أيد علماء في الشريعة الإسلامية القرار الذي اتخذه وزراء الصحة العرب أمس الأربعاء بمنع المسنين والأطفال والمرضى من أداء مناسك الحج هذا العام بسبب مخاوف انتشار وباء إنفلونزا الخنازير، واعتبروه جائزا من الناحية الشرعية. وقال أستاذ مقاصد الشريعة الإسلامية والخبير في مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي الدكتور أحمد الريسوني إن هذا القرار “طبيعي وسليم” ووصفه بأنه “اختيار واقعي”. وأضاف الريسوني في حديث للجزيرة نت أن قرار وزراء الصحة العرب “جاء معتدلا، إذ لم يهمل وباء إنفلونزا الخنازير الآخذ في الانتشار، لكنه أيضا لكم يبالغ في المسألة إلى درجة ما كان ينادي به بعض المتعجلين من تعطيل للعمرة وإلغاء الحج”. وكان وزراء الصحة العرب قد قرروا أمس الأربعاء في العاصمة المصرية القاهرة منع الحج والعمرة عن كل من تفوق أعمارهم ال65 ومن يقل سنهم عن 12 عاما، وكذا عن المرضى للحد من خطورة انتشار فيروس (أتش1 أن1) المسبب لإنفلونزا الخنازير. وقال المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية حسين الجزائري في مؤتمر صحفي إنه تقرر أيضا استثناء مرضى السكري والضغط والكبد والكلى والسمنة المفرطة والأمراض الاستقلابية (أمراض التمثيل الغذائي). كما أكد وزير الصحة السعودي عبد الله بن عبد العزيز الربيعة أن وزراء الصحة العرب اتخذوا هذا القرار دون ضغوط دينية أو سياسية أو اقتصادية، مشيرا إلى أن من وضعوه هم خمسون عالما من مختلف الدول الإسلامية. ومن جهته قال العالم والداعية السعودي الشيخ عوض القرني في حديث للجزيرة نت إن مثل هذه القرار يجوز اتخاذه “إذا كان مبنيا على دراسة علمية حقيقية ترجح أن حج الفئات المذكورة سيشكل خطورة عليها أو يحتمل أن يشكل وجودها في الحج أو العمرة خطرا على غيرها”. وأضاف القرني أنه لا يعلم الحيثيات العلمية والطبية التي تم الاستناد إليها لاتخاذ هذا القرار، لكن إذا تبين من خلال بحث علمي حقيقي أن حج هذه الفئات يشكل خطرا على صحتها أو على صحة غيرها فيجوز اتخاذ مثل هذا القرار مؤقتا. ويقول القرني “أما إذا كانت هذه الفئات متساوية مع غيرها في الأمر، وليس هناك مزيد خطورة يشكلها سنها أو مرضها، فلا يجوز أن تفرد عن غيرها بحكم”. أما أمين مجمع الفقه الإسلامي الدكتور عبد السلام العبادي فقال في حديث لصحيفة عكاظ السعودية إن “الفقهاء يحترمون أهل الاختصاص” وإن الشريعة الإسلامية حرصت على حياة البشر وعلى منع كل ما يضر بصحتهم. وأضاف جوابا على إمكانية إصدار فتوى بمنع حج الأطفال والحوامل وكبار السن والمصابين بأمراض، إن المجمع لا مانع لديه “إذا اتفق العلماء والأطباء على ذلك”. ويأتي هذا القرار، في خضم ظهور دعوات طالبت بعدم استبعاد خيار عدم استقبال الحجاج القادمين من الخارج هذا العام في ظل انتشار إنفلونزا الخنازير. وتعالت هذه الدعوات بسبب ما وصف بالقلق من أن تصبح السعودية من أكثر الدول عرضة لأعلى نسبة خطر للإصابة بالمرض، نظرا للعدد الهائل من الحجاج الذين سيفدون خلال أيام معدودة من كل أنحاء الأرض. وقال وزير الصحة المصري الدكتور حاتم الجبلي إنه سيتم تحديد مراكز طبية معتمدة في مصر والسعودية من أجل الكشف عن الحجاج والمعتمرين، واستبعاد من لا تنطبق عليه الشروط منهم. وكانت وزارة الصحة السعودية أعلنت عن تشكيل لجنة علمية موسعة من الوزارة بهدف وضع إجراءات احترازية من مرض إنفلونزا الخنازير أثناء موسم الحج.