من الأكيد أن السينما المغربية خلال العشرية الأخيرة أصبحت تحتل مكانة متميزة داخل وخارج المغرب، بفضل سياسة الدعم المتبعة من طرف الدولة التي أدت إلى الزيادة في الإنتاج السينمائي(15 فيلما طويلا ) وأيضا إلى التطور الفني والتقني. واليوم يتوفر المغرب على أزيد من 43 تظاهرة سينمائية من بينها 27 مهرجانا سينمائيا يتوزع بين الوطني والدولي . كما أن الأفلام المغربية حاضرة بقوة في المهرجانات الدولية وتتوج بجوائز. إضافة إلى تزايد الاستثمارات الأجنبية السينمائية بالمغرب. لكن هذا لا يعني أن الحقل السينمائي ببلادنا قد تخطى كل المعيقات ليضمن استمراريته وتطوره. بل موازاة مع ذلك برزت بعض الأزمات تتجلى في تراجع عدد القاعات و عزوف الجمهور وغياب المضامين الجادة، مع هيمنة بعض شركات الإنتاج على الساحة السينمائية. فمن المفارقات العجيبة انه في الوقت الذي يسجل فيه ارتفاع في الإنتاج تعرف القاعات تراجعا كبيرا(من 260 إلى 60 قاعة)، هذا التراجع صاحبه تراجع آخر في نسبة المشاهدة الذي يجعل من ارتفاع الدعم المالي للسينما لا يقابله ارتفاع في المداخيل، بحيث مازال هناك عجز مادي (90 بالمائة) بسبب العزوف عن قاعات السينما وإقفالها وبسبب ظاهرة القرصنة... بخصوص المضامين، اتسمت السينما المغربية في العشر السنوات الأخيرة بالجرأة في تناولها لعدة مواضيع كانت بالأمس من الممنوعات. جرأة فيها ما هو ايجابي لكن يطغى عليها السلبي الذي لا يراعي قيم المجتمع المغربي . فمع مطلع الألفية الثالثة شهد المغرب تحولات سياسية واجتماعية انعكست على الإبداع السينمائي، فظهرت أفلام تناولت الاعتقال السياسي مثل جوهرة لسعد الشرايبي، و درب مولاي الشريف لحسن بنجلون، و ذاكرة معتقلة لجيلالي فرحاتي. أو موضوع المرأة مع كيد النساء لفريدة بنليزيد، ومحاكمة امرأة لحسن بنجلون، والراكد لياسمينة كداري، أو الهجرة مع فوق الدارالبيضاء الملائكة لا تحلق لمحمد العسلي... لكن في المقابل طغت أفلام هجينة باسم الواقعية والحرية (الجنس،الابتذال، التطبيع،..)، تستجيب أحيانا لشروط التمويلات الخارجية ولعولمة لا تحترم ثقافة الآخر . أعمال تحاول تأسيس تيار يسعى إلى فرض ايديولوجيته على الوسط السينمائي من خلال الدعم المادي والمعنوي الذي يحظى به على حساب آخرين. نذكر مثلا لحظة ظلام و لولا لنبيل عيوش ، غراميات الحاج مختار الصولدي و كازا باي نايت لمصطفى الدرقاوي ، العيون الجافة لنرجس النجار و ماروك لليلى المراكشي و سميرة في الضيعة للطيف لحلو، و ملائكة الشيطان لأحمد بولان، ونانسي و الوحش و اكس شمكار لمحمود فريطس ، و ياسمين و الرجال لعبد القادر لقطع الذي يعد أول مخرج بدا بأفلام الإثارة مع شريطه حب في الدارالبيضاء. و أخيرا حجاب الحب لعزيز السالمي و كازا نيكرا لنورالدين لخماري . أشرطة أثارت حفيظة المواطن المغربي لمسها بأخلاقه ولعدم تمتعها بالعمق الفني و المعالجتي لصالح عقلية المردودية. و عليه فاليوم نحتاج إلى إستراتيجية سينمائية شاملة وواقعية تأخذ بعين الاعتبار المشاكل المطروحة الآخذة في التداعي ، وبتطلعات المتلقي المغربي العاشق لسينما وطنية حقيقية يرى فيها نفسه.