احتفل العلماء في المنظمة الاوروبية للابحاث النووية بانطلاق اضخم تجربة علمية في العالم باجراء تصادم بين الجسيمات على سرعات متناهية الكبر تكاد تقترب من سرعة الضوء في محاكاة للانفجار العظيم الذي نشأ عنه الكون. ويأمل العلماء في ان تميط هذه التجربة العملاقة اللثام عن طلاسم كونية منها منشأ النجوم والكواكب وماهية المادة المعتمة غير المرئية.ويقول احد العلماء المشاركين في التجربة انها انجاز فيزيائي وبداية حقبة جديدة. وأعلن المشرفون على “مصادم الهدرون الكبير” (LHC ) أنه تم استئناف تجارب صدم شعاعات البروتونات مع بعضها البعض مولدة طاقات فاقت ثلاثة أضعاف التجارب السابقة. وياتي استئناف تجربة الصدم المقررة بقوة 7 تريليونات الكترونفولت تمهيدا لبدء الابحاث المكثفة التي سيجريها الباحثون في “مصادم الهدرون الكبير” والتي ستستمر لمدة تتراوح بين 18 و 24 شهرا. ويأمل الباحثون في ان تؤدي هذه التجارب الى معرفة المزيد حول الانفجار الكبير الذي ينسب له تكوين الكون. ويقول جيدو تونيللي وهو احد العلماء الذين يعملون ضمن برنامج الابحاث التابع ل”مصادم الهدرون الكبير” ان “الاكتشافات الحقيقية ستكون عندما تسنح الفرصة والتجارب الى جمع مليارات الاشارات والمعلومات ودراستها قد تقدم معطيات جديدة او بروز جسيمات جديدة، ويعني ذلك ان الاكتشافات لن تحصل غدا وربما ليس في وقت قريب، وقد يستغرق الامر اعواما من البحث”. ومنذ اعادة العمل بالمصادم الذي صمم لانجاز تجربة محاكاة ظروف الانفجار الكبير، وصفت هذه الخطوة ب” الانجاز العظيم” بالنسبة لمن يعملون في هذه التجربة الفيزيائية العملاقة. وقد صمم “المصادم ” بشكل يسمح بصدم شعاعات البروتونات مع بعضها في محاولة لالقاء الضوء على طبيعة الكون ونشأته. ويعد مصادم الهدرون العظيم ” الذي تديره وكالة البحث النووي الأوروبية (سيرن) أكبر آلة في العالم سيتم من خلالها خلق ظروف مشابهة لتلك التي تمثل اللحظات التي اعقبت الانفجار العظيم. وتقع منشأة المصادم في نفق على عمق 100 متر تحت الارض في منطقة على الحدود الفرنسية السويسرية، ويستخدم المصادم 1200 من القضبان المغناطيسية الفائقة التي تقوم ب “لي” او تعديل دفقات البروتونات في اتجاهين متعاكسين حول الحلقة الرئيسة لنفق المصادم وبسرعة تقارب سرعة الضوء. وتتصادم دفقات البروتونات بعضها ببعض في نقاط موزعة في الحلقة الرئيسية بدفق طاقة هائل. وقد وضعت آلات “استكشاف” كبيرة على نقاط التقاطع، لتقوم بحساب حجم التدمير في هذه التصادمات وما تسفر عنه ، الامر الذي قد يسفر عن اكتشافات قد تغير افاق المعرفة الانسانية. ويبحث العلماء عن علامات ” بوزون هيجز”، وهي جزيئة دون ذرية تعد اساسية لفهمنا الراهن للفيزياء. اذ على الرغم من ان العلماء توقعوا وجودها( نظريا)، الا انهم لم يتمكنوا من تحديدها بعد. وكانت المنشأة قد أوقفت في سبتمبر،أيلول 2008 بعد تسعة أيام من تشغيلها بسبب عطل كهربي أسفر عن تسرب للهيليوم المسال المستخدم في تبريد العملية التجريبية وصولا لحرارة -271 تحت الصفر مئوية. وقد أنفقت الهيئة الأوروبية للبحوث النووية زهاء 40 مليون فرانك سويسري (24 مليون جنيه إسترليني) على الإصلاحات لإعادة الآلية للعمل.