أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية .. رأي المجلس العلمي جاء مطابقا لأغلب المسائل 17 المحالة على النظر الشرعي    بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية في إطار الاستعدادات لتنظيم مونديال 2030        إدارة حموشي تكشف عن تراجع قضايا تهريب العملات الأجنبية بنسبة 21%    وزير العدل يستعرض مستجدات مدونة الأسرة بخصوص الزواج والطلاق والأموال المكتسبة    هولندا: إدانة خمسة أشخاص في قضية ضرب مشجعين إسرائيليين في امستردام    آخرها احتياطيات تقدر بمليار طن في عرض البحر قبالة سواحل أكادير .. كثافة التنقيب عن الغاز والنفط بالمغرب مازالت «ضعيفة» والاكتشافات «محدودة نسبيا» لكنها مشجعة    البيضاء: توقيف أربعيني متورط في ترويج المخدرات    وزارة الدفاع تدمج الفصائل السورية    منيب: لجوء رئيس الحكومة للقضاء الاستعجالي لوقف الإضراب يكرس السلطوية وضرب الدستور    المغرب الفاسي يقيل المدرب "أرينا"    جمهور الرجاء ممنوع من التنقل لبركان    الصناعة التقليدية تجسد بمختلف تعبيراتها تعددية المملكة (أزولاي)    المغرب يستورد 900 ألف طن من القمح الروسي في ظل تراجع صادرات فرنسا    مراجعة مدونة الأسرة.. المجلس العلمي الأعلى يتحفظ على 3 مقترحات لهذا السبب    حركة النقل الجوي عبر مطارات المغرب ارتفعت ب30 في المائة هذا العام بحسب الوزير قيوح    اتفاقية لتدوير نفايات سجن تامسنا    الدورة العاشرة لمهرجان "بويا" النسائي الدولي للموسيقى في الحسيمة    العلوم الاجتماعية والفن المعاصر في ندوة بمعهد الفنون الجميلة بتطوان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية : البحاثة محمد الفاسي : مؤرخ الأدب والفنون ومحقق التراث    تفاصيل الاجتماع الأول لفدرالية الصحافة الرياضية بالمغرب    الشبكة الدفاع عن الحق في الصحة تدعو إلى التصدي للإعلانات المضللة    يوسف النصيري يرفض عرض النصر السعودي            توقيع اتفاقية بين المجلس الأعلى للتربية والتكوين ووزارة الانتقال الرقمي    أول دواء مستخلص من «الكيف» سيسوق في النصف الأول من 2025    الملك يشيد بالعلاقات الأخوية مع ليبيا    مجلس الحكومة يتدارس أربعة مشاريع مراسيم    أ. الدشيرة يفوت على ا. يعقوب المنصور فرصة الارتقاء للصدارة    "أفريقيا" تطلق منصة لحملة المشاريع    إلغاء التعصيب ونسب الولد خارج الزواج.. التوفيق يكشف عن بدائل العلماء في مسائل تخالف الشرع ضمن تعديلات مدونة الأسرة    ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    الإصابة بالسرطان في أنسجة الكلى .. الأسباب والأعراض    نظرية جديدة تفسر آلية تخزين الذكريات في أدمغة البشر        العصبة تكشف عن مواعيد مباريات الجولة ال17 من البطولة الاحترافية            مستشار الأمن القومي بجمهورية العراق يجدد موقف بلاده الداعم للوحدة الترابية للمغرب    برقية تعزية من الملك محمد السادس إلى أفراد أسرة المرحوم الفنان محمد الخلفي    الإعلان عن تشكيلة الحكومة الفرنسية الجديدة    عودة نحو 25 ألف سوري إلى بلدهم منذ سقوط نظام الأسد    الصين تكشف عن مخطط جديد لتطوير اقتصاد الارتفاعات المنخفضة    وعكة تدخل بيل كلينتون إلى المستشفى    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    المغرب يشارك في أشغال الدورة الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب بالرياض    اختطاف المخيم وشعارات المقاومة    تقديم «أنطولوجيا الزجل المغربي المعاصر» بالرباط    إعلامية فرنسية تتعرض لتنمر الجزائريين بسبب ارتدائها القفطان المغربي    إدريس الروخ يكتب: الممثل والوضع الاعتباري    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعلام الجائحة وجائحة إعلام التخويف
نشر في أنا الخبر يوم 27 - 09 - 2020

جوائح هي أبرزتها وأفرزتها جائحة كورونا المستجد، اختلالات وتخليات أعطتها الجائحة ألوانها الحقيقية القاتمة وأشكالها الجاثمة، وضمن ذلك برزت جائحة الاعلام فشاهدنا ونشاهد عواصف باردة وعواطف جامدة تتجول عبر واجهة الاعلام واستمعنا ونستمع لها، وقرأنا ونقرأ لها وعنها …
ينبغي التأكيد في البداية ألا مجال للتعميم، فالإشراقات والاستثناءات على قلتها كبيرة بتحديها للسائد وللأكثر انتشارا؛ بل إن أغلب أسباب جائحة الإعلام مفروضة عليه من خارجه.
