لم يعد يختلف اثنان في أن السينما ببلادنا أصبحت تتبوأ مكانة متميزة في مجتمعنا، بل أصبحت محط اهتمام المجتمع المغربي واحد رهانات التنمية الثقافية فيه. ويرجع ذلك إلى سياسة الدعم المتبعة من طرف الدولة في هذا المجال للنهوض به ولضمان استمراريته أمام زحف القرصنة والأقراص المدمجة وكذا القنوات التلفزية الخاصة بالأشرطة السينمائية. ويرجع ذلك أيضا إلى التطور الفني والتقني الذي أصبح يميز سواء المبدع السينمائي أو التقني المغربي. ولعل حضور السينما المغربية في عدة مهرجانات عربية ودولية ومشاركة العديد من التقنيين المغاربة في أفلام عالمية وحضور في الدورة العاشرة لمهرجان مراكش لأسماء لامعة في عالم السينما خير دليل على ما نقول. وقد تحققت هذه الطفرة خلال العشر سنوات الأخيرة التي عرفت خلالها السينما المغربية التطرق(بتفاوت من مخرج لآخر) لمواضيع اجتماعية وسياسية وأخرى جريئة خلفت ردودا متباينة. جرأة أحدثت أحيانا قطيعة “ابستمولوجية” مع الماضي السينمائي لتعلن عن توجه سينمائي جديد لا يعبر جله عن رضى المشاهد المغربي الذي يتطلع إلى فرجة سينمائية تعبر عن ذاته وأفراحه وثقافته ومعتقداته وقضاياه الوطنية والقومية. ورغم هذا التطور إلا أن القطاع السينمائي ببلادنا لازال يعاني من عدة معيقات بنيوية تستوجب خطة وطنية بعيدة المدى لتجاوزها ورفع التحديات المستقبلية. ومع اقتراب المهرجان الوطني للفيلم بطنجة الذي سيبتدئ من يوم 21 يناير 2011الى غاية 29 منه ، تطرح عدة أسئلة حول الأفلام المشاركة كما وكيفا: هل سنشهد في هذه الدورة تقدما على مستوى عدد الأفلام المشاركة مقارنة مع السنة الماضية التي عرفت بصعوبة مشاركة 15 شريطا طويلا أم العكس؟ هل سنرى تطورا في الأشرطة المشاركة على مستوى تقني وفني أفضل من السنة الماضية؟ أم ستقتصر الدورة على إمتاع الجمهور الحاضر بشريطين أو ثلاثة من بين الكل؟ هل سيأخذ بعين الاعتبار السينمائيين المغاربة الانتقادات الموجهة إليهم على مستوى المواضيع والمضامين المختارة، ليطرحوا بديلا سينمائيا نابعا من الواقع الاجتماعي والثقافي المغربي؟ أم سنشاهد مزيدا من الجرأة المجانية والقطيعة الفكرية والفلسفية مع المجتمع؟ من جهة أخرى، هل سيرقى مستوى النقاش الذي يدور عادة بعد العروض إلى المسؤولية والموضوعية خاصة الفكرية والفنية التي يتوخاها المتتبعون وعشاق السينما؟ هل ستحترم كل الآراء والأفكار والانتقادات الجادة من اجل تقييم موضوعي للأفلام وللمشهد السينمائي المغربي؟ أم سنرى كرنفالا من المدح المجاني ورمي الورود بين المشاركين مع بقاء الحال على ما هو عليه؟ على مستوى آخر، هل سيقدم لنا في هذه المرة المركز السينمائي المغربي إستراتيجية واقعية للنهوض الفعلي بالسينما المغربية التي لازالت إلى غاية اليوم لم ترقى إلى صناعة بكل تجلياتها كما هو الشأن في مصر وغيرها؟ هل سيجيب على كل الإشكاليات المتعلقة بالسينما المغربية وبنيتها التحتية وبتراجع القاعات ونسبة المشاهدة، ونزاهة لجنة الدعم، ومصالحة الإنتاج السينمائي مع المشاهد المغربي؟ أم أن الحديث سيتركز(بالتكرار) على التبشير بايجابيات القاعات الرقمية وإمكانيات حلها لمشكل العزوف عن السينما وقاعاتها؟ لا شك أن ما ستسفر عنه الدورة 12 هو الكفيل بالإجابة على كل هذه التساؤلات. والمأمول هو أن يقدم السينمائيون المغاربة إبداعات قيمة ومتميزة يجد الجمهور المغربي نفسه فيها و تشفي غليل محبي السينما خاصة في العالم العربي الذي ينتظر تألق السينما المغربية والتصاقها بمحيطها العربي.