هتف كهل تونسي في قلب العاصمة المقفر بعد إعلان حالة الطوارئ والذي تحول الجمعة الى ما يشبه ساحة معركة بين قوات الامن ومتظاهرين يطالبون برحيل بن علي، “الشعب هب وبن علي هرب” و “عاش الشعب التونسي العظيم” قبل ان يمسك به عناصر الامن. من جانبه قال سالم البوعزيزي شقيق محمد البوعزيزي الشاب الذي اطلق انتحاره منتصف الشهر الماضي في سيدي بوزيد (وسط غرب) شرارة الاحتجاجات الدامية التي خلفت عشرات القتلى “الحمد لله ظهر حق اخي، ولم يذهب دمه هدرا”. واضاف “هم الذين قتلوه، النظام والسلطة” مؤكدا ان “اخي اصبح رمزا وانا لا اجد الكلمات للتعبير عما حصل اليوم”. وبعد يوم من الصدامات العنيفة غادر الرئيس التونسي زين العابدين بن علي تونس فيما اعلن رئيس الوزراء محمد الغنوشي تولي السلطة موقتا في البلاد التي تشهد اضطرابات دامية منذ نحو شهر. واعلن الغنوشي في بيان قرأه عبر التلفزيون الرسمي محاطا برئيسي مجلس النواب فؤاد المبزع ومجلس المستشارين عبد الله القلال، عن تسلمه الحكم “طبقا لاحكام الفصل 56 من الدستور” الذي يتناول “تعذر رئيس الجمهورية القيام بمهامه بصفة وقتية”. غير ان حمه الهمامي زعيم حزب العمال الشيوعي المحظور قال لوكالة الأنباء الفرنسية إن “ما حصل ليس دستوريا وهو محاولة من بن علي للالتفاف على هذه الانتفاضة الشعبية في حين ليس له الحق في تعيين من يخلفه على رأس الحكم”. ودعا “جميع الاطراف الى التشاور من اجل حماية هذا الانتصار وحتى لا يسرق من الشعب”. وفي السياق نفسه، قال القاضي المعارض مختار اليحياوي ان ما حدث اليوم في تونس “مؤامرة من ترتيب خارجي” معتبرا ان الغنوشي “بدأ بالكذب والاحتيال على الشعب والدستور”. واوضح ان الغنوشي “ليس له الحق في تولي الحكم” بموجب الدستور، مضيفا ان رئيس الوزراء “اشار الى رحيل موقت لبن علي فهل معنى ذلك انه سيعود؟ الصحيح ان بن علي تخلى عن الحكم ولا توجد حالة رحيل موقت وبالتالي كان يتعين ان يتولى رئيس مجلس النواب الحكم موقتا وتنظم انتخابات في غضون 45 يوما وان يسلم السلطة في أجل أقصاه 160 يوما بموجب الفصلين 56 و57 من الدستور”. واضاف “اطالب بالتصدي لهذه المؤامرة وعلى الجيش تحمل مسؤولياته واعادة الامور الى نصابها” في مواجهة “ترتيب خارجي منظم، اذ ان رحيل بن علي تم ترتيبه من الخارج”. واعتبر ان ما حصل “احتيال على الدستور والشعب التونسي الذي كسر الدكتاتورية بطريقة حضارية”. واوضح اليحياوي ان محمد “الغنوشي من سوسة (ساحل شرقي ومنطقة بن علي) وهذا ما سيخلق فتنة جهوية”. وجاء الاعلان عن مغادرة بن علي (74 عاما) والذي يحكم تونس بيد من حديد منذ 23 عاما، بعد ساعات من اعلان حالة الطوارئ عقب صدامات عنيفة شهدتها العاصمة التونسية ومدن اخرى، ورغم قراره حل الحكومة والدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة. ولم تحدد الوجهة التي قصدها بن علي، وهو اول زعيم عربي تطيح به انتفاضة شعبية. وقالت وزارة الخارجية الفرنسية إن الحكومة لم تتسلم طلبا من بن علي للمجيء الى فرنسا وانها ستتشاور مع الحكومة التونسيةالجديدة في حال تلقي طلب. وقال المتحدث باسم الوزارة “لم تتسلم فرنسا اي طلب لاستقبال السيد بن علي.” واضاف ” اذا قدم هذا الطلب فسترد فرنسا بالتشاور مع السلطات التونسية الدستورية.