الاتفاق الوحيد الذي حصل في لقاء سطات الأخير بين علي بوعبيد والحبيب المالكي وجليل طليمات وحتى عبد الهادي خيرات هو أن حزب القوات الشعبية تحول منذ عام 98 إلى «حزب للانتهازيين وأصحاب النزعات الفردية والمصالح الخاصة»، إنه كلام اتحادي جديد، يحمل في طياته طعم الهزيمة.. فهل كان من الضروري أن ينتظر الاتحاديون 10 سنوات كاملة ليكتشفوا أنهم قد «فقدوا مبادئهم عندما دخلوا الحكومة»، كما قال المالكي، وليتفقوا اليوم جميعا على أن من كانوا يمثلونهم في التناوب وما بعده «هم مجرد اتحاديين وليس حزب الاتحاد الاشتراكي»؟ لكن الاتفاق الآخر الذي أخاف العديد من الاتحاديين في سطات عندما تم النطق به من طرف علي بوعبيد هو أن حزب القوات الشعبية «قد يضطر إلى إقفال مقره في حي الرياض وباقي مقراته في ربوع المملكة إذا لم ينجح الشوط الثاني من المؤتمر»، ومن سيقفله ليس إلا قانون الأحزاب في ما يشبه انقلاب السحر على الساحر. الكلام أعلاه دفع بالعديد من أفراد الشبيبة إلى التفكير في ما قد يحدث، ومنهم من مارس عملية التفكير بصوت عال أمام الجميع وقال بنبرة تعكس بؤس المرحلة، بقناعة كاذبة: «لا يمكن أن نتصور مغربا بدون اتحاد اشتراكي»، رغم أن الجميع يعرف أن كل شيء ممكن في هذا البلد، خصوصا اليوم، والجميع يعرف لماذا؟ لنتخيل.. المغرب سيطوي نهائيا صفحة اسمها الاتحاد الاشتراكي، في ما يشبه جبر الضرر الجماعي لكل ما قام به «اتحاديون» طيلة السنوات العشر الماضية، لن يعود مهما كيف مات بن بركة، ومن قتل بن جلون، وماذا فعل السي بوعبيد، وكيف ستكون مذكرات اليوسفي، كما لن تعود مهمة بالنسبة إلى الصحفيين متابعة شيء اسمه «كتلة» أو «مساندة نقدية» أو «منهجية ديمقراطية».. الخلاصة: مغرب بدون وردة بنفسجية. هذا ما تخيله العديد من أبناء الشبيبة الاتحادية وهم يستمعون إلى مداخلات زعمائهم ويكتشفون، في الجلسة الليلية التي جمعتهم مع أخيهم عبد الهادي خيرات، أن «لا أحد من أصحاب اللوائح في المؤتمر كان يملك لائحة كاملة»، أي أن لا لحبيب المالكي ولا عبد الواحد الراضي ولا أي أحد من أصحاب اللوائح الأخرى استطاع أن يكمل نصاب اللائحة، المحدد في الرقم 21، أو بلغة أخرى ليس هناك 21 مناضلا في الاتحاد الاشتراكي يستطيعون الاجتماع حول شخص أو حول فكرة، وسيستمر عبد الهادي خيرات في ممارسة عملية الفضح الليلية التي جمعته بشبيبة الحزب إلى حدود الثانية صباحا، عندما سيقول ما معناه أن «اليازغي كذب في تصريحاته الإعلامية عندما قال إنه لم يكن يعلم بترشيح ثريا جبران للوزارة»، ويضيف خيرات: «اليازغي كان يعلم بالأمر». هكذا تجرد الاتحاديون من ملابسهم في مدينة البصري: «الاتحاد في حاجة إلى وقفة عميقة»، قال المالكي: «الفكر الاتحادي تفقر» «..هناك ميولات تتسم بنوع من المحافظة والليبرالية داخل حزبنا» «..أصبحنا حزبا نمطيا منذ 1998».. وقال بوعبيد: «التوجه السياسي منذ 2002 عاقبه المغاربة في 7 شتنبر» «..الاتحاد يعيش مرحلة تسيب أخلاقي» «..الحزب قد يقفل مقراته إذا لم ينجح المؤتمر»..»لقد هيمن المنطق الانتهازي والفردي على المنطق الجماعي» «..ماذا نفعل في البرلمان، وما معنى المساندة النقدية؟» «..الاتحاد الاشتراكي كان يجب أن يكون أول المبادرين إلى المطالبة بلجنة تقص في مشكل العقار الحالي». أما كلام طليمات فقد كان كالآتي: «ضرورة وضع مسافة بين الاتحاد والمخزن بكل تقاليده» «..الاتحاد يعيش ما يشبه الكلاسنوست بعد 7 شتنبر» «..يجب أن ينجح المؤتمر بأية صيغة» «..الهمة فاشل». إنها علامات التيه الاتحادي الحالي الذي لخصته عيون أبناء الشبيبة الاتحادية في سطات. إنهم يعيشون اليوم مخاض الأسئلة المصيرية التي لا ينفع معها «التاريخ المجيد»، يطرحون الأسئلة تلو الأسئلة، يلومون التناوب والمساندة والهمة، يحلمون بحزب قوي جديد ما بعد صفعة 7 شتنبر، يفكرون في جبهة يسارية موحدة وفي ميثاق جديد للكتلة. يريدون طي صفحة الماضي القريب لتستعيد الوردة البنفسجية لونها الطبيعي. هل يقدرون؟ الجواب في الشهور القليلة المقبلة.