على غرار الورطة التي وجد رئيس الحكومة الإقليمية لجزر الكناري، أنخيل فكتور توريس، نفسه غارقا فيها قبل أشهر بسبب تصريحاته المعادية لرغبة المغرب في استكمال ترسيم حدوده البحرية، قد يكون رئيس الحكومة المحلية لمليلية، إدواردو كاسترو، على موعد مع طوفان من المهاجرين غير النظاميين إذا ما قررت الرباط إبعاد عينيها عن الحدود البرية لمليلية كرد فعل على التحضير لفتح خط بحري مع الجزائر، وهو الأمر الذي بدأت أولى مظاهره أول أمس. وبعد هدوء طويل على الحدود البرية الفاصلة بين المدينة ذاتية الحكم الخاضعة للسلطات الإسبانية وبين التراب المغربي، تفاجأت السلطات الإسبانية الثلاثاء بمحاولة جماعية من طرف المهاجرين غير النظاميين القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء لاقتحام السياج الحدودي، وقدرت سلطات مليلية أعدادهم بنحو 150 شخصا تمكن 90 منهم بالفعل من تجاوز الأسلاك الفاصلة، وهي العملية التي شهدت إصابة 9 أشخاص. وتأتي هذه المحاولة مباشرة بعد إعلان رئيس الحكومة المحلية لمليلية عن الإعداد لمشروع ربط المدينة التي وصفها رئيس الحكومة المغربي سعد الدين العثماني مؤخرا ب"المحتلة"، بميناء مدينة الغزوات جنوب ولاية تلمسانالجزائرية، علما أن آخر محاولة جماعية لاقتحام السياج الحدودي للمدينة تعود لشهد غشت الماضي ولم يتمكن حينها سوى 30 مهاجرا من دخول المدينة بالفعل، حيث تعترف وزارة الداخلية الإسبانية بالتراجع الملحوظ لمثل هذه المحاولات خلال العامين الماضيين بسبب التنسيق الأمني مع المغرب. وتستعمل الرباط عادة ورقة المهاجرين غير النظاميين للتعبير عن سخطها من بعض مواقف وتصريحات جيرانها الشماليين، وهو الأمر الذي ينسحب على تصريحات إدواردو كاسترو الذي تحدث مؤخرا عن كون وزيرة الخارجية في الحكومة المركزية، أرانتشا غونزاليس لايا، "تدعم بقوة ربط مليلية بالجزائر عبر خط بحري، بسبب الأثر الاقتصادي الإيجابي لهذا المشروع على المدينة"، وهو الأمر الذي احتفت به كثيرا وسائل إعلام جزائرية. ورغم أن الحكومة المغربية لم تعلق رسميا على ما أورده كاسترو، إلا أن محاولة الاقتحام الجماعي تذكر بالأزمة التي غرقت فيها جزر الكناري خلال الأشهر الماضية بسبب أسوأ موجة للهجرة غير النظامية في تاريخها، والتي تلت تصريحات رئيس الإقليم يوم 22 شتنبر الماضي بخصوص خطوات المغرب لاستكمال ترسيم حدود البحرية بما يشمل السواحل الأطلسية المحاذية لأقاليم الصحراء، حيث وصف الأمر بأنه "احتلال محكوم عليه بالفشل"، متوعدا بالتصدي ل"النوايا التوسعية المغربية" على حد وصفه. لكن أنخيل فيكتور توريس سيغير خطابه تجاه المغرب شهرا بعد ذلك، بسبب أزمة المهاجرين التي عجزت الحكومتان الإقليمية والمركزية على التعامل معها، إذ سيلتقي القنصل العام المغربي في الكناري لطلب مساعدة الرباط في التصدي للمهاجرين غير النظاميين، كما سيعبر عن رغبته في زيارة المغرب لمناقشة هذا الموضوع، بل إنه سيعترف بسلطة المغرب على الأقاليم الصحراوية التي تنطلق منها زوارق الهجرة، بعدما كان يصف الأمر ب"الاحتلال".