكامة عبر نهج سياسة تشاركية مع جميع الفاعلين في الميدان. هل يمكن ان ننتقل الى الجيل الخامس من الاتصالات في ظل الامكانيات المتوفرة حاليا؟ أعتقد أن من بين الاولويات الاساسية للتكنولوجيا الرقمية هو تحقيق تنمية شاملة عبر التحولات الاجتماعية و الاقتصادية للبلدان. و في المغرب توجد بنية تحتية ذات الصبيب العالي في معظم مناطق المغرب والسؤال الجوهري الذي يفرض نفسه هو إلى أي حد استفاد المغرب من الشبكات العصرية المتوفرة لكي يحقق دلك الاندماج في العالم الرقمي بمؤسساته و جامعاته ومعاهده. أما عن الجيل الخامس للاتصالات و المعروف ب 5G و الذي بالمناسبة جيل يأتي بعد الجيل الرابع 4G فانه جيل فائق السرعة يفوق سرعة 4G عشر مرات فمع 5G يمكن تحميل فيلم كامل في اقل من ثانية و يهدف اساسا الى استعمالات متعددة و في ميادين كثيرة كالتعليم و الصحة عن بعد و تطبيقات المدن الذكية و السيارات الذاتية . وفي انتظار ان تنهي المنظمة العالمية “3GPP” التي تُعنى بتحديد المواصفات و المعايير التقنية “5G” اعمالها وكذا توفر الهواتف الذكية (المتطابقة مع شبكة 5G) في الاسواق العالمية. فأكيد المغرب عبر متعهديه سوف يسعى الى تثبيت البنية التحتية الخاصة ب 5G علما ان السوق المغربية تتوفر على جيل 4.5G. ختاما، كيف يمكن لتكنولوجيا المعلومات و الاتصالات المساهمة في التنمية المستدامة ببلادنا؟ يمكن لتكنولوجيا الاتصالات و المعلومات ببلادنا ان تلعب دورا تنمويا مهما حيث تعتبر المحرك الرئيسي في المجتمعات في عصرنا الحاضر و بفضل هذه التكنولوجيا تحولت عدة دول من اقتصاد مبني على المعلومات إلى اقتصاد مبني على المعرفة. كما تكمن اهمية تكنولوجيا الاتصالات و المعلومات بعلاقتها الوثيقة بكل مجالات النشاط الانساني اذ بإمكانها المساهمة في تسهيل العديد من الخدمات الاجتماعية و المساهمة في الحفاظ على البيئة و استغلال الموارد الطبيعية بمعنى ان تساهم في التوصل الى عدة حلول لمواجهة مشاكل التنمية في عدة قطاعات كالتعليم عبر التعليم الالكتروني عن بعد و في مجال الصحة عبر تطبيق الصحة عن بعد و خدمات اخرى كالحكومة الالكترونية و أنظمة الدفع الإلكترونية.