الإعلام الذي روض الجائحة..
إعلام الجائحة وبالأصح حول الجائحة لم يتعامل معها كحدث ننتظر أن يكون عابرا وأن ينتهي قريبا. لم يخضع لها ، بل شيّد أنفاسا لمواجهتها ، وقبل ذلك عمل على تفكيكها وتحليل ما برز منها آنذاك، بما يسعفه على بناء استراتيجية مهما كان صغرها أو ضيق مساحتها ومحدودية أهدافها … المهم أنه تمكن من ترويضها ، بعد وعيها وعقلها، ومقاربة دور العمل الإعلامي في تجسيد ذلك الوعي والعقل.
من أسس الإعلام المهني التجديد المنتظم لأنه يتعامل مع الواقع ومستجداته وتطوراته ، ومع الحاجيات والأولويات المتجددة للمتلقين ويتجنب الانغماس في تقاليد ثابتة للعمل وفي محافظة ما على ما درج عليه…
وقد اختبر قدوم الجائحة بالطريقة التي جاءت بها والتوقيت الذي جاءت فيه توفر مؤسسات الإعلام على سيناريوهات الاستعداد للطوارئ والإعداد لتدبير الأزمات، ولعل مسافات مازالت تفصلنا في المغرب والمنطقة العربية عن هذه الثقافة.
الدهشة التي طالت والاندهاش الذي استطال..
تسبح حتى أصغر الرسائل الإعلامية، خلال الزمن العادي ، في حضن الأهداف المحددة والتوجهات الاستراتيجية والسياسية التي تتم بلورتها بناء على الدراسة والتحليل والرصد للانتظارات والاتجاهات والخصوصيات…فما بالنا بحالة استثنائية، لا قبل للعالم بها مثل جائحة كورونا المستجد … ولذلك ألح ويلح العديد من المتلقين على تقديم مقارنات بين إعلامنا والإعلام الغربي الذي يتزايد حضوره لديهم.
لقد طغى عندنا تدبير الإعلام يوما بيوم، إذ لم يتم اعتماد لا تخطيط ولا دراسة وتتبع، ولا ابتكار أساليب جديدة لمضامين مستجدة. ولئن كان من الصحيح أن أغلب القطاعات غرقت في تدبير يومي وارتجالي لأزمة كورونا المستجد، فإن الإعلام لعدة أسباب ومنها أنه عمل في الواجهة ما انفك يبدو معطوبا ومسلوبا أكثر بذاك النوع من التدبير. ولم يستفد من مرور ما يزيد عن سبعة أشهر على الجائحة، ويستمر اندهاش وتيه غالبية إعلامنا إزاءها.
ولا ينفي هذه الخلاصة كون السلطات استعملت الإعلام والتواصل في بداية الجائحة لتيسير نوع من المصالحة مع فئات من الشعب، لتقبل الإجراءات والقادة والمسؤولين، وحاولت استعمالهما لخلق ثقة مفتقدة أو على الأقل مقدمات لها حسب الحالات، لا سيما مع الارتباك و وقع المفاجأة الذين اصطك بهما صناع القرار…
والاستثناءات القليلة التي وقعت في هذا الصدد تؤكد القاعدة، وأبرزها الاستفادة من بعض القنوات السمعية البصرية العمومية لدعم التعليم عن بعد؛ وذاك يطرح من جهة أخرى أسئلة وظائف وحتى وجود بعض القنوات الإعلامية وهي التي تكلف الميزانية العمومية ما تكلف …
فيروس إعلام التخويف..
