أزمة حقيقة يعيش على إيقاعها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، دون أن نجد أي أثر أو اعترافات من قبل قيادات الحزب أو قواعده في الصحف والتصريحات والملتقيات الحزبية، ولكن متابعة ما تنشره جريدة "الاتحاد الاشتراكي" تساعد المتتبع المغربي على التأكد من مدى التأزم التنظيمي الذي يمر منه الحزب. ففي العدد الصادر اليوم الأربعاء، 19 أكتوبر الجاري، بجريدة الحزب، اطلعت "أندلس برس" على مقال رأي تحت عنوان "تحالف الثمانية.. اغتيال السياسة"، لجليل طليمات، ونقرأ بجانبه افتتاحية جاء فيها أن "المنعطف الذي يعيشه المغرب يفرض الصراحة والعودة إلى منطقها في ضبط العلاقات بين الفرقاء السياسيين. ومن هذه الزاوية، يكون من الأسلم لبلادنا أن تطرح السؤال: إلى أي حد ما زال للسياسة شرف الوجود النظيف والنزيه؟". وأضافت الافتتاحية أن "الواجب الوطني وحس استشعار المستقبل، يفرضان علينا أن نحمص ما نعيشه من تراكمات سلبية، أكثر من الاطمئنان إلى قياس المكتسبات التي تراكمت، لا لشيء إلا لأن السلبيات التي تلطخ السياسة في لحظة مفصلية وجوهرية من تطور بلادنا، يمكنها أن تغطي على المكتسبات، أو تقلص من مداها إن لم نقل تعطلها وتفقدها بريقها.. نحن اليوم نعيش مظاهر عديدة من بؤس السياسية ولعل أول مظهر فيها هو تغييب الشرط الأخلاقي فيها، وتعطيل المطمح الأخلاقي لوجودها... لم تعد هناك، إلا فيما نذر، حظوة كبرى للأخلاق، ولا رابط جوهري بينها وبين السياسة كما أن عبد الرحيم بوعبيد يردد ويلح". كلام جميل وواقعي، ولكن وقائع الساحة الميدانية، على أرض الواقع، تؤكد أن الافتتاحية يجب أن تُطبق على الاتحاديين أنفسهم قبل أن نطبقها على من يهمهم الأمر، ونتوقف عند مثالين فقط يؤكدان ما نقول: يتعلق الأمر بما تأكدت منه "أندلس برس"، بخصوص اتصالات أجراها قيادي في الحزب، مع قياديين في حزب الأصالة والمعاصرة، وجاء الاتصال أقرب إلى "كد وسعاية"، يرجوهم أن يساعدوا الاتحاد الاشتراكي للظفر بأكبر عدد من المقاعد التي من المتوقع أن يحصل عليه في انتخابات 25 نونبر القادم، والتي تتجه لتزكية تراجع وزن الحزب في الساحة الانتخابية، بشهادة أبناءه قبل منافسيه. أما الواقعة الثانية، والتي لن نجد لها أثرا في جريدة الحزب، فهي أن الخطاب الملكي الأخير، في افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان، يوم الجمعة الماضي، تحدث صراحة عن ضرورة تجديد النخب الحزبية والسياسية، وصفق الحضور كثيرا لذا الحديث، ومن بين هذا الحضور، عبد الواحد الراضي، الذي يعتبر أقدم برلماني في المغرب، حيث قضى 42 سنة بالتمام والكمال، وإذا كان برلمانيو الاتحاد الاشتراكي من الصادقين في التنويه بالخطاب الملكي، فإن ذلك من المفترض أن ينعكس على أرض الواقع، الذي اعتبرت افتتاحية الحزب أنه قائم على "بؤس السياسية وتغييب الشرط الأخلاقي فيها، وتعطيل المطمح الأخلاقي لوجودها، حيث لم تعد هناك، إلا فيما نذر، حظوة كبرى للأخلاق، ولا رابط جوهري بينها وبين السياسة كما أن عبد الرحيم بوعبيد يردد ويلح"، لولا أنه تأكد ل"أندلس برس"، بأن عبد الواحد الراضي، أقدم برلماني في المغرب، سوف يترشح مجددا للانتخابات التشريعية القادمة. فهل هناك أزمة تنظيمية أكبر من هذا التأزم الاتحادي الاشتراكي؟