لكل داء دواء إلا الشيخوخة، كما يقول المثل العربي. لكن دراسة علمية حديثة جاءت لتفند هذا الاعتقاد السائد منذ آلاف السنين، حيث أظهرت أنه بإمكان إطالة عمر الإنسان. والأهم هو أن الباحثين بصدد اختبار عقاقير توقف زحف الشيخوخة. يحلم الكثيرون في حياة طويلة دون أن يفقدوا خلالها شبابهم وعنفوانهم أو رشاقتهم، حتى وإن كان عمرهم 70، 80 أو مئة عام. هذا الحلم، الذي لا يزال يراود الملايين في شتى أنحاء العالم، قد يتحول إلى حقيقة، وفق ما يعتقده بعض علماء الأحياء اختصوا في دراسة الشيخوخة وعواملها وأعراضها. ومن بين هؤلاء العلماء ريتشارد ميلار، الباحث في جامعة ميشيغين، الذي يقول: “في الماضي كان الناس يسخرون من أي عالِم يحاول البحث في مسألة الشيخوخة، ويعتبرون جهده مضيعة للوقت وأمرا غير مُجدٍ. فلا علاج للشيخوخة كما يقولون. لكن هذا كله قد تغير”. ويتابع بأنه وزملاءه من العلماء استطاعوا إطالة عمر الديدان والذباب والفئران والجرذان بشكل كبير عن طريق اتباع نظام غذائي معين ومن خلال الهندسة الوراثية واستخدام عقاقير جديدة. ويصر على أن الاعتقاد القديم بعدم وجود علاج للشيخوخة هو “اعتقاد خاطئ”. التجارب على الحيوانات تظهر تضاعف فترة عيشها وشملت الدراسة، التي أجراها الفريق العلمي الأمريكي، عددا من الكائنات الحية. وتبين من خلال التجارب، التي اُجريت في المختبرات مثلا على الديدان أو ذبابة الفاكهة، أن فترة عيش هذه الكائنات قد تضاعفت مقارنة بعمرها الطبيعي. كما أن نتائج التجارب على الفئران كانت ايجابية، وذلك من خلال إبطال هرمون النمو لديها، حسب أندريه بارتكه من جامعة إيلينوي، الذي يؤكد قائلا:” لقد تم إطالة عمر الفئران بمقدار 20 إلى 70 في المئة”. ويؤكد بارتكه أنه إذا ما تطبيق هذه العملية على البشر، فإن ذلك يعني إطالة عمر الإنسان ليصل إلى 150 سنة وهو في صحة ممتازة. ويوضح العالم الأمريكي أن “إبطال هرمون النمو يرتبط بانخفاض مستويات الإنسولين في الجسد”. ويضيف: “بالتالي يصبح الجسد أكثر حساسية للوضع الجديد ويتأقلم مع وجود قليل من الإنسولين فيه”. ويشدد أندريه بارتكه على أن تأثير ذلك على الجسد يشبه تأثير نظام غذائي دائم أو حمية مستمرة دون أي سكر. ويقول: “إن ذلك لا يطيل العمر فحسب، بل ويحسّن أيضا الوضع الصحي ككل وبشكل دائم”، لافتا إلى أن من شأن هذا التأثير أن يمنح “الإنسان حياة أطول وصحة ممتازة”. عقاقير ضد أعراض الشيخوخة وترتبط غالبية الأفكار، التي ناقشها العلماء لإطالة عمر الإنسان، بصفة مباشرة أو غير مباشرة بعملية التمثيل الغذائي، أو ما يسمى بالبناء والهدم للسكر في الدم، وهرمون النمو، اللذين يلعبان دورا كبيرا في حياة البشر. وتكمن عملية إطالة الحياة في إبطال هرمونات النمو، حيث يبدو للجسم ظاهريا أنه لا يحتاج إلى الكثير من السكر (أو الغذاء). وتتغير عملية التمثيل الغذائي: من الإحراق السريع للسكر والاستهلاك العالي للطاقة إلى عملية تشغيل مستمرة وحياة أطول. ولذلك فإن بعض الأدوية، التي يُقال عنها إنها تؤدي إلى إطالة الحياة، تساعد أيضا ضد اضطرابات التمثيل الغذائي كمرض السكري من النوع الثاني، وهو النوع الذي يظهر لدى المُسِنِّين أيضا. ويتم بالفعل في بعض المستشفيات في الوقت الراهن اختبار ما يسمى بالعقاقير المضادة للشيخوخة بغرض استخدامها في علاج مرض السكري. ويبقى أن يتم اختبارها على مدى عقود لإثبات إن كانت تطيل حياة الإنسان بالفعل. أما شركات الأدوية فعليها انتظار نتائج الأبحاث العلمية قبل تحقيق الأرباح المحتملة.