دعا المشاركون في الندوة العلمية الأولى لمجلة “الإحياء”، مساء أمس الثلاثاء بالرباط، إلى انتاج إعلام ديني يحترم الخصوصية الدينية المغربية، التي تتخذ من المذهب المالكي والجمالية الصوفية والانفتاح الاجتماعي أساسا لها. وأبرز المشاركون، خلال اللقاء الذي نظمته الرابطة المحمدية للعلماء حول موضوع “من أجل إعلام ديني مغربي رائد: الواقع والرهانات والتحديات”، أن الحاجة ماسة إلى إعلام ينهل من النموذج المغربي، الذي يجمع ما بين الجمالية الصوفية والمقاصدية الشرعية. وأضافوا أن المجتمع المغربي “متعطش” لمنتوج إعلامي ديني يتجاوب وحاجياته، مشيرين إلى أن ” 58 بالمائة من المغاربة تحصل على أجوبة لقضاياها من المواقع الدينية الالكترونية”. من جهة أخرى، أبرز المتدخلون أن الخطاب الديني يعرف ركودا نظرا لعدم مواكبته للتطور الذي عرفه الخطاب الفكري بشكل عام في مجتمعات أخرى. وأوضحوا أن غياب التخصص في الاعلام الديني/ الاسلامي يعد من بين النقط التي تعاب على هذا الجنس الاعلامي. وأضافوا أنه كلما توفرت في الاعلام الديني المقومات والخصائص الشكلية والمضمونية اللازمة للجذب والنفاذ والاقناع، أصبح في إمكانه النهوض بدور فاعل في الحوار الديني والحضاري بين مختلف الشعوب والأمم بما يعزز شروط التواصل والتعارف بعيدا عن كل الصور النمطية السلبية المتبادلة. وسجل المشاركون أن نزوع وسائل الاعلام المعولمة لتحقيق أكبر قدر من الربح والانتشار الاستهلاكي أسفر عن زعزعة نظام القيم، وغذى العديد من الازمات الاخلاقية على الصعيد الكوني من خلال العمل على إعادة تشكيل الوعي الجماعي العالمي وتكييفه على نحو يناسب حاجات السوق. وخلصوا إلى أن “الاعلام سيف ذو حدين” وجب استخدامه وفق الطرق الصحيحة، لافتين الانتباه إلى الدور الذي يضطلع به في الإجابة على أسئلة جوهرية تهم “ماهية الانسان” و”علاقة المجتمع والسلطة” و”العلاقة بين المواطن والسلطة” و”البحث في المعرفة الحقيقية”. وفي مداخلة بالمناسبة، أوضح الباحث في الاعلام الديني السيد عبد الله أبوعوض أن الاعلام الاسلامي “لا يزال غير واضح المعالم”، ويتميز بعدم شموليته في تناوله للحياة العامة للناس. وفي نظر الباحث، فإن الممارسة الدينية الاعلامية لازالت في طور النشأة، نظرا لعدة أسباب يمكن تلخيصها في غياب الموارد المالية الكافية و”هيمنة وجوه أصبحت منهكة وغياب التجديد” مشيرا ، على صعيد آخر، إلى أن الولاياتالمتحدة تتصدر العالم من حيث عدد القنوات الفضائية الدينية بقيادة المحافظين الجدد. من جهتها، قالت المخرجة المتخصصة في الدراما الدينية السيدة هاجر الجندي، إن هناك “حاجة ماسة إلى إعلام ديني مغربي رائد”، مبرزة أنه” لا يمكن للاعلام ان يكون وسيلة للإصلاح وعمارة الأرض إلا إذا كان مستندا للروح السمحاء للدين الاسلامي الحنيف”. من جانبه أوضح الاستاذ عبد الله الوزاني، إعلامي متخصص في المجال الديني، أن الاعلام الديني بالمغرب كان يعاني من “فراغ” وأن الخطاب الذي كان سائدا كان يتوجه إلى شرائح من المواطنين ذات مستويات فكرية وعلمية متوسطة دون الاستجابة لحاجيات فئات المثقفين والمفكرين. وأضاف أن من بين الاكراهات التي تعيشها البرامج الدينية على القنوات المغربية ضعف ميزانيات الانتاج والبث في أوقات تكون فيها نسب المشاهدة ضعيفة. من جهته، أوضح الجامعي والاعلامي، السيد مصطفى الصمدي، أن البرامج الدينية لاتزال في بدايتها وأنه يلزم الانفتاح بشكل أكبر على الطاقات والكفاءات الفكرية التي يزخر بها المغرب. أما الاعلامي، إدريس الكنبوري، فتطرق إلى معايير اختيار المادة المكتوبة في الاعلام الديني المكتوب، مشيرا إلى تأثير الفضائيات الدينية على نسب قراءة الصفحات والملحقات الدينية بالجرائد والمجلات كما التجأت الصحف الوطنية إلى استشارات فقهية وتقديم آراء لعلماء دين مشارقة بدل اللجوء إلى الفقهاء المغاربة.