ليس لجائحة إعلامنافيروس واحد، بل عدة فيروسات وأمراض انضاف الجديد منها إلى القديم، سواء في المحتويات أو في الأشكال والأساليب أو في الاختيارات والتوجهات أو في التدبير والتسيير.
ونتوقف هنا عند أحد أعراض مرض المضمون؛ من خلال نموذج إعلام الخوف والتخويف.
فقد ساهم بعض إعلامنا في نشر فوبيا كورونا بالتركيز على التهديد والتنديد؛ وكثيرا ما يردد ذ مصطفى الشكدالي الخبير في علم النفس الاجتماعي قوله "التنديد لا يصاحبه عادة التفكير"؛ بينما إن فقد الاعلام التفكير والتأمل والدراسة أصبح تهريجا وبهرجة …
كما ساهم في "رهاب كورونا" ترويج الغموض المركب إزاء الفيروس؛ فغموض بعض جوانب وقضايا الفيروس كانت ولازالت واقعا مميزا لتعاطي العلم والطب معه، بسبب غياب أجوبة حاسمة على أسئلة مهمة مثل كيف ينتشر الفيروس؟ إنما الغموض المركب هو الذي يضيف للمجهول المحيط بالفيروس والاستفهامات المعلقة حوله " الزيادة في العلم " والمزايدة عليه بأدوات الجهل وخطابات الادعاء.
في حين انضاف للإعلام دور المرافقة النفسية التي لا يمكن أن تتم دون الاعتماد على المعرفة؛ فالمعرفة وحدها تقلص من الخوف المرضي وترسي الخوف العادي بقدره الإنساني الذي يقترن عادة باتخاذ الاحتياطات والاستعداد للمواقف والحالات؛ وثقافتنا تحث على "للي خاف نجا"، و"الخوف أو الهروب من التيساع رجلة " تأكيدا للفوارق بين الشجاعة والتهور، وبين الحذر والهلع ، والموازنة بين الإقدام والإحجام …
لا أخاف إلا من الخوف..
فالمبالغة في أي شيء تقلبه إلى ضده. يقول نفس الخبير: "لا يعذر أحد بجهله لنفسه " فهو يحور مقولة "لا أحد يعذر بجهله للقانون " للتأكيد بأن معرفة الذات قبل معرفة القانون… ويمكن ان نوسع هذه القاعدة لتشمل المجتمع بما فيه الدولة لنستخلص بأن القانون والأمن وحدهما لا يكفيان، وما ينتجانه من ردع وزجر، تكون لهما أحيانا نتائج عكسية وليس فقط نتائج سلبية جانبية.
وعندما يغرق المواطن في خطابات التهديد والتخويف في الشارع، ويدخل لبيته فتهاجمه نفس الخطابات عبر شاشات وأمواج وصفحات أجهزة الإعلام، أفلا يصاب بالفزع والهلع ثم بالفوبيا. وتزايد حالات الاكتئاب والذعر والرهاب والشعور بالقهر وغيرها، لاسيما وسط الأطفال خطير على مستقبل البلاد.
والحال أن بعض الإعلام بالغ في تبني وتصريف المقولة التسلطية " ك يخافو ما يحشموا " وزاغ عن أدوار التنبيه والحث على الحيطة والحذر… وأنى لإعلام خائف أو متخوف أو مخوف أن يصد الخوف.
يفرض التعامل مع ذكاء المغاربة لا مع غرائزهم الابتعاد عن تطرفي التهويل والتهوين؛ والوعي بأن الإعلام لم يعد منذ مدة طويلة أداة للإبلاغ والتبليغ فقط، بل أصبح مساحة للتواصل وساحة للحوار و واحة للاتصال والتفاعل.
علما أن من أولى دروس الجائحة عالميا ووطنيا إثباتها أن صلاحية بعض الخطابات ومنها خطاب التخويف محدودة التأثير ومعرضة للتلف السريع، وأنها خلفت وتخلف أحيانا انعكاسات غير منتظرة و ردود فعل سلبية … لا سيما مع طول عمر الجائحة غير المتوقع. مما يتطلب أن نتبنى جميعا مقولة " لا أخاف إلا من الخوف "…
× باحث في الإعلام والتواصل والمساءلة المجتمعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.